سفر جميل ورشيق في ثنايا رحاب الحرف الذي لا يخفت بريقه، يأتي بوجهه المشرق ليسعد القلوب بالجمال، فهناك العديد من الكُتُب ترى وأنت تغرق في بحر قراءتها ما بين المدِّ والجزر أن عنوان الكتاب كان معبراً تماماً عن مضمونه، يشعل جذوة الفكر، مبلوراً ما احتوت صفحاته وهذا الوصف ينطبق على كتاب: «حديث الشفق»، الصادر عام 2013م في طبعته الأولى، للشاعر والأديب سعد بن عبدالله الغريبي، صاحب العطاء المثمر، وغزارة الإنتاج، وتعدد المواهب، الذي جسّد من خلاله العديد من الخواطر التي تمثل وقفات مع التأملات الوجدانية والاجتماعية والتربوية والأدبية. فكرة الكتاب لكل كتاب قصة، تبدأ من فكرة في مخيلة المؤلف حتى تنتهي، وعن فكرة الكتاب وسبب تسميته بهذا العنوان يقول المؤلف: «الشفق» هو الحد الفاصل بين النهار والليل نهار السعي والتفاؤل والأمل وتحقيق النجاحات ، وليل السكن والسهر وانتظار الصباحات.. تغنّى به الشعراء، وانتظره العشاق، وتأمل صورة الكون عند حلوله الرسامون والمبدعون. ومع كثرة الموضوعات التي تناولها هذا الكتاب وتنوعها فإن «الشفق» كان حاضراً في بعض المشاهد، فتارة يكون هو الوقت الذي كان فيه الحديث، وتارة يكون هو موضوع الحديث. من أجل هذا اخترت عنوان «حديث الشفق» لكتابي مع علمي أنه لا يمكن لأي عنوان أن يعبر بدقة عن كتاب بهذا التنوع في موضوعاته فهو يضم بين دفتيه خواطر شتى كتبتها في فترات مختلفة ومتباعدة، وظروف متعددة ومتباينة، تمثل آراء ومشاهدات وتأملات في الطبيعة والخلائق. من هذه الخواطر ما يتناول موضوعات عامة، ومنها خواطر وجدانية واجتماعية وتربوية، وخواطر أدبية وثقافية، وخواطر سياحية. وربما جاءت الخاطرة على شكل وصف رمزي أو نظرة ذات بعد فلسفي، وربما جاءت على شكل قصة قصيرة وحكاية طريفة، أو حوار هازل أو جاد كائنات حية أو جمادات لكنها لا تخلو من هدف واضح مهما تنوع الأسلوب أو الموضوع. وقد حاولت أن أرتب الكتاب بحيث تبدو الموضوعات المتشابهة متجاورة، لكن دون أن أضع فواصل بين كل قسم وآخر اعتماداً على فطنة القارئ واختياره لتصنيف الموضوع الذي يقرؤه. وهذا التقسيم غير المرئي هو ما جعل الموضوعات تتفاوت طولاً وقصراً بحيث يمكن أن ينتقل القارئ من موضوع متعدد الصفحات إلى موضوع لا يتجاوز بضعة أسطر حتى لا تغري الموضوعات القصيرة -إذا تتالت- القارئ بالابتداء بها أو ربما الاكتفاء بها.
مشاركة :