اللحمة الوطنية التي تتجلى في كثير من المواقف الصعبة، تأتي دائما أبلغ وأقوى رد على من يحاولون الاصطياد في المياه العكرة، بعدما اعتادوا على السباحة فيها، لأنهم غير قادرين على مجاراة الآخرين في مودتهم وتآخيهم، وحرصهم على أمن واستقرار أوطانهم. حي محاسن في الأحساء، يشهد على مدى التعاون بين رجال الأمن الأبطال، والمواطنين المخلصين لدينهم ثم وطنهم، وهم يرسمون لوحة وطنية أدهشت كل ما تابعوا مجريات إجهاض محاولات انتحاريين من الدخول إلى مسجد الرضا، الذي كان مكتظا بالمصلين، فأسهموا جميعا في تقليل الخسائر البشرية، توضحها لقطات رائعة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، لتصل إلى أصقاع المعمورة، وتقول لكل من في قلوبهم مرض: «الوطن أغلى من الأنفس، وفوق كل الشعارات، ويبقى شامخا ونفنى من أجله». انضمام أعداد كبيرة من المواطنين في «محاسن» إلى رجال الأمن للسيطرة على الموقف، والقبض على الإرهابيين، وإنقاذ المصابين، قل أن يوجد في بلدان أخرى، ما يبرهن أن المواطنين في المملكة على قلب رجل واحد، لا يمكن أن تؤثر فيهم ترهات الصغار ومحاولاتهم العبثية، حتى وإن اختلفت التوجهات والأفكار، إلا أنها تتفق دائما على حب الوطن، والحرص على حماية أرضه، والولاء بعد الله لقيادته. الحادث الإرهابي في «محاسن» ما هو إلا قليل من كثير، عندما يأتي الحديث عن إخلاص المواطن السعودي لوطنه وقيادته، فالربيع العربي الذي مر على كثير من البلدان، مزق وحدتها وشتت شعوبها، وأهلك أهلها، ودمر ممتلكاتها، ولا زالت حتى يومنا هذا تعيش الفوضى والصراعات وعدم الاستقرار، بل وذهب برؤساء وأتى بآخرين يحاولون إصلاح ما جاء به ربيعهم العربي، أما نحن في السعودية، فالشعب الذي راقب ما يحدث من حوله من نزاعات، ضرب أروع مثل وأبهر شعوب العالم، وهو يزداد تماسكا، ملتفا حول قيادته، ومؤكدا أن المملكة لا يمكن لها أن تتأثر بهذا الربيع أو غيره، وإنما يزيدها قوة وثباتا من أجل وحدة الوطن وأمنه واستقراره. المراقبون في مختلف العالم كانوا ولا زالوا يتابعون الصراعات والأعمال الإرهابية في بعض الدول، وكانت توقعاتهم تصيب الهدف إلى حد ما، إلا أنها خابت عندما تعلق الأمر بالسعودية، ليس لأنها غير مستهدفة، أو أنه ليس هناك من يترصد ويتربص بها، لكن لأن مثل هذه الأحداث التي تفكك دولا وتشتت شعوبا، تزيد السعودية قوة، وشعبها تماسكا في مواجهة كل التحديات الآنية والمستقبلية.
مشاركة :