التنوير رافد السياسة - أيمـن الـحـمـاد

  • 2/9/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لأن دور المفكرين هو التنوير، ولأن العالم العربي اليوم يعيش لحظة تنشط فيها قوى الظلام وأفكار الشر التي اتشحت بالدم، وتوشحت بأداة القتل والتدمير، كان ولا بد من وقفة مع تلك النخب المؤثرة التي يُناط بها إجلاء العتمة والبحث عن بصيص أو قبس من نور يبددها قبل أن ترخي بسوادها على عالمنا الإسلامي الذي يعرف عن دينه التسامح والتعايش؛ ليس كما يروّج له أولئك الذين أضروا الإسلام والمسلمين أيما إضرار، وألحقوا بالدين ما ليس منه، وألصقوا به ما لم يأتِ به أحد قبلهم. جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس الأول أمام نخبة من المفكرين والأدباء ليذكرهم بدورهم وواجبهم في تنوير الأمة، فالتاريخ يقول إن عصر النهضة في أوروبا بدأ عندما قامت الثقافة بدورها لتبديد ظلام القرون الوسطى. إن ما نعيشه اليوم هو نازلة فكرية أو أيديولوجية -إن صح التعبير- بين أدعياء يزعمون أنهم على الطريق المستقيمة وسواهم على طريق الضلال، في هذه الأثناء تحدث التجاذبات ويرتفع صوت الجدل، وهو أمر يبعث على الإحباط ويُذهب هيبة الأمة ويزعزع تماسكها، لذا حمّل الملك سلمان ضيوف الجنادرية الذين جاؤوا من ثقافات متنوعة ومشارب وجنسيات متعددة مسؤولية «جمع الكلمة ووحدة الصف وتنوير الأمة»، وتلك المسؤولية أو المهمة ليست بالأمر اليسير؛ بل إن أكثر المهمات صعوبة وجهداً تلك التي تتعلق بالأفكار، لاسيما عندما تأتي السياسة بكل زخمها وثقلها ومآربها لتسخّر تلكم الأيديولوجيا من أجل تحقيق غايات هدفها زعزعة الصفوف، وإذكاء الفتن عبر بوابة الدين والثقافة في إطارها الواسع، وعبر المدخل «الميكافيلي» بأن الغاية تبرر الوسيلة، تُغذى الأفكار الظلامية لطمس معالم الأمة عبر ضرب نسيجها الاجتماعي، وإثارة النعرات الدينية القائمة على الصراعات الأيديولوجية لعل وعسى أن يُحدث ذلك تهتّكاً ينال من شدة الأوطان وتماسك المواطنين.. في خضم ذلك لا يسع المملكة إلا أن تقوم بدورها التاريخي انطلاقاً من الشرف العظيم الذي حباها الله به، وتشرف ملوكها بخدمة الحرمين، وأن تدعو العالم العربي والإسلامي الذي تنتمي إليه بفعل الجغرافيا والتاريخ إلى نبذ كل ما من شأنه سيادة الفرقة وتشتيت الوحدة التي تهددها اليوم أهوال حقيقية تنذر بتفريقها. ولهذا السبب كان واجباً أن تقوم المملكة بالدفاع عن نفسها وعن جوارها العربي والإسلامي ضد دول تصر على إقحام نفسها والتدخل في شؤون غيرها بطرق وأساليب ملتوية، الهدف منها -كما قلنا- تفريق وتمزيق النسيج المجتمعي للمجتمعات العربية والإسلامية، ولو لم تقف المملكة لتمارس هذا الدور للحقها اللوم وحلّ عليها العتب.

مشاركة :