تتحمل المرأة في منطقة الشرق الأوسط أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر بشكل غير متساو مع الرجل. ففي غياب آليات دعم ملائمة داخل الأسرة أو من خلال الدولة، تجد النساء في كل من العراق والأردن ولبنان أنفسهن في الأغلب أمام خيار من اثنين، البقاء خارج سوق العمل أو العمل على مدار دوامين، واحدة في المنزل والأخرى في مكان العمل. وعلى هذا الصعيد تم أخيرا إطلاق التقرير الثاني الرئيس عن حالة المرأة في منطقة الشرق الأوسط لمجموعة البنك الدولي بعنوان، من يقدم الرعاية؟ أعمال الرعاية ونتائج سوق العمل للمرأة في دول مختلفة جغرافيا الذي يبحث الأثر المحتمل لسياسات الرعاية في تحسين مخرجات سوق العمل للمرأة في منطقة تسجل فيها مشاركة النساء في القوى العاملة أدنى المعدلات في العالم. ورغم التباين فيما بين دول المشرق على صعيد بنية سياسات إجازات العمل ومدى سخائها، فإن هذه السياسات تعزز عموما توزيع مسؤوليات الرعاية على أساس أدوار كل من المرأة والرجل. علاوة على ذلك، ومع محدودية الخدمات العامة المجانية والدعم المالي للأسر، فإن خدمات رعاية الأطفال المتوافرة ذات الجودة المعقولة تكون ذات تكلفة عالية حيث لا يمكن لكثير من الأسر تحملها. وبالنسبة إلى عديد من الأمهات، ولا سيما الأمهات ذوات مستوى التعليم المتدني، فإن تكلفة خدمات رعاية الأطفال المتاحة في السوق تشكل نسبة كبيرة من دخلهن الفعلي أو المحتمل، حيث تراوح بين 25 في المائة في الأردن وأكثر من 100 في المائة في لبنان. ونتيجة لذلك، يبقى معدل الالتحاق بخدمات رعاية الأطفال منخفضا في دول منطقة الشرق الأوسط. حقيقة لا تتسق سياسات الرعاية الحالية في الشرق الأوسط تماما مع هدف دعم النساء والأمهات الراغبات في البقاء في سوق العمل أو في الالتحاق بها. إن دعم تطوير قطاع الرعاية من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق منافع هائلة للأطفال والآباء والأمهات كما وللاقتصاد عموما في كل من العراق والأردن ولبنان. وتقضي الأمهات في المشرق وبشكل يومي ضعف الوقت الذي يقضيه الآباء في رعاية الأطفال وثلاثة أضعاف الوقت الذي يقضيه الآباء في القيام بالأعمال المنزلية. وبالنسبة إلى الأمهات العاملات، فإن "يوم العمل" المعتاد ـ مع الأخذ في الحسبان العمل المدفوع وغير مدفوع الأجر ـ تراوح عدد ساعاته بين 12 و14 ساعة. لذا ليس من المستغرب أن ينخفض احتمال نشاط المرأة في سوق العمل بنسبة واحد إلى ثلاث نقاط مئوية مقابل كل ساعة تقضيها في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر.. يتبع.
مشاركة :