احتفت مدينة تطوان المغربية بالشاعر علي العامري، في أمسية نظمها اتحاد كاتبات وكتّاب الشمال، ومكتبة أغورا. وأدار اللقاء الذي حضره حشد من عشاق الشعر وعدد من الكُتّاب والأدباء والنقاد، الشاعر والمترجم والناقد الدكتور مزوار الإدريسي. وتضمنت الأمسية التي استمرت ساعتين قراءة شعرية وحواراً مع الحضور وسط آلاف الكتب باللغات العربية والفرنسية والإسبانية والإنكليزية والألمانية التي تضمها المكتبة. بدأت الاحتفالية بكلمة ترحيبية بالشاعر والحضور ألقاها صاحب المكتبة ومديرها عبد العزيز السباعي الذي أكد على أهمية دور المكتبة بوصفها فضاء ثقافياً يسهم في التشجيع على القراءة وتعزيز مكانة الكتاب في الحياة اليومية، وتوفير مصادر المعرفة للباحثين في مختلف المجالات. وأشرفت المديرة التنفيذية للمكتبة، ومؤسِّسة الصالون الأدبي مي زيادة، ونادي عبد القادر الشمشام الثقافي، الشاعرة والكاتبة القصصية، العزيزة الشمشام، على الإعداد للأمسية وفق تقاليد المدينة العريقة والواقعة في أقصى شمال المغرب، واصفة الحضور بأنه "جمهور نوعيّ" حضر من مختلف المدن والبلدات للاحتفاء بالشاعر. وفي تقديمه للأمسية التي أقيمت في مكتبة أغورا في تطوان، في الثاني من فبراير/ شباط 2022، استعرض مدير اللقاء ملامح من تجربة العامري الشعرية، مشيراً إلى أثر التهجير القسري الذي تعرضت له عائلته من بيسان الواقعة في شمال فلسطين، نتيجة للاحتلال الإسرائيلي في العام 1984. وقال إن الشاعر وُلد في قرية وقّاص في الأردن، ونشأ وترعرع في قرية القليعات الحدودية المحاذية لنهر الأردن، وقبالة أرض أجداده، موضحاً أن لذاكرة الطفولة أثراً جليّاً في تجربته الشعرية، فضلاً عن الحياة اليومية والترحال، خصوصاً أنه شارك في كثير من المهرجانات الشعرية الدولية، وتُرجمت قصائد له إلى 11 لغة. وتحدّث الدكتور مزوار الإدريسي عن فضاء المكتبات ودورها في الفعل الثقافي، مُخاطِباً الحضور "أنتم اليومَ تُعاينون رأيَ العينِ ما أصبحت عليه المكتبة من فضاء للّقاء بين الكاتب في شخص ضيفنا الشاعر علي العامري، وفي شخص الكِتَاب في صيغة شفهيّة أثيرية، وفي صيغة القارئِ في شخص حضوركن وحضوركم الكريم بين دفّتي هذه الرفوف، لائذاتٍ ولائذين من البرد بدفء الكلمات في نقائها الشعري الراقي، بجلوسنا اليوم إلى إنسان متفرّد، ومبدع متعدّد، قادم من متعدّد، ويحيا في تجدّد". وقرأ علي العامري خلال الأمسية قصائد من دواوينه الثلاثة "هذي حدوسي.. هذي يدي المبهمة"، و"كسوف أبيض"، و"خيط مسحور"، فضلاً عن قصائد جديدة، من بينها "مجنون التل" التي قال إنها جزء من كتاب شعري يجمع بين ذاكرة الجد في فلسطين، المكان الأول، وذاكرة الحفيد خارج فلسطين، في مختلف الأمكنة. وفي الحوار قال العامري إن "شمس المغرب تشرق الآن علينا جميعاً"، مشيراً إلى العمق التاريخي للمغرب ثقافياً وحضارياً، من خلال تواصل الفعل الثقافي وإصدار الكتب والترجمة والعبقرية المعمارية التي تجمع بين العناصر الأندلسية والمغربية. وأوضح أن كتاب عبد الكبير الخطيبي "الاسم العربي الجريح" من أبرز الكتب التي أثّرت مبكّراً في تكوينه المعرفي، إذ فتح له الكتاب أبواب الأسئلة والبحث والاستكشاف. كما تحدث عن مكانة العليا للشعر في وجدان الشعوب وفي الصياغة المتجددة للحياة، موضحاً الأسباب التي تقف وراء تقدم مكان السرد الروائي في خريطة الانتشار حالياً، مثل غياب دور الجدة الساردة، واستثمار الغرب الأوروبي والأميركي للروايات العربية لقراءة مجتمعاتنا من الداخل عبر عدسة المستعمِر، بعدما تراجع الدور القديم للمستشرقين. كما أشار إلى توجيه الغرب لعدد من الروائيين العرب للكتابة في موضوعات ليست بريئة، إذ إنها تستهدف الطعن بمقومات الهوية الثقافية وتنوعها، وتستهدف رموزاً فكرية وأدبية وتاريخية، كما تستهدف زعزعة الدفاع عن الحقوق الوطنية والتحررية للشعب الفلسطيني، فضلاً عن استهداف القيم الإنسانية والانقلاب عليها. وفي نهاية الأمسية كرّم اتحاد كتّاب وكاتبات الشمال ومكتبة أغورا في تطوان مدير تحرير مجلة "الناشر الأسبوعي" والعضو المؤسس لجمعية عرزال للثقافة والفنون في الأردن، الشاعر علي العامري، الذي تسلّم "درع القدس وتطوان" من الدكتور يوسف الفهري. كما تسلم كتباً من إهداء عدد من الأدباء والمترجمين المغاربة. وتضمنت الاحتفالية التطوانية بالعامري جولة في المدينة القديمة التي تحتفظ بروحها الأندلسية، وزيارة لنادي عبد القادر الشمشام الثقافي، والصالون الثقافي مي زيادة، وقدمت مؤسِّسة النادي والصالون الثقافي، الأديبة العزيزة الشمشام هدية تذكارية لمنسق الحركة العالمية للشعر في الأردن، علي العامري. كما شملت الاحتفالية زيارة لمدينة مرتيل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وموقع المدينة الأثرية تمودة التي تقع على الضفة اليمنى لوادي مرتيل، وتعود إلى عصر المملكة المورية، قبل أن تشهد الحقبة الرومانية.
مشاركة :