حولت الولايات المتحدة، الليل قبل الماضي، البحث عن أصل فايروس كورونا الجديد، المسبب لوباء كوفيد-19، إلى سلاح في المواجهة المتفاقمة ضد الصين. فقد أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن قانوناً يلزم مكتب مدير الاستخبارات القومية بنزع السرية عن المعلومات الاستخبارية المتعلقة بأصل الفايروس، الذي ظهر فجأة في أواخر سنة 2019 في الصين. وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت اندلاع وباء عالمي في 11 مارس 2020. ومرر مجلس الكونغرس - النواب والشيوخ - القانون من دون أي اعتراض، في مظهر نادر من مظاهر التوافق بين الجمهوريين والديموقراطيين. ويشير القرار الرئاسي الأمريكي إلى أن بعض الباحثين متمسكون بوجود «صلة محتملة» بين ظهور الفايروس وأبحاث أجريت في معهد ووهان للفايروسات في الصين. وتوجد انقسامات في الرأي بين وكالات الاستخبارات الأمريكية، التي يرى بعضها أن نظرية تسرب الفايروس من مختبر معهد ووهان للفايروسات راجحة أكثر منها محتملة؛ فيما ترى وكالات أخرى أن الفايروس خرج بشكل طبيعي من حيوان إلى إنسان. ويرى خبراء أن أصل الفايروس الذي قتل أكثر من 1.1 مليون أمريكي وأكثر من 5 ملايين شخص حول العالم، قد لا يعرف مطلقاً!وقال بايدن، عند توقيعه على التشريع، إن إدارته ستواصل مراجعة المعلومات السرية المتعلقة بأصل فايروس كوفيد-19، بما في ذلك الصلات المحتملة لمعهد ووهان للفايروسات بهذا الشأن. وكان مجلس النواب الأمريكي أقر هذا التشريع في 10 مارس الجاري، بعدما وافق عليه مجلس الشيوخ قبل ذلك بنحو أسبوع، من دون أي صوت معارض. وعكف بايدن، البالغ من العمر 80 سنة، أكثر من أسبوع ليتخذ قراره بما إذا كان سيوقع على القانون ليصبح سارياً. وقال بايدن، إنه وجّه أجهزة الاستخبارات في سنة 2021 بأن تبذل قصارى جهدها للتوصل إلى أصل الفايروس. وأضاف، أنه لا بد من التوصل إلى أصل الفايروس حتى يمكن للعالم أن يكون مستعداً لدرء خطر أي وباء عالمي قادم. ونفت الصين مراراً أن يكون الفايروس تسرب من مختبر معهد ووهان للفايروسات، جراء حادثة هناك. بيد أن الجمهوريين الأعضاء في لجان مجلس الشيوخ الخاصة بالصحة، والتعليم، والعمل، والتقاعد خلصوا السنة الماضية إلى أن الأرجح يتمثل في تسرب الفايروس من مختبر معهد ووهان. وقالوا، إن البيانات والوثائق لا توفر أي قدر من الأدلة على أن كوفيد-19 انتقل بشكل طبيعي من الحيوان إلى الإنسان. ويساند تحقيقان أجرتهما وزارة الطاقة الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فرضية التسرب من مختبر ووهان. وقال محللون سياسيون، إن القانون الذي وقعه بايدن سيشكل خطورة كبيرة لمساعي الرئيس الأمريكي الرامية إلى التوصل إلى تفاهمات تؤطر العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. وكان مرض كوفيد-19 اكتشف للمرة الأولى في أواخر 2019 في مدينة ووهان الواقعة شرق الصين. وتتجه العلاقات بين واشنطن وبكين إلى مزيد من التأزم إثر قيام روسيا بغزو أوكرانيا. ويتهم مسؤولون أمريكيون الصين بتأييد روسيا. ويقول بعضهم، إن بكين ربما توفر أسلحة لإعانة موسكو في مجهودها الرامي لاحتلال شرق أوكرانيا.