قانون مور.. وسر التطورات التكنولوجية السريعة

  • 3/29/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ربما لا يدرك البعض اليوم بأن أجهزة الكمبيوتر في بداياتها الأولى - خلال الخمسينيات والستينيات - كانت تشغل غرفة بكاملها مليئة بالأسلاك والصمامات المفرغة، وبأن جهاز الهاتف الذكي الصغير الذي يحملونه في أيديهم تزيد قوته عن قوة تلك الأجهزة بحوالى 1500 مرة. ولا زال بعضنا يتذكر الآلة الطابعة والهاتف ذي القرص الدائري، وكيف كان البريد التقليدي البطيء هو الوسيلة الوحيدة لإرسال الرسائل.. ولو عدنا بالذاكرة للوراء ثلاثين عاماً أو أقل، لوجدنا أن أكثر المتفائلين لم يكن حتى يحلم بما وصلت إليه تكنولوجيا الاتصالات التي نعيشها اليوم، والتي أصبح فيها الأطفال جيلاً مميزاً بحد ذاته، يلهون بألعاب الفيديو التفاعلية، ويستخدمون الهواتف الذكية بمهارة للتواصل والترفيه وتصفح الإنترنت.. وصولا إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت حديث العالم اليوم. السؤال هو: كيف أمكن الوصول إلى هذه الدرجة من التطور بهذه السرعة؟. الإجابة على هذا السؤال تكمن في أداة صغيرة لا يتجاوز حجمها ظفر الإنسان، وتستخدمها أجهزة الكمبيوتر والاتصالات، وهي الرقائق الإلكترونية. هذه الرقائق هي اللبنة الأساسية لعصر المعلومات، والتي قامت عليها معظم التطورات الإلكترونية في السنوات الماضية، وقد تصاغرت تلك الرقائق في الحجم والسعر لدرجة أنه أصبح بالإمكان وضعها في أي شيء. والمعالجات الإلكترونية هي عبارة عن دوائر إلكترونية صغيرة؛ تحتوي على عدد كبير من الترانزستورات يتم توصيلها بأسلاك رقيقة قادرة على حمل المعلومات بسرعة فائقة. أول معالج إلكتروني تم تطويره بواسطة شركة Intel عام 1971م هو (Intel-4004)، وكان يحتوي على 2.300 ترانزستور. بعد 22 عاماً من ذلك التاريخ، وصل ذلك الرقم إلى 5.5 مليون ترانزستور، وصولاً إلى 2 بليون ترانزستور عام 2008، ثم إلى 30 بليون ترانزستور عام 2017م، وتشير التوقعات للوصول إلى تريليون ترانزستور في الشريحة الواحدة عام 2030. هذه التطورات جعلت بالإمكان إنتاج جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر فائقة الصغر بإمكانات وقدرات خارقة. المثير في هذه الإنجازات هو إعطاؤها دفعة جديدة لقانون «مور»، الذي توقع فيه العالم «غوردون مور» أحد مؤسسي شركة إنتل، أن يستمر تضاعف عدد الترانزستورات التي تحتويها المعالجات؛ وتزيد كفاءتها ويقل حجمها كل 18 إلى 24 شهراً. وبجانب صغر حجم هذه الترانزستورات وسرعتها الكبيرة، فهي تتسم بميزتين فريدتين إضافيتين: الأولى، أنها تعمل بجهد كهربائي منخفض جداً، والثانية أن أسعارها تنخفض أيضا، فقد انخفضت مثلا تكلفة التخزين من حوالى 440 دولاراً لكل جيجابايت في عام 1980م إلى حوالى 0.03 عام 2017. وتتجلى وتنعكس أهمية ذلك كله في التطورات السريعة الحاصلة في مجالات صناعية وتكنولوجية عديدة، مثل الذكاء الاصطناعي ونقل البيانات، وغيرها. أخيرًا، فإنه لا يمكن الحديث عن «الرقائق الإلكترونية» دون الإشارة إلى أن تلك الرقائق الصغيرة أصبحت اليوم جزءاً من صميم الصراع بين الدول العظمى، وتعتبر ركيزة أساسية لأمنهم الوطني، وضرورة لا غنى عنها للحفاظ على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي، بل وحتى العسكري.

مشاركة :