كنا نتحدث عن الانتخابات الأميركية والتأثير القوي للولايات الزراعية، وذلك جعلنا ننعطف لاجراء استفتاء بين طالبات الجامعات البريطانيات حيث نسبة كبيرة منهن يرغبن بالزواج من الفلاح، حيث إن الفلاح لا يجوع، كما أن الولايات الزراعية تتحكم بإطعام الولايات غير الزراعية لذا يكون صوتها الأقوى بالانتخابات. ذلك جرني للتفكير بالفلاح الذي لا يجوع، ونظرتنا عادة للفلاح وهو الإنسان البسيط الذي رأسه دائما للأرض يحادثها ويغازل سير الماء فيها، والذي يفرحه المطر كثيرا، ويتيح له ري زراعته دون جهد وتعب. الفلاح لا يجوع، لكن عندما يهجر الفلاح مزرعته يجوع البلد باسره.. وتذكرت حديث تلك البدوية التي تطلب العمل بإلحاح (من عشاه على الناس ما تعشى) فهي تريد عشاها من كد يديها، ما بين الفلاح والصانع جرت مناظرات بقلم كبار الأدباء في عهد النهضة العربية.. وأتذكر بعضها كان مقررا علينا في الدراسة المتوسطة.. بعض الصناعات قد يمكن الا نحتاجها دوما، ولكن لا أحد يصمد دون طعام، وإذلال الشعوب من الغرب كان بتجويعها، ومن ذلك إصرار بعض الدول الكبرى على تصدير منتجاتها الزراعية لدول زراعية اصلا فتعتمد تلك الدول عليها متوقعة الربح في فرق العمالة والماء وفلح التربة، لكن ستكتشف لاحقا أنها رهنت قوتها للأجنبي!. تعتمد الزراعة كثيرا على مصانع لصنع المحاريث الحديثة وأدوات الحصاد، ومن ثم التنظيف والتعليب. ولكن تلك الأدوات تساعد فيبقى الأصل الزراعة وما تنتجه الأرض.. كل ما اسلفت يقودنا لتذكر مناطقنا الزراعية وما تنتجه خاصة تلك التي لها تربة جيدة وغيثها كثير، مثل منطقة تبوك حيث تتأثر نوعا ما بمناخ البحر الأبيض المتوسط. وما ينتجه من غلال مفيدة ممكن أن تكون سلة فواكهنا منها. وايضا الزيتون ومشتقاته، وكذا الجوف وما حولها. أما الجنوب بما تسقط عليه من أمطار وبما يؤهله لان تكون سلة الخبز منه إن لم يكن كل الخبز فبعضه. منّ الله علينا بمورد شبه دائم وهو التمر حيث النخلة تشبه إنسان هذا الوطن، تعيش مهما كانت الظروف وتعطي كل عام كميات كبيرة ممكن أن يعيش عليها البلد وبما يعمله سواء من صناعات غذائية أو حياتية تعتمد على النخل ومنتجاته، وقد قالها الملك فيصل طيب الله ثراه إبان حرب 73 (نكتفي بالتمر واللبن غذاء). من يملك لقمته يملك قراره، والدول التي تزرع لقمتها وممكن تصنع لبسها هي دول في غنى عن غيرها، ولديها اكتفاء ذاتي.. إن زوجة الفلاح لن تجوع، قالتها طالبات بريطانيا، ونقولها ايضا فالفلاح الذي عينه للأرض وقلبه يعشقها سيعرف كيف يعشق زوجته وابناءه.. قبل أن أنهي مقالي أذكّر بالمستعمرات اليهودية الكيبتوز التي حاولت إسرائيل من خلالها بناء مجتمع فلاحي من شباب اليهود لربطه بالأرض؛ حيث لم يكن اليهودي من هواة الزراعة والفلاحة. وكثّر الله خير أرضنا. shalshamlan@hotmail.com
مشاركة :