لا يزال الجهاز التنظيمي المالي في أمريكا معطلا «2 من 2»

  • 3/29/2023
  • 23:25
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في مذكراته بعنوان "اختبار الإجهاد، تأملات في الأزمات المالية"، أشار تيموثي جايثنر، الذي تولى رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ثم وزارة الخزانة الأمريكية لاحقا، في تأملاته الخاصة في تلك الفترة المضطربة، إلى زعـم هانك بولسون، الذي سبق جايثنر في منصب وزير الخزانة، أن الولايات المتحدة في احتياج إلى "إطار أفضل ينطوي على قدر أقل من الازدواجية ويقيد قدرة الشركات المالية على انتقاء واختيار الهيئات التنظيمية الأقل صرامة في عموم الأمر، في ممارسة تعرف بمسمى المراجحة التنظيمية". وهنا نجد مثالا نادرا على الاتفاق بين الحزبين. لم تفعل إصلاحات دود ـ فرانك المالية، التي اسـتـنـت في أعقاب أزمة 2008، إلا أقل القليل لمعالجة هذه المشكلات البنيوية. وقد جرى دمج مكتب الإشراف على الادخار في مكتب المراقب المالي للعملة، كما أنشئ مكتب جديد لتوفير الحماية المالية للمستهلك ـ ليضيف اختصارا آخر إلى حساء الأبجدية. لكن بقية النظام التي كانت بغيضة للغاية في نظر جايثنر وبولسون فقد تـركت على حالها. واصـل بول فولكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق الكفاح من أجل التبسيط حتى وفاته في نهاية 2019. في 2015، نـشـر تحالف فولكر غير الربحي لائحة اتهام شديدة القسوة للنظام ورسم مخططا لبنية أكثر تماسكا. كانت العناصر الأساسية صريحة ومباشرة، تكليف بنك الاحتياطي الفيدرالي بتعزيز المسؤولية الشاملة عن الاستقرار المالي، وتقليص حجم مجلس مراقبة الاستقرار المالي، الذي كان التناوب على عضويته سريعا بين كل الهيئات المتنوعة المشاركة في التنظيم المالي في مختلف أنحاء البلاد، ووضعه تحت سيطرة الاحتياطي الفيدرالي، ودمج لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة تداول السلع الآجلة في عملية إعادة الهيكلة. "الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تتولى فيها كيانات مختلفة تنظيم الأوراق المالية النقدية ومشتقاتها". أوصى تحالف فولكر أيضا بإنشاء هيئة إشرافية احترازية جديدة، وكالة مستقلة يمكنها دمج كل الوظائف الاحترازية التي يتولاها الآن بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومكتب المراقب المالي للعملة، ومؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية، ولجنة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة تداول السلع الآجلة، التي تشرف حاليا على السماسرة وصناديق أسواق المال. ستكون النتيجة إنشاء نظام "أكثر بساطة ووضوحا وقدرة على التكيف، وأعظم قدرة على الصمود، الذي كان ليحصل على التفويض للتعامل مع النظام المالي كما هو قائم الآن وكان ليتمكن من مواكبة المشهد المالي المتطور". من المؤسف أن فولكر لم يعد معنا ليدفع في اتجاه الإصلاح. لكن أينما كان، فربما يسمح لنفسه برسم ابتسامة حزينة على وجهه إزاء الأحداث الأخيرة. ترقى هذه الأحداث إلى كونها دليلا إضافيا على أن النظام في الولايات المتحدة معطل وظيفيا. في الوقت الحالي تعمل السلطات الأمريكية عمل مكافحي الحرائق، وينبغي لنا جميعا أن نأمل أن تنجح. لكن عندما تنتهي الأزمة قصيرة الأمد، فقد تنفض الغبار عن تقرير فولكر. الواقع أن تحليلاته تمس الوضع اليوم بدرجة كبيرة والتوصيات واضحة وقابلة للتطبيق، تماما كما كان المرء ليتوقع من شخص أشرف على الغابة التنظيمية الحالية لأكثر من عشرة أعوام. لا يزال النظام لا يعمل على النحو اللائق، وهو في احتياج إلى الإصلاح قبل أن يكشف عن أوجه القصور التي تعيبه مرة أخرى. خاص بـ "الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :