الموت بالثقافة !! | محمد بتاع البلادي

  • 12/22/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

* ومات (محمد حسين بهنس)!. لكن الأديب والمثقف السوداني لم يمت من التخمة؛ كما يموت معظم نجوم الغناء ومشاهير السينما والرياضة العرب؛ ولا حتى على فراشه كما يموت بقية الناس، بل مات جوعًا وبردًا وإهمالًا على قارعة الطريق كما تفعل الأنعام!.. رحل صاحب رواية (راحيل) متجمدًا في أحد شوارع القاهرة التي عرفته مشرّدا بلا مأوى!.. مات الكاتب (بهنس) جائعًا؛ ليقول لنا: إن الثقافة في (بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان) لا تُؤكل خبزًا!!.. وليثبت للجميع أن كارثة أمة اقرأ ليست في كونها لا تقرأ فحسب.. لكنها باتت أمة تقتل -بالإهمال- كل من يقرأ حرفًا أو يُحرض الناس على قراءته!. * موت (محمد بهنس) المفجع يفتح ملفًا أكثر فجيعة، عن حال الثقافة العربية المتردي والمسكوت عنه منذ عقود.. دعوكم من كل تلك المقارنات المكرورة والمملة عن عدد الكتب التي تصدر سنويًا في مالطة، والتي تفوق عدد الكتب التي يصدرها العالم العربي كله من (مسقط) شرقًا وحتى (نواق الشط) غربًا، ففجيعتنا فيها أقل من فجيعتنا في غيبوبة الثقافة العربية التي تزداد عمقًا كل يوم، ولا أظنني مبالغًا أو متشائمًا حين أقول إنها باتت ثقافة ميتة، لا تستطيع التعايش مع الثقافات الأخرى، فضلًا عن قدرتها على الصمود والمواجهة والمنافسة. * موت (بهنس) في قلب عاصمة الثقافة والإعلام العربي، وبالقرب من بوابات جامعة العرب العتيقة يثبت عمق الفجوة بين المثقف العربي ووزارات الثقافة التي همشته وأخرجته من حساباتها تمامًا، بعد أن خضعت لطبيعة العصر الاستهلاكية وحولت العمل الثقافي من محيطه المعرفي التوعوي إلى الاتجار بالمتعة والتسلية، حتى بات الاستهلاك الثقافي مماثلًا لاستهلاك السلع اليومية، متجاهلة أن دورها الحقيقي هو دعم ذلك المثقف للارتقاء بوعي الإنسان وتحقيق إنسانيته غير المنقوصة وغير المزيفة.. خصوصًا وأن الإنسان العربي -في خضم صدمته الحضارية الآنية- أحوج ما يكون إلى أن تتسع معارفه، وألا تنحصر ثقافته بين غرائزه ورغباته!. * لن أدخلكم في مقارنات محسومة سلفًا بين دخل أهل الثقافة ونجوم الرياضة والفن.. لكن موت أديب بهذه الطريقة المخجلة يطرح ألف سؤال وسؤال عن أحوال الثقافة والمثقفين العرب؟! ويضع كل مسؤول أمام مسؤوليته عن هذا التردِّي المخجل الذي وصل حد أن يموت المثقفون كما تموت الكتب القديمة على أرصفة الشوارع العربية! * ثم يأتي من يسأل بكل سذاجة: لماذا تأخّرنا وتقدَّم غيرنا؟! m.albiladi@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :