هل نملك ثقافة الاعتذار؟! | محمد بتاع البلادي

  • 4/14/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

* يقولون «الاعتذار الباهت إهانة أخرى»، هذا ما شعرت به حقيقة وأنا أشاهد اعتذار الشاب الذي أعماه التعصب فالتقط صورة قمة في العنصرية واللا إنسانية لطفلة إفريقية في حاوية نفايات! .الاعتذار اللفظي البارد و(شلة) التصوير كانت توحي أن الشاب لم يكن يعتذر للطفلة المسكينة - التي لم يظهر على وجهها أي تعبير عن السعادة أو التسامح - بل كان يعتذر للغضبة الجامحة التي أبداها (سكان كوكب تويتر) تجاه فعلته اللا أخلاقية ! * لا أريد فتح تفاصيل الموضوع من جديد، فالموضوع يبدو أنه أغلق على أية حال وعلى المتضرر اللجوء للدعاء، لكن المشهد يطرح حزمة من التساؤلات التي أتمنى من التربويين- بشكل خاص- الاهتمام بها: لماذا تغيب ثقافة الاعتذار الفعلي في مجتمعاتنا العربية؟! ولماذا نجد في أنفسنا حرجًا من الاعتذار بشكل صحيح وفعّال؛ بغض النظر عن اسم المُعتذر له وسنه، أو مركزه الاجتماعي؟. * في المجتمعات الحية والمتماسكة لم يعد السؤال هل أعتذر أم لا.. بل كيف أعتذر، وماذا يمكن أن أقدم لمن أخطأت بحقهم؟! ، فالاعتذار اللفظي في أحيان كثيرة ليس كافيًا للتكفير عن الخطأ وإعادة الأمور إلى نصابها بل يجب أن يصاحب بخطوات فعلية تثبت الندم على الفعل، وتؤكد الرغبة في التطهر منه. * في إحدى قرى اليابان تسبب انهيار بعض أجزاء مصنع للمواد الكيماوية في تسرب بعض الغازات السامة وانتشارها في البلدة.. ورغم أن التأثيرات كانت محدودة جدًا، إلا أن مالك المصنع لم يكتفِ بالاعتذار الشفهي للسكان البسطاء، بل قام بتعويضهم ماليًا عن كل الخسائر التي لحقت بهم، أكثر من هذا فقد بادر بزراعة كم هائل من أشجار معروفة بقدرتها على تنقية الجو في محيط البلدة طمعًا في التكفير عن خطئه والاعتذار عنه، علمًا أن أحدًا لم يطالبه بذلك. * ثقافة الاعتذار مقياس حقيقي لمستوى نضج الشعوب ودرجة رقيها، وهي أحد أهم دعائم السِلم الاجتماعي في المجتمعات.. وقد وقفت بنفسي على بعض التجارب التربوية التي تغرس هذه القيمة الهامة في وجدانيات الأطفال منذ سن ما قبل المدرسة، والتي انعكست على تناغم تلك المجتمعات وتجانسها وازدياد ثقافة الاحترام بين كل مكوناتها. * بالعودة إلى السؤال المطبوع على جبهة المقال، واعتمادًا على المقاييس اليابانية بقي أن أسألكم: كم من أصحاب الشركات والمصانع والمؤسسات والبنوك تعتقدون أنهم مدينون لنا باعتذارات على ما سببوه ويسببونه لنا يوميًا من إزعاج وتلوث ومضايقات وتلفيات؟ m.albiladi@gmail.com

مشاركة :