شدد خبراء اقتصاديون على أن الاقتصاد السعودي متين ولن يتأثر بالانهيارات الدولية التي شهدتها مصارف في الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين لـ"الرياض" أن تصنيف اقتصاد المملكة بات الأعلى نموا لأسباب عدة أهمها تنوع الاقتصاد. وعن الانهيارات المالية التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية وانعكاسها على الاقتصاد العالمي قال د. علي بو خمسين الخبير الاقتصادي: "بخصوص موضوع الانهيارات المالية للعديد من المصارف الأمريكية فهي تأتي ضمن سياق متوقع وليس غريب أو مفاجئ أبدا وحيث هناك أسباب عدة متنوعة تؤثر بأشكال مختلفة نجد أن هذه الأشكال المتعددة من التأثير سببت ضغوطا كان لها أثر مختلف من قطاع لآخر وكان لكل منها قصة أثرت على بنك ما بشكل مختلف عن البنوك الأخرى لذلك جاءت انهيارات لعدة بنوك مختلفة إلى حد ما لكل منها قصته فالقصة الخاصة ببنك سيلكون فالي لم تبدأ اليوم أو قريبا القصة بدأت من الأساس قبل كورونا بكثير منذ سبع سنوات".وأضاف "كانت السيولة متوفرة ومتاحة لديه بسبب نوع تخصص عمله في تمويل الشركات الناشئة في قطاع التقنية وثم تطورت الحالة مرورا بمراحل ازدهار وتضخم في حجم أصوله لتبلغ 210 مليارات دولار في ميزانيته عام 2022 ولكن بسبب تركيبة بنيته التمويلية في محفظته الاستثمارية والتي سببت له هذه الكارثة الحالية حيث استثمر ما يصل إلى 55٪ من محفظته في سندات الخزانة الأمريكية وهي بقيمه متدنية لأنه اشتراها على مرور السنوات السابقة قبل بداية رفع الفائدة في السنة الأخيرة ومع استمرار رفع الفائدة من قبل الفدرالي أصبحت محفظته غير مجدية اقتصاديا ولا تستطيع تغطية تكاليف أمواله المودعة لديه أي أصبحت تكلفة الإيداع عليه أعلى من عوائده الاستثمارية المحققة وهذه البداية في أزمته وتبعها عده تطورات متتالية مرتبطة بفشله في تطبيق خطة إنقاذ تتمثل في بيع جزء من محفظته من السندات الحكومية". وتابع "بعد ذلك رفع رأسماله مره أخرى لتغطيه الفجوة القائمة لديه وتعزيز رأسماله بما يمكنه من تفادي الأزمة وهنا فشل هو ومعه شريكه في العملية كما أظن بنك جولدمان ساكس الذي تعهد بتغطية الإصدار الجديد وثم بعد هذا الفشل وانتشار خبر إمكانية تخفيض ملاءته المالية بدرجتين من قبل وكالة موديز للائتمان بدأت السحوبات تتوالى عليه بحيث أصبح غير قادر على تغطية هذه السحوبات من المودعين بما أدى للحجر عليه من قبل الجهات الفدرالية وصاحب هذه الأزمة تطورات خطيرة جدا تتعلق ببنك سيناتور والذي يعمل في قطاع مختلف تماما وهو قطاع الإسكان وباختصار مصيبته أنه بسبب رفع الفائدة الأمريكية على الدولار بشكل متكرر وكبير سببت له أزمة في أصوله المتمثلة في قيمة الرهونات العقارية التي تراكمت لديه بسبب عدم قدره العملاء على السداد بما أنتج تجمع أصول خسرانه شلت قدرته على متابعه الإقراض وصاحبت ذلك أحداث إيقاف بنك سلفر غيت والذي يعمل في قطاع مختلف تماما وهو سوق العملات المشفرة والتي تضررت كثيرا بسبب أحداث رفع الفائدة وما نتج عنها من ضرر كبير في أسواق الاستثمارات في العملات المشفرة والتي ازدهرت مع توافر السيولة الهشة الناتجة عن الضخ المالي الهائل أثناء أزمة الكورونا وازدهار سوق المضاربة في العملات الرقمية بمختلف أنواعها وثم نمو حجم البنوك الراعية والداعمة لهذا القطاع والمنصات التي تتعامل في العملات الرقمية وأيضا بنفس السيناريو للبنك السابق وهي تعثر البنك بسبب ضعف قدرته المالية على مواجهه طلبات العملاء وبسبب انهيار منصة ftx وهي من أكبر عملائه وما صاحب هذا التدهور من سحب لودائع العملاءبـ8 مليارات دولار في فتره قصيره وثم اتضح وجود عملاء آخرين كبار لدى البنك من العاملين بالعملات الرقمية التي تسمى مضمونه ومربوطة بالدولار الأمريكي مثل عملة السين والتي انهارت وأصبحت قيمتها بالسالب بما سبب خسائر كبيرة لأنها مضمونة ومربوطة بالدولار وبسبب عدم القدرة على دفع هذه المستحقات انهارت الشركة والمنصة المالكة لها وثم أدى لانهيار البنك الذي وصل لحد لا يستطيع الاستمرار بما