بداية: إن السؤال المهم الذي يطرح هنا، هو كيف يمكن استخدام التكنولوجيا لزيادة الشفافية خاصة في المجالات الحكومية التي تعد أكثر تأثرا بقضايا وجرائم الفساد، بالنسبة إلى ما يمكن أن أسميه "الفساد الكبير"، تتركز أعلى المستويات التي شهدتها الأرجنتين على مر التاريخ ـ مناطق الخطر ـ في المجالات المعتادة، مشاريع البنية التحتية الكبيرة، والصناعات الاستخراجية، والجمارك. لذلك نستهدف الفساد في هذه المجالات من خلال مجموعة مختلفة من التدابير سعيا منا إلى الحد من المخاطر، وزيادة الرقابة والشفافية في إطار عمليات الشراء والتعاقد، ومراقبة سلوكيات وممتلكات موظفي القطاع العام، وتعزيز نظام التدقيق الداخلي في كل من هذه المجالات. وحكومة الأرجنتين ترى محاربة الفساد جزءا من محاربة الفقر، نظرا إلى وجود علاقة بينهما، فالمواطنون الذين يعيشون في الفقر هم ضحايا الفساد، لأنه يؤدي بجانب انعدام الكفاءة وضعف إدارة الدولة، إلى تدني جودة الخدمات العامة واستثمارات البنية التحتية، ما يؤثر تأثيرا مباشرا في جودة معيشة هؤلاء المواطنين. ودائما ما يكون المواطنون الأكثر احتياجا هم أول ضحايا الفساد. وهؤلاء محرومون أيضا من فرص العمل الجديدة، لأننا نعلم جميعا أن الفساد من العوامل التي تؤثر للأسف في جودة الاستثمار الخاص. والسؤال المطروح هنا: ما الدور الذي ينبغي أن يضطلع به القطاع الخاص؟ فمن الضروري إشراك القطاع الخاص في ردع الفساد من خلال ممارسات العمل السليمة وتشجيع الشركات على الإبلاغ عن أي مخالفات حال وقوعها في إطار عمليات الشراء أو مفاوضات العقود في القطاع العام. وبالنسبة إلى التحالفات بين القطاعين العام والخاص، أطلق مكتب مكافحة الفساد آلية إبلاغ رفيعة المستوى استنادا إلى المشورة الفنية المقدمة من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومعهد بازل للحوكمة. وخلال المشروع الأول للإدارة الوطنية للطرق تحت مظلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تم توقيع ثمانية عقود بالفعل، ولم يتم الإبلاغ عن أي فساد في هذه العملية، ما يشير إلى أن تصميم العمليات وإدراج شروط لضمان النزاهة ـ وآلية الإبلاغ رفيعة المستوى تلك ـ جميعها عوامل أسهمت في إيجاد الثقة لدى المستثمرين الذين جاءوا بأعداد كبيرة لتقديم عروضهم، بما في ذلك مستثمرون أجانب لم يسبق لهم الاستثمار في الأرجنتين. وقد استفادت الحكومة من التكنولوجيا في مكافحة الفساد، فقد تخلفت الإدارة في الأرجنتين عن ركب التكنولوجيا. لكن منذ نشأة وزارة التحديث، أحرز تقدم كبير في مجال التحديث الإداري، بدءا من استخدام الملفات الإلكترونية التي أتاحت إدارة معظم الإجراءات الإدارية الداخلية إلكترونيا، ما أسهم في زيادة شفافية مختلفة الإجراءات وإحكام الرقابة عليها. وتضمن ذلك أيضا استحداث مجموعة من الإجراءات التي يمكن إتمامها عن بعد وأسهمت في تسريع عملية التخليص الجمركي وتحسين الآليات الرقابية. ووقع الرئيس ماكري قرارا بإصلاح الملفات الإلكترونية، وتنفيذ سياسة مهمة واسعة النطاق قائمة على مفهومي البيانات المفتوحة والحكومة المفتوحة. ونعمل جاهدين في الوقت الحالي على تعزيز قابلية التشغيل البيني لقواعد البيانات الحكومية، ما ساعد ـ في حالة مكتب مكافحة الفساد ـ بجانب استخدام الملفات الإلكترونية، على تعزيز الرقابة وأتاح مراجعة شاملة لمختلف العمليات المهمة على مستوى الإدارة، كل على حدة، ومكننا من إعداد إحصاءات وبيانات قابلة للمقارنة.. يتبع.
مشاركة :