لم يَعد الاتحاد المرتقب بين دول الخليج العربي مظهراً من مظاهر الترف السياسي بل بات ضرورة سياسية وعسكرية وأمنية ومستقبلية ملحة جداً ولعل تفاقم التحديات والتصادمات التي شهدتها منطقة الخليج العربي قد ألقت بظلالٍ قاتمة عطلت مشروع الاندماج الخليجي العربي الكبير وأوجدت في بعض الأحيان ثغرات تراكمية كان ينبغي أن تندمل بين بعض دول المجلس، ولولا حكمة كبار قادة دول الخليج العربي وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لانزلق الخليجيون إلى شرور فتنة التخبط السياسي بكل مضاعفاته وإنتكاساته وربما إنزلقوا إلى شرور أكبر وأعظم . ولكن الله حمى الخليج العربي والخليجيين من هذه التراكمات التي لا بد أن تندثر حتى يتمكن الخليجيون من مواجهة الأخطار الكبرى المحدقة بهم وعلى رأسها تهديدات النظام الفارسي الفاشي الإيراني وتدخلاته في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي ، ولا أحسبني مُغالياً إذا قُلتُ إنَّ أخطارا كبرى تُحيط بنا لأننا بحق مستهدفون أمنياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافيًا وعقائدياً وأخلاقياً وتربوياً لقد انقضت ستة وثلاثون عاماً حصد معها الخليجيون ثماراً شتى بعضها يانع والبعض الآخر لم يكتمل نموه بعد رغم أن بعض أحلام الخليجيين تحققت في ظل ظروف صعبة حتى قبل قيام ــ مجلس التعاون عام 1980 ــ وخاصةً إعلامياً ورياضياً واجتماعياً ويبدو أن هذا التوافق المبكر لم يكن كافيا ليمنح الحلم الخليجي دفعة قوية نحو التكامل السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري ليبلغ المدى الذي تطلعنا إليه ونحن نعايش التحديات والأخطار والتهديدات الفارسية الإيرانية التي تواجه هذا التجمع العربي الخليجي المهم، بل والمتميز والمؤثر جدا في محيطه الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي والحصن الحصين أمام الأخطار والتهديدات الفارسية الإيرانية المتنامية . فهل يبادر الخليجيون إلى «اليقظة» التي تتطلب «وحدة الصف والكلمة» لمواجهة التحديات والتهديدات الفارسية الإيرانية التي تهدد أمننا واستقرارنا لنكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا أم أن حلم الـ 36 عاماً ستتقاذفه الأمواج العاتية وتقلبات الربيع والخريف والشتاء والصيف وكل فصول العبث بمقدرات هذه الأمة ومستقبل أجيالها، ولو أن استفتاءً خليجياً عربياً انطلق اليوم في ميادين أبو ظبي، المنامة، الدوحة ، مسقط، الرياض، الكويت لأجمع الخليجيون بصوت واحد - قد تشذ عنه أصوات من تجري في عروقهم الدماء الفارسية الإيرانية - نعم للاتحاد الخليجي العربي الذي نادى به المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز. فهل يصغي القادة لهدير شعوبهم الخليجية العربية وثاقب بصر حكيمهم رحمه الله ؟ عبدالله الهدلق
مشاركة :