تونس - ألقى نورالدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي بمسؤولية الأزمات التي تعيشها البلاد على السلطة السياسية، متّهما إياها بالاستحواذ على السلطات والتفرّد بالرأي، منتقدا ما أسماه تغييب المركزية النقابية الأكبر في البلاد وتجاهل دورها التاريخي، لكنه في المقابل أثنى على الموقف الذي اتخذه الرئيس قيس سعيد مؤخرا برفضه إملاءات صندوق النقد الدولي، في تحوّل يعكس عدول الاتحاد عن نهجه التصعيدي الذي أدى إلى التوتر بينه وبين السلطة. وقال الطبوبي في كلمة ألقاها اليوم الاثنين خلال تجمّع عمالي بقصر المؤتمرات بالعاصمة بمناسبة عيد الشغل إنه "بعد استراحة المناضل خلال شهر رمضان آن الأوان للعودة إلى الطريق السلمي للنضال". وتابع أن "المنظمة الشغيلة ستواصل تحركاتها النضالية السلمية من أجل الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال" وأعلن عن الانتهاء من المبادرة التي أعدّها اتحاد الشغل مع ثلاث منظمات، مؤكدا أنه سيتمّ تقديمها قريبا إلى الرئيس قيس سعيد، موضحا أنها ليست فرضا على السلطة القائمة أو الرأي العام ولا تهدف إلى الوصول إلى السلطة أو تحقيق مكاسب بل اضطلاع القوى الوطنية بدورها لإيجاد حلول للأزمة التي تعيشها البلاد، مشيرا إلى أنه لا خيار لتونس ولشعبها إلا الحوار، بعيدا عن التفرّد بالرأي. وأوضح أنه في غياب الحوار فإن البلاد مهددة بالانقسام والتفكك والتبعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع المقدرة الشرائية للمواطنين وتفشّي الهجرة غير القانونية وزيادة الخطر على كيان الدولة. وقال إن طرد نقابيين دوليين من تونس يكشف التفرّد بالرأي وسياسة فرض الأمر الواقع التي تنتهجها السلطة، متجاهلة القوى الوطنية ومكوّنات المجتمع المدني. وشدد على أن "تونس اليوم في حاجة إلى وحدة وطنية من أجل النهوض بالبلاد على كافة المستويات واستعادة مكانتها"، مؤكدا أنه لا "تسامح ولا مصالحة مع من تورط في الفساد أو يعادي الدولة ولا يعترف بسيادتها". ونوّه الطبوبي بموقف الرئيس قيس سعيد الرافض لإملاءات صندوق النقد الدولي، مؤكدا أنه يتوافق مع موقف اتحاد الشغل الذي يرفض الإصلاحات التي يشترطها الصندوق مقابل التوصل إلى اتفاق نهائي حول القرض. وأعلن سعيد في تصريحات أدلى بها في 6 أبريل/نيسان الماضي رفضه التامّ لشروط صندوق النقد الدولي وخاصة المتعلّقة برفع الدعم، في أوضح موقف رسمي بالتزامن مع ضغوطات غربية تستعجل السلطات التونسية على تسريع اتفاقها مع الصندوق، داعيا التونسيين إلى الاعتماد على إمكانياتهم الذاتية. وسبق أن دخل اتحاد الشغل في معركة ليّ أذرع مع الحكومة، متمسكا بمعارضته الشديدة لشروط صندوق النقد، معتبرا أنها قاسية على المواطنين وستزيد في إثقال كاهلهم، خاصة في ظل تدهور المقدرة الشرائية لشرائح واسعة من الشعب التونسي. وتعتبر التصريحات الجديدة تحولا لافتا في موقف اتحاد الشغل، بعد التصعيد الذي قابل به اعتقال عدد من النقابيين وإحالة البعض الآخر على التحقيق في قضايا تتعلّق بتحركات احتجاجية نقابية خارج الأطر القانونية. وفي سياق منفصل رحّب الطبوبي بقرار سعيّد بتعيين سفير لتونس لدى سوريا، مشيرا إلى أن اتحاد الشغل طالب مرار بإعادة العلاقات بين تونس ودمشق. وكان الطبوبي قد لوّح باللجوء إلى الشارع في حال لم تعترف السلطة بمبادرته، في خطوة تهدف إلى دفع السلطة إلى الاعتراف به شريكا أساسيا مثلما كان الحال خلال العشرية الأخيرة وهو ما يرفضه سعيّد الذي يعتبر ذلك تشكيكا في شرعيته. ويسعى اتحاد الشغل إلى استنساخ التجربة السابقة للرباعي التونسي للحوار الذي نجح في حلّ الأزمة السياسية الحادة التي عاشتها البلاد عام 2013 وانتهت بتشكيل حكومة تكنوقراط تولّت مهمة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في عام 2014. وجابه الرئيس قيس سعيد التهديدات التي أطلقها الطبوبي في خضم معركة سياسية حامية مع السلطة بتصريحات توعّد من خلالها كلّ من تسوّل له نفسه باستغلال أزمات البلاد لتأجيج الأوضاع والتحريض على مؤسسات الدولة، مشددا على أنه سيتم التصدي لكافة هذه المحاولات.
مشاركة :