قاعات المؤتمرات تلبس عادة رداء الهدوء إلا من صوت مَن يُلْقُون أوراق العمل، ثم بعض المدخلات في نهاية الجَلسات العلمية! لكن قاعة الشيخ محمد بن إبراهيم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي كانت تستضيف (مؤتمر تحقيق الاجتماع، وترك التَّحَزب؛ واجب شرعي ومطلب وطني) شهدت يوم الأربعاء الماضي صورة مختلفة. فقد كانت الصالة مكتظة بالحضور على غير العادة، وكانت أعين أولئك متجهة صَوب الباب، تبحث عنه، مشتاقة لرؤيته. وما هي إلا دقائق، ويدخل (ذاك الرجل) الذي ينتظرونه بطلِّته البهية المتواضعة، وابتسامته التي تعوَّدوها تاجاً على محياه الطّيّب! وهنا تعالت الأصوات التي عبرت حروفها وكلماتها نبضات قلوب صادقة، فأخذت تهتف وتُردِّد (أبُونَا... أبُونَا... أبُونَا)! أما ذاك الحضور فكان جَمْعاً غفيراً من طلاب الجامعة الإسلامية من جنسيات مختلفة، وَحّدهم حُبُّ وتقدير واحترام ذلك الرجل الإنسان (الأستاذ الدكتور محمد بن على العقلا)، مدير جامعتهم الأسبق؛ الذي رغم أنه ترك المنصب قبل أكثر من سنتين إلا أنه ما زال ساكناً في قلوب طلابه، الذي تدافعوا في مشهد مهيب بعد الجلسة للسلام عليه وتقبيل جبينه الطاهر؛ فقد كان أَبَاً لهم في غربتهم، قريباً منهم، يزورهم في سكنهم، أبواب مكتبه مفتوحة تناديهم، تقضي حاجاتهم، وقبل ذلك قلبه المُحِبِّ لهم، وهاتفه المحمول المتاح دائماً معهم؛ ولذا كانت تلك الصورة الرائعة من (العطاء والوفاء)! (العقلا) خلال ست سنوات من إدارته للجامعة الإسلامية قَدّم أنموذجاً ناجحاً ورائعاً في فنّ الإدارة من عناوينه المهمة (الحُبّ والتواضع) مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين؛ ولذا نجح في قيادة الجامعة نحو التطور في بنيتها التحتية، والتفوق في مجالات الأكاديمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع. (محمد العقلا) بإخلاصه وتواضعه وعطاءاته لوطنه لم يترك ذلك الإرث الجميل في الجامعة؛ بل تجاوز حدودها ليصل لطيبة الطيبة وأهلها؛ فاستحق جائزتها لخدمة المجتمع! فهنيئاً لكم أبا طارق هذا الحُبّ والوفاء الذي تستحقونه، وهذه دعوة للمسؤولين ذوي الأبواب والقلوب المغلقة لكي يُفيدوا من تجربتكم الرائدة، وأن يكونوا طلاباً في مدرستكم الناجحة! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :