العقارات والمضاربات واحتمالات الفقاعة

  • 2/22/2023
  • 17:09
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى الحكومة الصينية إلى تحقيق قفزات نوعية ضمن القطاع العقاري الهائل، ليس فقط من ناحية الحفاظ على أدائه وتمويلاته وضمانات القروض فيه، بل أيضا ليواكب حركة التوسعات الكبيرة المستمرة. لكن بعض الخطوات في هذا الاتجاه تتطلب مساحة زمنية أطول، في ظل استمرار الضغوط الآتية من مخاطر حدوث فقاعة عقارية في البر الصيني، ستنال حتما من دول مجاورة، فضلا عن المستثمرين والمصارف المنكشفة على القروض العقارية، خصوصا تلك التي لا تتمتع بقوة ائتمانية كافية. ومن المشكلات التي يعيشها القطاع العقاري، المضاربات المتزايدة، ما زاد من حدة الضغوط في المجتمع عموما، في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة إلى تفعيل حراكها لمعالجة مثل هذه المشكلات، خصوصا في الوقت الراهن الذي يتسم بالحساسية المفرطة حقا. وتواجه شركات التطوير العقاري الضغوط المتزايدة أيضا، بفعل احتمالات الفقاعة التي لا تزال عواملها موجودة على الساحة، لكن حتى هذه المسألة يمكن للحكومة في البلاد احتواؤها على الأقل في المرحلة الحرجة، وتقليل المخاوف الناجمة عنها. فبعض الخبراء يعتقدون أن هذه الفقاعة لو حدثت بالفعل فستؤدي إلى أزمة ديون شبه عالمية، مشابهة بصورة أقل بالطبع لفقاعة الديون في الولايات المتحدة، التي أطلقت أزمة اقتصادية عالمية في 2008. الأمور في الصين لا تزال تحت السيطرة، ويبدو واضحا أن بكين لن تسمح بأن تصل الأمور إلى هذا المستوى، بصرف النظر عن طبيعة الإجراءات المقيدة التي قد تتخذها لضمان مسار القطاع العقاري، وفق الخط الذي تسعى الحكومة إلى استمراره بأي صورة من الصور. غير أن الجهود الحكومية والإصرار على احتواء الأزمة يصطدمان بموجة عنيفة من المضاربات في العقارات، ما زاد من حدة العقبات أمام المواطنين الصينيين الذي يسعون إلى امتلاك أول منزل لهم. وتواجه الحكومة مطالبات مستمرة، بأن تكون سياسات دعم العقارات أكثر استهدافا، أي تدعم ما أصبح منتشرا على الساحة "المنزل الأول"، إضافة بكل تأكيد إلى تأسيس هذه المنازل، ضمن نطاق تحسين ظروف الحياة للمواطنين، وفق المخططات الحكومية المعلنة نفسها. ولا شك في أن هناك نموا واضحا في مداخيل الصينيين، الذين تمكنوا من الخروج فوق خط الفقر. واستنادا إلى البيانات الرسمية، فقد نمت هذه المداخيل بمعدل يقترب من 15 في المائة على أساس سنوي. لكن هذا لا يمثل نقطة مهمة في مواجهة الآثار السلبية للمضاربات العقارية، التي تجري في الوقت الراهن، علما بأن السلطات الصينية تمكنت في 2018 من الحد من هذه المضاربات، والحصول على نتائج إيجابية حقا للسوق ومالكي العقارات في آن معا. والمسألة أيضا لا تقف عند هذا الحد، فهناك مصاعب كبيرة يواجهها الصينيون الذين يعيشون في المدن الأكثر جذبا للناس، في تأمين القروض العقارية اللازمة لهم لشراء المنزل الأول. وهذا يتطلب من السلطات المختصة النظر في هذه المسألة لتحقيق التوازن الذي تسعى إليه السلطات المختصة لتحقيقه أيضا، بما في ذلك توسيع رقعة تمليك الأراضي الزراعية. وفي النهاية، لا بد من تعزيز استراتيجية توفير القروض المختلفة، حتى في ظل المخاطر التي يمر بها القطاع العقاري الصيني في الوقت الراهن. فلا يمكن ضمان نشاط صحي للعقارات على مستوى الصين، دون رفع مستوى الطلب عليها أولا، وتوفيرها بعقبات أقل للمالكين الصينيين الجدد، خصوصا أولئك الذين يسهمون بالفعل في دعم الناتج المحلي الإجمالي، عبر أدائهم العملي في مختلف الجوانب.

مشاركة :