دروس قيادية من يعقوب عليه السلام

  • 2/10/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مقالة اليوم تحاول أن تستعرض عدداً من الدروس القيادية من سيرة يعقوب عليه السلام وهي: الصلابة النفسية: رغم كل الظروف الصعبة التي مرت على يعقوب عليه السلام إلا أنه ظل صامداً ولم ينهار. ففي الظروف العادية عندما تفقد ابنك الأصغر وعلى يد بقية أبنائك، وتفقد من بعدها ابنك الثاني بتهمة السرقة وابنك الآخر الذي قرر أن لا يعود، ناهيك عن حال الجدب والفقر الذي أصاب المنطقة، ومع ذلك كله كان يعقوب عليه السلام صابراً أو كما في لغة المصطلحات العلمية يتمتع بالصلابة النفسية Psychological hardiness أو صلابة الشخصية Personality hardiness وهو مصطلح ظهر للوجود عام 1979م على يد الباحثة سوزان كوباسا والتي أشارت إلى أنه سمة من سمات الشخصية التي ميّزت المدراء والرؤساء التنفيذيين الذين ظلّوا يتمتعون بصحة جيدة رغم ما تعرضوا له من ضغوطات الحياة مقارنةً بأولئك الذين عانوا المشكلات الصحية بسبب الظروف. وقد يتساءل البعض ماذا عن فقدان يعقوب عليه السلام لقدرته على النظر من حزنه حتى أبيضت عيناه؟ في الواقع أنه قياساً على كل تلك الظروف فقد كان يعقوب عليه السلام متماسكاً وواعياً لما حوله وفي كامل القدرة على إعطاء التوجيهات والنصائح لأبنائه. وفي عالم اليوم أصبحت هذه القدرة على الصبر والصلابة النفسية من القدرات اللازمة لأي قائد يطمح للنجاح. وفي حالة يعقوب عليه السلام فمن أعظم العوامل التي ساعدته كانت حسن الظن بالله والتفاؤل في أصعب الظروف. حسن الاستماع والتواصل الفعال: رغم مكانة يعقوب عليه السلام كنبي من أنبياء الله وكأب نجده يتواصل بفعالية ويتحاور مع أبنائه ابتداءً من يوسف عليه السلام وتفسير رؤياه وحتى في حواره مع أبنائه أكثر من مرة. الجدير بالملاحظة أن يعقوب عليه السلام لم يتمسك برأيه ويفرضه بالقوة بل كان يستمع ويناقش ويسمح لأبنائه بتنفيذ ما يطلبونه بعد وضع الشروط من جانبه. وهذا هو حال القائد الناجح الذي لا يعزل نفسه أو لا يتحاور مع أتباعه وفريقه بل يحرص على الاستماع الجيد واتخاذ أفضل القرارات بناء على المعطيات والمعلومات المتاحة. حماية الكفاءات والحفاظ عليها: نصح يعقوب ابنه يوسف عليهما السلام ألا يقص رؤياه على إخوته لكي لا يكيدوا ويغاروا منه أكثر. ورغم أن الجميع أبناؤه إلا أن يعقوب عليه السلام استطاع أن يستشعر الخطر وعمل على حماية ابنه يوسف. ونفس الأمر حصل مع الأخ الأصغر وحتى بقية أبنائه عندما أمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة. ومن الطبيعي في بيئات العمل أن يتعرض المميزون إلى مضايقات وحروب علنية وخفية. وهنا يكمن دور القائد في الدفاع عن الكفاءات وحمايتها وخلق بيئة عمل تدعم الإنجاز خالية ما أمكن من الآثار السلبية لهذه النزاعات والصراعات. ويمكن إلى حد ما قياس ذلك بما يسمى في علوم الإدارة بمعدل دوان الموظفين Turnover Rate ومعدل الاحتفاظ بالموظفين retention rate . الصبر على أذى الأتباع: رغم أن يعقوب عليه السلام نبي وأب ومع ذلك فقد كان أبناؤه يقولون من ورائه أن أباهم في ضلال مبين ويتهمونه بأنه يحب يوسف وأخاه أكثر منهم. وفي ذلك درس مهم أنه لن يسلم أي قائد أو مسؤول من الانتقاد مهما فرش الأرض بالورد وبنى ناطحات السحاب. فمن مكارم الأخلاق أن يتسامى القائد عن كل ذلك ويبيح موظفيه وأتباعه. لكن الشرط الأساسي هو عدم تأثير ذلك على العمل والطاعة الاحترام. فنجد أن إخوة يوسف رغم مضي السنوات كانوا يستأذنون أباهم ويعملون بشروطه في المختلفة ويمتثلون لأمره. فإهمال هذا التوازن المهم من شأنه أن يقود لحالات الفوضى والتسيب. المبادرة والإجراءات الاستباقية: في المواقف المختلفة كان يعقوب عليه السلام يحرص على توجيه أبنائه بشكل استباقي لدرء المشكلات التي يمكن أن تقع كنصيحته ليوسف عليه السلام بألا يقص رؤياه أو أمره لبنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة. وحس المبادرة كان حاضراً وهو يأمر أبناءه أن يتحسسوا من يوسف وأخيه حيث كان يجد ريح يوسف. وهذه السمة القيادية مهمة جداً في العالم المعاصر والذي صار فيه الاكتفاء بردات الفعل يكلف المنظمات الكثير من المخاطر والتكاليف. ويبقى الدرس الأخير اليوم وهو العفو والمغفرة فعندما اعترف إخوة يوسف بأخطائهم وسألوا أباهم أن يستغفر لهم الله أجابهم بأنه سوف يستغفر لهم رغم كل الأذى والمحن التي مر بها بسبب أفعالهم.

مشاركة :