تجارب بريطانية هددت بـ«سلالات أشد فتكاً»كشف تقرير نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس، أن العلماء البريطانيين في الجامعة الإمبريالية في لندن، وبتمويل من وكالة الأمن الصحي البريطانية، أجروا تجارب انطوت على خطر ظهور متحورات أشد فتكاً من فايروس كورونا الجديد. وكان علماء الجامعة الإمبريالية حقنوا خلايا إنسانية بسلالتي دلتا وأوميكرون، ليعرفوا أيتهما أشد فتكاً، وأقوى بأساً. وقال أستاذ التحصين بجامعة أكسفورد البروفسور أنطون فان دير ميروي، إن تلك التجربة خاطرت بدمج تلك المتحورتين لإنتاج متحورة أشد قدرة على الفتك بالبشر. وأضاف، أنه كان من المحتمل أن يكون العلماء المشاركون في التجربة أول المصابين بالسلالة الهجين، أو أنها ربما وجدت طريقها للتسلل من المختبر. وأوضح، أن العلماء يعرفون جيداً أن فايروسات كورونا، ومنها فايروس سارس - كوف - 2، تتحور من خلال تبادلها مادتها الوراثية، بأن تقوم متحورتان بإصابة الخلية نفسها. وعادة ما ينتج عن ذلك متحورة أشد بأساً. وزاد، أن استخدام متحورتي دلتا وأوميكرون كان أشد خطورة بوجه خاص، لأن لكل منهما مادتها الوراثية المختلفة. ولديهما اختلافات كبيرة من المتحورات القريبة الصلة بالسلالة التي ظهرت في مدينة ووهان بالصين. ودافع علماء جامعة إمبريال في لندن عن تجربتهم، وقالوا، إنها ضرورية لتقديم بيانات مهمة للدولة البريطانية وهي تهم باتخاذ خطوات لمواجهة تفشي الوباء العالمي. وأكدوا أن تلك التجربة التي أجريت في لندن تمت في ظل تدابير أمنية عالية. وتثير التجارب المخبرية المتعلقة بالفايروسات مخاوف أمنية كبيرة؛ إذ إن العقود الماضية شهدت تسرب جراثيم وفايروسات من المختبرات، مثل الجدري، وإنفلونزا الخنازير، وسارس، وأنثراكس. ومن المفارقات أن جامعة الملك في لندن أصدرت تقريراً الأسبوع الماضي، حذر من أن عدد المختبرات التي تجرى فيها تجارب تتعلق بالفايروسات والجراثيم آخذ في الزيادة. وأضافت، أن ثلاثة أرباع المختبرات العالية التدابير الأمنية باتت الآن توجد في مناطق حضرية، ما يزيد مخاطر تسرب الفايروسات. وحذرت الجامعة من أن عدداً كبيراً من الدول تجري «تجارب مرتفعة المخاطر» من الممكن أن يحدث تسرب منها، قد يؤدي إلى إطلاق فايروس قادر على التسبب في تفشي وباء عالمي. وقالت مدير مركز العلوم والأمن في جامعة الملك بلندن الدكتورة فيليبا لنتزوس، إن العالم يشهد حالياً انتعاشاً كبيراً في بناء المختبرات المخصصة للأبحاث في الفايروسات الخطيرة، دون أن تصاحب ذلك إجراءات صارمة لمنع وقوع حوادث تتعلق بالسلامة الحيوية والأمن الحيوي.فيما ارتفع العدد التراكمي لإصابات العالم بفايروس كوفيد-19 إلى 682.63 مليون إصابة، أدت إلى 6.82 مليون وفاة؛ باتت الولايات المتحدة قاب قوسين أو أدنى من تسجيل 106 ملايين إصابة منذ اندلاع نازلة كورونا هناك مطلع سنة 2020. كما تقترب فرنسا من تسجيل 40 مليون إصابة. ويزحف العدد التراكمي لإصابات كل من كوريا الجنوبية (30.71 مليون إصابة)، وإيطاليا (25.65 مليون إصابة)، وإسبانيا (13.78 مليون إصابة). وتحدث هذه التطورات فيما تخلت الدول عن التدابير الوقائية الهادفة لمكافحة تفشي فايروس كورونا الجديد.