طبعًا، اختصار خلل التطرّف في سبب واحد فيه مبالغة، والمتهم الأول كان، ولا يزال، المناهج الدراسية على اعتبار أنها تؤسس للفكر، فهي عندما تدرس التشدد تنجب متشددين، وثانيا لأن التعليم هو الساحة الضخمة لمئات الملايين من الطلاب المسلمين في أنحاء العالم التي يمكن الوصول إليهم سلبا أو إيجابا. المغرب انضم إلى قائمة الدول التي وعدت بتصحيح المناهج المدرسية. والعاهل المغربي، الملك محمد السادس، ترأس شخصيا اجتماعا وزاريا موضوعه المناهج المدرسية ووجه وزيري التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية: «بضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق». فهل ينجح المغرب فيما فشلت فيه الحكومات الأخرى التي حاولت معالجة الخلل التعليمي؟ الجديد أن المغرب يقول إنه لا يقوم بتنظيف المناهج فقط، بل قرر أن يكتب المناهج من جديد، حتى تخرج طلابا مسلمين يؤمنون بقيم إسلامية عظيمة، تدعو «إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية». تخيلوا أن يتخرج الطلاب وهم يؤمنون عن قناعة دينية بالتسامح واحترام الآخرين من مذاهب وأديان وحضارات مختلفة. فالإسلام محيط كبير يمكن أن يغرف منه كلٌ ما يشاء. وهذا ما حدث خلال العقود الثلاثة الماضية أن اختطف من قبل من قالوا إن الإسلام في خطر، ويجب أن ينتقل إلى حالة الحرب. وغذى هذا الطرح جماعات مؤدلجة لها مطامع سياسية، وسار وراءها كثيرون، ووصلنا إلى ما وصلنا إليه، من فوضى وحروب مع شيعة وسنة وعلويين ومسيحيين ويهود وبوذيين وهندوس. بسببهم جعلوا الإسلام، والمسلمين، عدوا لمعظم شعوب العالم. ألا يمكن للإسلام أن يكون مثل بقية أديان الأرض، يعيش أهله مع الغير ويتعايش مع بقية الأديان. يقول القصر الملكي إن الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية ستدوم لسنوات ما بين 2015 - 2030. ولو استطاع المغاربة كتابة مناهج تنقل عن الإسلام تعاليمه الإنسانية العظيمة، وتربيته الأخلاقية الرفيعة فإنها تستحق أن تكون مرشدا لبقية الدول الإسلامية التي تعاني من إشكالية ماذا وكيف تدرس الإسلام لطلابها المسلمين.
مشاركة :