سبب من تدخل الحكومة وإغلاقه". وعن مخاطر انتشار الإفلاس قال: "هنا تبدأ مرحلة أخرى من فصول الحكاية حيث إن هذه البنوك تعمل في عدة قطاعات اقتصادية متنوعة بالتالي تمتد علاقاتها مع شركات متنوعة وأسواق مالية متنوعة لأنها بعضها لديه فروع خارج الولايات المتحدة في بريطانيا وأسواق أوربية وآسيوية لذلك لم تتوقف آثارها عند هذا الحد بل تطورت بطبيعة الحال بشكل دراماتيكي لتصل العدوى بطبيعة الحال لكل أسواق المال العالمية ابتداء من السوق الأمريكية وصولا للأسواق الأوربية وثم باقي العالم لدى الأسواق الناشئة وفي يوم واحد خسرت البورصات 465 مليار دولار أي أكثر من نصف تريليون دولار وهو مبلغ خرافي وهذا بطبيعة الحال سيترك خللا هائلا في الثقة في أسواق المال وسيسبب فزعا كبيرا للمتداولين ولكي يخففوا من هذا الهلع بادرت الحكومة الأمريكية بأذرعها المباشرة من الأجهزة التابعة لها والأجهزة التابعة للقطاع الخاص المسيطر على البورصات والفدرالي الأمريكي بالتحرك ووصل الأمر أن يصدر الرئيس الأمريكي تطمينا بأن الحكومة ستضمن أموال المودعين أيا كان حجمها سواء 250 ألف دولار وأقل أو أكثر أي أنه وسع من دائرة التطمين للعملاء الكبار الذين ودائعهم أكثر من 250 ألف دولار وهم لا يشملهم نظام الودائع المصرفية المؤمن عليه من قبل المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع والحقيقة هذا الخبر الإيجابي ترك انطباعا حسنا لدى المودعين وفعلا بدؤوا في سحب اموالهم لكن المصيبة جاءت على رؤوس المقرضين والملاك الذين لا عزاء لهم وسيخسرون كل شيء وهذا ترك رسالة أليمة لهذه الفئة وهي تشكل حجما استثماريا كبيرا في سوق المال وفي القطاع المصرفي وهنا يدق ناقوس الخطر لأول سلسلة الأزمات المرتقبة كنتيجة حتمية لهذا الوضع الكارثي حيث سنشهد مزيدا من التدهورات المصرفية التي ستحدث قريبا وبشكل متتالي بحيث ستنتقل الأزمة من بنك لآخر ومن بنك أمريكي لآخر أوربي وآخر آسيوي وهكذا تتنقل المملكة لا تتأثر وعن تأثر المملكة بما يجري اقتصاديا كون أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر اقتصاد عالمي قال: "إننا في المملكة في الوضع مختلف عن البنوك بالخارج حيث لدينا ملاءة مالية هائلة لدى القطاع المصرفي أولا وثانيا الودائع الشخصية بالمصارف هي مجانية تقريبا وثالثا البنوك لدينا حتى وإن تضررت استثماراتها بالخارج وتأثرت مثل البنك الاهلي الذي امتلك 10% من كريدي سويس الذي يترنح حاليا إلا أنه تظل استثماراته هذه صغيرة مقارنة بحجم أصوله الهائل ورابعا لدينا البنك المركزي ساما يحمي البنوك السعودية بشكل كبير ولن يسمح بتعرضها لأي هزات كبيرة تؤثر سلبا على الثقة في القطاع المصرفي"، مضيفا "بخصوص تأثير مثل هذه الأزمة على سوقنا المالي فبالتأكيد هو قد تضرر وشاهدناه يخسر وحاول استيعاب هذه الصدمة وشاهدنا تصريح رئيس البنك المركزي الذي أكد عدم وجود ودائع مالية للبنوك السعودية لدى بنك سيلكون فالي وهذا ترك انطباع جيد ولكن يظل التاسي معرضا بأن يتأثر بالهزات الخارجية وبأي خسارة يتواجه أي بنك سعودي له علاقة بأي من المصارف المتضررة الآن أو مستقبلا فسيتأثر حتما وسعر سهمه سيتأثر بهذه الأخبار ولكن المصارف نفسها أعتقد محمية وهي قوية على الأقل هذا ما هو مؤكد حتى الآن ولكن الصورة بالخارج مأساوية وإذا استمرت أخبار الانهيارات بالمصارف الأمريكية فحتما ستخلق أزمه مالية عالمية جديدة قد تكون أكبر من سابقاتها والمهم هنا أن نعلم أن أي معالجة ستحدث هي ترقيعية لأن الضرر الذي حدث بسبب أخطاء استراتيجيه من قبل الفدرالي الأمريكي وتجاوزاتهم الخطيرة في إصدار أكثر من 8-15 ترليونا، هذا المعلن عنه في غضون سنتين تقريبا وثم علاجهم الآخر بهذا الرفع المتكرر للفائدة وبشكل سريع بدون مراعاة اي اضرار سينتجها هذا الرفع". وقال حسين النمر الخبير الاقتصادي: "إن اقتصاد المملكة متين ومتنوع ولا مخافة مما يجري في المصارف الأمريكية على مصارفنا في المملكة إذ أن مصارفنا تمتلك السيولة الكبرى ما يجعلها آمنة". د. علي بوخمسين
مشاركة :