العالم مستعد لوباء «إنفلونزا الطيور»أعلنت 3 شركات دوائية كبرى متخصصة في صنع لقاحات فايروس الإنفلونزا، أنها يمكن أن تصنع عشرات الملايين من جرعات لقاح بشري مضاد لإنفلونزا الطيور، خلال أشهر، إذا قفزت إحدى سلالات فايروس إنفلونزا الطيور من الطيور إلى الإنسان. ونقلت «رويترز» عن مسؤولين تنفيذيين في شركات غلاكسوسميثكلاين، وموديرنا، وسي إس إل سيكيراس قولهم، إن شركاتهم إما أنها تعكف على تطوير لقاح، أو تقترب من اختبار عينات من لقاحات بشرية طورتها، على أمل أن تكون تلك اللقاحات البشرية قادرة على مجابهة أي احتمال لاندلاع وباء عالمي في المستقبل. وأدى اندلاع إنفلونزا الطيور، خصوصاً متحورة 2.3.4.4b المتحدرة من فايروس H5N1، إلى نفوق عدد كبير جداً من الطيور والحيوانات الثدية. لكن انتقال الإصابة إلى الإنسان لا يزال نادراً. واندفعت شركات الأدوية واللقاحات لابتكار لقاح للطيور لمناوأة إنفلونزا الطيور. وهي سوق أكبر بكثير من سوق اللقاحات البشرية. أما بالنسبة إلى اللقاحات التي تستهدف البشر، فمن المؤسف أنها ستخصص في البداية للدول الموسرة بموجب عقود. وتستهدف خطط الاستعداد لأي وباء عالمي قادم أن تخصص نسبة 10% من لقاحات الإنفلونزا لمنظمة الصحة العالمية، حتى تتمكن من تقاسمها مع الدول المتدنية والمتوسطة المداخيل. وتسعى المنظمة إلى زيادة تلك الحصة إلى 20%، بعدما اتعظت من تجربة وباء كوفيد-19. وتقول المنظمة، إنها وقعت عقوداً ملزمة مع 14 شركة منتجة للقاحات الإنفلونزا لتخصيص 10% لها من اللقاحات المنتجَة. بيد أن تجربة إنتاج لقاحات كوفيد-19 أظهرت أن الدول الغنية تحرص قبل كل شيء على تحصين أكبر عدد من سكانها، ثم تفكر بعد ذلك في ما يمكنها أن تجود به على الدول الفقيرة. وتقول شركات الأدوية، إنها جاهزة لتصنيع مئات ملايين الجرعات من لقاحات الإنفلونزا في حال اندلاع وباء عالمي. وترى أنها لن تكون بحاجة إلى إجراء تجارب سريرية على أي تحديث محتمل للقاحات الإنفلونزا، إذا ظهرت سلالات أو متحورات فايروسية جديدة. وتقول منظمة الصحة العالمية، إن لديها نحو 20 لقاحاً مرخصاً ضد سلالة H5 التي تسبب الإنفلونزا. كما أن توافر الأدوية المضادة للفايروسات بالنسبة إلى من أصيبوا بالإنفلونزا تساعد في تقليص معاناة المصابين. وتقول شركات الأدوية، إن صنع اللقاح ليس مشكلة، لأنه لا يتطلب أكثر من حقن بيض الدجاج بالفايروس لمدة تراوح بين 4 و6 أشهر. لكن الصعوبة تكمن في الإيعاز للشركات بإنتاج كميات كبيرة من الجرعات. ويأمل المختصون بأن يتم توفير الاحتياطات اللازمة ضد الإنفلونزا الموسمية والوبائية من خلال تكنولوجيا مرسال الحمض النووي الريبوزي، بالشكل الذي استخدم بنجاح كبير في إنتاج لقاح كوفيد-19، خصوصاً أنه يسهل تحديث هذا النوع من اللقاحات، لأن هذا اللقاح يستخدم البيانات الوراثية للفايروس، ولا حاجة لزرع الفايروس في بيض الدجاج لإنتاج اللقاح المنشود.< Previous PageNext Page >
مشاركة :