سيكون من الممكن التعامل مع زيادة سعر الفائدة بـ 2 في المائة في بيئة من النمو المرتفع، لكن آفاق النمو في اليابان ستنحدر في الأرجح مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية طويلة الأجل. يكاد يكون من المؤكد أن الدين الحكومي الهائل في اليابان يقيد الخيارات المتاحة لصناع السياسات في إدارة النمو طويل الأجل. لكن في ضوء القدرة الضريبية التي تتمتع بها الحكومة وإمكانية تقليص الديون من خلال التضخم، فسيكون من السهل إدارة هذه المشكلة. السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت نقاط ضعف حقيقية تعيب القطاع المالي قد تظهر إلى السطح إذا استمر التضخم في الارتفاع ووصلت أسعار الفائدة الحقيقية في اليابان إلى نظيراتها في الولايات المتحدة. كان هذا هو المعيار خلال القسم الأعظم من العقود الثلاثة الأخيرة، حتى على الرغم من أن توقعات التضخم أقل كثيرا مما هي عليه في الولايات المتحدة حاليا. الخبر السار هنا هو أن التوقعات اليابانية فيما يتصل بالتضخم القريب من الصفر أصبحت راسخة بعد ثلاثة عقود من معدلات الفائدة شديدة الانخفاض، وإن كان من المحتمل أن تتغير إذا تبين أن الضغوط التضخمية اليوم باقية لفترة طويلة. أما الخبر غير السار فهو أن استمرار هذه الظروف قد يدفع بسهولة بعض المستثمرين إلى الاعتقاد بأن أسعار الفائدة لن ترتفع أبدا، أو على الأقل ليس بدرجة كبيرة. وهذا يعني أن الرهانات على بقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة نسبيا قد تصبح متفشية في اليابان، كما كان الحال في المملكة المتحدة سابقا. في هذا السيناريو، قد يتسبب مزيد من إحكام السياسات النقدية في تفجير الأمور، ما يؤدي إلى إيجاد حالة من عدم الاستقرار ويضيف إلى مشكلات الميزانية الحكومية. تعد إيطاليا مثالا آخر على المخاطر الكامنة. من نواح عديدة، كانت أسعار الفائدة شديدة الانخفاض الغراء الذي يربط منطقة اليورو معا. كانت الضمانات المفتوحة للديون الإيطالية، بما يتفق مع وعد ماريو دراجي رئيس البنك الأوروبي المركزي السابق في 2012 بفعل "كل ما يلزم"، رخيصة عندما كان بوسع ألمانيا أن تقترض بأسعار فائدة تقترب من الصـفر أو سلبية. لكن ارتفاعات أسعار الفائدة السريع هذا العام غيرت هذه الحسابات. اليوم، يبدو أن الاقتصاد الألماني أشبه بما كان عليه في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، عندما أطلق بعض المراقبين على ألمانيا وصف "رجل أوروبا المريض". ورغم أن أوروبا تعد جديدة نسبيا على أسعار الفائدة شديدة الانخفاض، فيجب أن يشعر المرء بالقلق من أن تكشف موجة مستمرة في إحكام السياسات النقدية عن جيوب هائلة من الضعف، كما حدث في اليابان. إذا لم يصاحب الركود العالمي أزمة مالية، فمن المحتمل بدرجة معقولة أن تكون دورة الانكماش الاقتصادي المقبلة أكثر اعتدالا من المتوقع. وفي بيئة تتسم بالنمو السلبي، والتضخم المرتفع، وزيادة أسعار الفائدة الحقيقية، ستكون هذه نتيجة سعيدة للغاية. خاص بـ "الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :