عندما هز الزلزال المدمر، الذي ضرب عدة محافظات سورية ومن بينها حلب، المنازل وأيقظ الناس في تلك المدينة، زرع في نفوس هؤلاء رعبا كبيرا، وراحوا يغادرون منازلهم دون وعي بحثا عن بر الأمان في أماكن مختلفة في تلك المدينة المنكوبة. ولجأ البعض من هؤلاء الناس إلى المدارس التي تحول بعضها إلى ملاجئ للنازحين في أعقاب الزلزال، فيما ذهب آخرون إلى أقاربهم، أما الأثرياء منهم فذهبوا إلى الفنادق أو استأجروا منازلا في مناطق آمنة، بينما ذهب الأقل حظا منهم إلى الحدائق العامة لتكون ملاجئ لهم لبعض من الوقت. وفي حديقة الشهباء العامة بمنطقة بستان القصر، تم نصب 24 خيمة، يقطنها حوالي 149 شخصا، بعض الخيمات مكتظة، حيث يعيش عشرة أو أكثر في الداخل. وعلى الرغم من ضحك الأطفال أثناء اللعب في الخارج، بدت علامات التعب ترتسم على عائلاتهم، عقليا وجسديا، وكان الحزن والتعب واضحين عليهم، كان الجميع يسعلون، ربما بسبب التعرض لدرجات حرارة منخفضة للغاية، لا سيما في حلب التي تشتهر بطقسها المتجمد شتاء. أحمد ونوس، نازح سوري، هرب من منزله بعد الزلزال ولجأ إلى الحديقة، يعيش وابنه وزوجته وعائلته المكونة من 10 أفراد في ظل تلك الخيمة. وفي حديثه إلى وكالة أنباء ((شينخوا))، التي زارت الملجأ يوم الخميس، قال ونوس إن ما حدث كان بمثابة حلم لا يصدقه. وقال "عندما أيقظوني، ظننت أنني أحلم، إنني لم أكن أعلم أنه حقيقي، كان مثل الحلم، تركنا منزلنا، وهذا الابن هو كل ما لدي، لم أفكر إلا فيه، وحملته وركضت في الشارع، في الوقت الذي كنت أنظر حولي بينما كانت الصخور من المباني المجاورة تتساقط من هنا وهناك". وأشار إلى أنهم ذهبوا بعيدا عن المباني خوفًا على الأطفال، ولاحقًا لجأوا إلى حديقة عامة، وظلوا في الظل. وقال الرجل إن الحرب لم تسبب الضرر الذي أحدثه الزلزال. وتابع يقول "بالنسبة لنا، كانت الحرب أسهل بكثير من الزلزال، فعندما وصلت المشاكل إلى منزلنا خلال الحرب، ذهبنا إلى حي آخر، وسافر بعض الناس إلى مكان آخر، لكن هذا الزلزال كان لا مفر منه واستهدف الجميع". لا يهم أين تذهب، وتابع، "كل المباني كانت تهتز، ما حدث كان أصعب من الحرب". كان ونوس محظوظًا لأن مبناه كان لا يزال قائما، ومع ذلك، لا يمكنهم العودة إلا بعد أن يعطي التقرير الهندسي من فرق السلامة من الزلازل قرارهم النهائي. وذكر أن وضعه "صعب" مثل الجميع في حلب. وقالت وزارة الإدارة المحلية والبيئة، الأحد الماضي، إنه تم افتتاح إجمالي 275 ملجأ في جميع أنحاء سوريا، لاستضافة ضحايا الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 فبراير. وأعلنت وزارة الصحة السورية، الثلاثاء الماضي، أن الحصيلة النهائية للقتلى جراء الزلزال الذي ضرب سوريا بلغت 1414 قتيلا، فيما بلغ عدد الجرحى 2357. ويشمل إحصاء الوزارة لضحايا الزلزال فقط المناطق المنكوبة بالزلزال الخاضعة لسيطرة الحكومة. في غضون ذلك، أظهرت آخر الإحصاءات الصادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الزلزال أدى إلى مقتل حوالي 7000 شخص في مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق المعارضة.
مشاركة :