العلا (السعودية) - كشفت السعودية مؤخرا عن ملامح امرأة نبطية ثرية عاشت منذ حوالي ألفي عام تم اكتشافها في مدينة الحِجر التاريخية وذلك بفضل تقنية البناء ثلاثية الأبعاد. وقالت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عبر حسابها على تويتر "تحقيقا لالتزامنا بمشاركة إرث العلا مع العالم أنهى خبراء في مجال الآثار ترميم وإعادة بناء رقمية لهيكل وجه امرأة تعود للعصر النبطي وتُعرف باسم هنّات". ويعد إعادة ترميم وجه "هنّات" عملا فريدا من نوعه يهدف إلى منح زائري مدينة "الحِجر" التي تم تصنيفها كأول موقع للتراث العالمي لليونسكو في المملكة منذ 15 عاما، فرصة الاطلاع على تاريخ المنطقة العريق، إذ من المقرر أن يتم عرض هيكل المرأة النبطية في مركز الزوار بهذه المدينة التاريخية. وأكدت ليلى تشابمان خبيرة التجارب القصصية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا وفقا لوكالة الأنباء السعودية أن الزوار سيحظون بتجربة تاريخية لمشاهدة "هنّات" حيث نشأت وعاشت في "الحجر" وستعطي تصورا عن تاريخ الأنباط وحضارتهم في العلا. وكانت الهيئة الملكية أغلقت مدائن صالح التي كانت تعرف قديما بـ"الحِجْر" في الثالث من مايو/أيار 2018 لإجراء بحوث متعلقة بحمايتها والحفاظ عليها، لكن أعادت افتتاحها في العام 2020. وبحسب موقع روسيا اليوم، فإن إعادة ترميم وجه "هنّات" بدأت بالمملكة المتحدة في عام 2019 بتمويل من الهيئة الملكية لمحافظة العلا. ويعتقد خبراء الآثار أن "هنّات" توفيت في القرن الأول قبل الميلاد ووضع جسدها في مقبرة تم اكتشافها في العام 2008 داخل "الحجر" وظلت لأكثر من ألفي عام. وأكدت الدراسات على أهمية مكانة "هنّات" في المجتمع النبطي، حيث امتلكت الثروة الكافية للحصول على مقبرة خاصة لها في "الحجر". وأصدر عدد من الخبراء في حضارة الأنباط ملفا تعريفيا مزوّدا بصور لملابس "هنّات" ومجوهراتها لوضع الحدود العلمية وإعطاء إرشادات دقيقة وشرح مفصل لإعادة بناء وجهها. وانضم إلى هذه النخبة من الخبراء فريق إنتاج يملك خبرة في الأنثروبولوجيا وإعادة البناء وصنع النماذج المادية وقد شاركت ليلى نعمة المديرة المشاركة في مشروع "الحجر" وناتالي ديلهوبيتال عالمة الأنثروبولوجيا في المشروع في اختيار الجمجمة المناسبة مع الحفاظ على الأجزاء المهمة من الهيكل للحصول على المعلومات المهمة لضمان نجاح عملية إعادة البناء. وقالت الدكتورة هيلين ماكجوران خبيرة تنظيم المعارض التراثية إن "عملية ترميم ملامح هنّات، جمعت بين الدقة العلمية والتطوير الفني المعاصر لتوسيع الفهم حول حضارة الأنباط والتي لا تزال تقدم الكثير من الأسرار والقصص وتسلط الضوء على تاريخ العلا". ويذكر أن الأنباط مملكة عربية قديمة قامت في شمال شبه الجزيرة العربية وكانت عاصمتها مدينة البتراء، لكن لم تترك الحضارة النبطية نصوصا تاريخية بارزة، لذا فإن المعلومات حولها تأتي من النقوش الموجودة على المقابر والصخور في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أو من الاكتشافات الأثرية. وقالت عالمة الآثار اللبنانية الفرنسية ومديرة المشروع ليلى نعمة لمجلة "ناشونال جيوغرافيك" إن "الأنباط يتحلون بالغموض بعض الشيء، فنحن نعرف الكثير، ولكننا في الوقت ذاته لا نعرف سوى القليل جدا، لأنهم لم يتركوا أي نصوص أو سجلات أدبية"، مؤكدة أن "التنقيب في القبر كان فرصة رائعة لمعرفة المزيد عن نظرتهم للحياة ما بعد الموت".
مشاركة :