أكثر مكان يقضي فيه الأطفال والأبناء أوقاتهم -بعد منازلهم- هي المدارس، وأكثر الأفراد الذين يبقى معهم فلذات الأكباد -بعد أفراد الأسرة- هم المعلمون والمعلمات، فالمدرسة والمعلم هما من العناصر الأساسية التي تكمل الدور الذي يقوم به أولياء الأمور في المنزل، ومن خلالهم يتم التوجيه وتأكيد المبادئ الأساسية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وغيرها من وسائل التربية الأخرى التي تُقدَّم للأبناء خلال المرحلة الدراسية. المعلمون والمعلمات هم من أهم فئات المجتمع الذين نفخر ونعتز بهم على الدوام، فهم الذين يتربَّى على أيديهم الأجيال، وفضلهم عظيم على الصغير والكبير، ودورهم بارز في كل المحافل العلمية المختلفة، غير أننا في حاجة ماسة إلى مراجعة المهارات والقدرات التعليمية لهم بين فترةٍ وأخرى، كما أننا في حاجة إلى وضع نظام تقييم دوري، ليس فقط للأداء العملي، بل وكافة الجوانب السلوكية والفكرية والنفسية لكل معلم ومعلمة. الحادثة التي وقعت مؤخراً في محافظة الداير في بني مالك، والتي أعلن من خلالها عن قيام أحد المعلمين باقتحام مكتب التعليم في المحافظة بسلاحه الرشاش وإطلاق الرصاص بشكل عشوائي على من في المكتب، فأسقط 6 قتلى منهم ثلاثة مشرفين تربويين و3 إداريين، فيما أصيب اثنان من الإداريين حالة أحدهما حرجة، ثم لاذ بالفرار، لتتمكن الجهات الأمنية في وقتٍ وجيز من الإطاحة به، هي حادثة أليمة وخطرة، وخصوصاً -وكما ذكرت الصحف- بأن الشخص المقتحم لمكتب التعليم يعمل معلماً بإحدى مدارس المحافظة، وهذا الأمر هو ما يجب التوقف عنده، بغض النظرعن أسباب الحادث، فالمعلم مُؤتمن على أبنائنا، وأن يظهر فجأة مُعلِّم بمظهر القاتل الذي يحمل سلاحه ويطلق النار به بشكلٍ عشوائي، أمر في غاية الخطورة، ويتطلب من الجهات المعنية وقفة خاصة تعيد النظر من خلالها إلى الآلية المناسبة لتقييم مستوى المعلمين والمعلمات بشكلٍ دوري. مكانة المعلم في مجتمعنا مكانة عظيمة، وذلك التصرف إنما هو تصرف فردي، وقد يحدث من أي موظف آخر، ولا يجب علينا تعميمه، ولكن في المقابل يجب علينا أن نراعي متابعة أوضاع المعلمين والمعلمات باستمرار، فهم بشر تمرُّ عليهم ظروف مختلفة، ويتأثَّرون كغيرهم بالأحداث التي تقع لهم، ولا نريد أن ننتظر إلى أن ينعكس بعض تلك الأحداث على أبنائنا في يومٍ ما، لاسمح الله. رحم الله الأموات، وعافى المصابين، وحفظ أبناءنا ومجتمعنا من كل شرٍّ وبلاء. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :