يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري من خلال برامج حاسوبية يتم تصميمها، حيث يشير إلى قدرة الحاسب أو أي آلة أخرى على تنفيذ تلك الأنشطة التي عادة تتطلب الذكاء، فهو يتم بتطوير الآلات وإضافة هذه القدرة إليها. ويمكن تعريفه بأنه الحقل الفرعي لعلوم الحاسوب المعنية بمفاهيم وأساليب الاستدلال الرمزي بواسطة الحاسوب، وتمثيل المعرفة الرمزية للاستخدام في صنع الاستدلالات، كما يمكن رؤية الذكاء الاصطناعي على أنه محاولة لنمذجة جوانب من التفكير البشري على أجهزة الحاسوب. وقد آمنت مملكة البحرين بضرورة توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الإنتاجية والخدماتية والاستعداد الكامل للتعامل مع متطلبات الاقتصاد الرقمي الهادف إلى تطوير أنظمة وبرامج قادرة على القيام بمهام تتطلّب محاكاة الذكاء والتفكير البشري. وهذا ما أدّى إلى إحداث ثورة في مجالات مختلفة، أهمها: التعليم، والتجارة والصناعة، والطب، والزراعة، والبيئة، والأمن؛ لذا فقد أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًّا في العديد من الأنظمة التعليمية في مختلف أنحاء العالم، ومن ضمنها مملكة البحرين التي اعتمدت على ذلك في شتى المجالات الحيوية للمؤسسات الحكومية والخاصة؛ فقد عملت منظمة اليونسكو على وضع إطار للتقييم الذاتي وجهوزيته في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يهدف إلى دعم الدول الأعضاء لتقييم مستوى التأهب لقدراتها على استيعاب ودمج تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات المرتبطة بالتعليم ومجالاته، على المستوى الوطني لكل دولة من دول الأعضاء على حدة، والعمل على تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة لتحقيق أجندة التعليم 2030، لأنّه حقًا قد أسهم في تحسين العملية التعليميّة التعلميّة في المدارس والجامعات والمعاهد التدريبية. وقد أظهر تحليل الممارسات التعليميّة القائمة على استخداماته فوائد مهمة ومختلفة، حيثُ أبرزها كان على مستوى جودة التعليم، وذلك على النحو التالي: - تقديم توصيات للمعلمين؛ بهدف تحسين مستوى الطلبة وتعزيز إنجازاتهم الأكاديمية. - تحديد نقاط القوة والضعف في أداء الطلبة، وتوفير التغذية الراجعة الفورية التي تعمل على تعزيز معرفة الطلبة، أو تأكيد كفاءاتهم، أو دحض أفكار مسبّقة حول الموضوع المطروح. - تطوير نظام تعلّم متكامل يجمع بين التعليم التقليدي والتعلّم الإلكتروني والذاتي. - تقديم التغذية الراجعة بشكل مباشر، والتي بدورها تسهم في تفعيل دور التعلّم النشط. كذلك هناك عدة فوائد تسهم في تجويد ورفع مستوى الاختبارات والتقويم لأداء الطلبة وقياس تعلمهم، حيثُ تعدُ ذات أثر إيجابي لعمليات التقويم التي تتسم بالشفافية والصدق وعدم التحيز في تقويم الطلبة، وهي كالتالي: - تعزيز الكفاءة من خلال أتمتة عملية التصحيح التي تقلّل من أعباء تصحيح الاختبارات من المعلمين بشكل يدوي، ولا سيما للأسئلة غير الموضوعية. - تقليل التحيزات البشرية والأخطاء التي تنشأ أثناء التقويم اليدوي؛ لأنّ الخوارزميات تساعد على تصنيف عمل كل طالب باستمرار، وفقاً لمعايير محددة؛ وبالتالي زيادة الإنصاف في رصد الدرجة. - تطوير الاختبارات التي تستخدم لقياس أداء الطلبة، بناءً على تحليل الأداء السابق للطلبة وتوقع أدائهم المستقبلي. - تحديد الموضوعات التي يجب تضمينها في الاختبارات، ونمط الأسئلة، لتحديد مستوى الفهم الذي يحتاج إليه الطالب. - تمكين تجارب التعلم الشخصية التي تفسح المجال للمعلمين لإنشاء خطط تعليميّة فردية تستهدف الجوانب التي تحتاج إلى تحسين، مما يؤدي إلى نتائج أكاديمية أفضل. وعلى الرّغم من تلك الفوائد للذكاء الاصطناعي، فإنه لا يمكننا الاستغناء عن دور المعلمين الذي يعتبرُ أساسيًا ومهمًّا في عملية تقويم أداء الطلاب وقياس أثر تعلمهم ومدى اكتسابهم المعارف والمهارات الأساسية وفق المراحل التعليمية؛ لذا فإنهم يمتلكون القدرة على التقييم الذاتي من منطلق المهام والمسؤوليات المنوطة، من خلال توظيف تلك النتائج التي تم التوصل إليها في تحسين وتجويد العمليّة التعليميّة التعلميّة، وبالمقابل يجب الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي قد تؤثّر على أداء الطلبة أثناء توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقويمهم، مثل: البيئة المنزلية، والاهتمامات الشخصية، والمشاكل الصحية، والعوامل الاجتماعية، وبينما يَعد الذكاء الاصطناعي بتحقيق نتائج إيجابية تنعكس على العملية التعليميّة التعلميّة، ظهرت العديد من الأصوات التي أبدت مخاوفها تجاه توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، معللة ذلك بأن: الطلبة قد يفتقرون إلى المهارات التي تكسبهم الخبرة العملية والتفاعل مع الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاعتماد الشديد على التقنيات الحديثة إلى الحد من قدرات الطلبة على التفكير النقدي والإبداعي والتواصل الفعّال مع أقرانهم ومحيط مجتمعهم. كما أثارت مشكلة جمع المعلومات الشخصية وتخزينها في التقويمات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي مخاوف عدة تتعلق بالوظائف التعليمية واحتمالية فقدانها، وانعدام الخصوصية الشخصية، إذ يمكن اختراق البيانات الحساسة، وإساءة استخدامها أو التلاعب بها، وفقدان البيانات في حال التعرض للأضرار والحوادث الإلكترونية المتعارف عليها، والتي يترتب عليها كلفة مادية كبيرة. وعلى الرغم من الإيجابيات المتعددة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقويم أداء الطلبة، وتعقيبًا على ما سبق، نحنُ بحاجة إلى إعادة النظر في تلك التحديات التي تواجهنا في تطبيقه؛ مما يقتضي علينا ضرورة العمل على تحقيق توازن بين الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري وقوة تفكيره؛ ليكون فعالًا في مجال ضمان تقييم شامل لمعارف الطلبة ومهاراتهم، وفي هذا الصدد، فإن الجهود التعاونية بين مطوري تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتسارعة، والمؤسسات التعليمية تعدُ ضرورة لتحسين كل الآليات التي تحقّق أفضل النتائج. كما تؤكّد امتلاكها القدرة على إعادة تشكيل التقويمات التعليميّة التعلميّة إلى أدوات أكثر كفاءة تسهم في النمو المعرفي والشخصي للطلبة، وتأهيلهم للمستقبل الذي يتطلّب استخدام التقنيات والذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومستدام، وفي سياق تلك الجهود، يقتضي العمل بجد لتطوير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات والمعاهد التدريبة لتقويم أداء الطلبة، وذلك بواسطة تهيئة المعلمين ومسؤولي التدرّيب على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفية تطبيقها في عمليات التقويم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الشفافية والنزاهة فيها. علاوة على ذلك، فإنه يتطلّب عند تطوير الذكاء الاصطناعي تصميم نظم تحترم التنوع الثقافي واللغوي للطلاب، وتكون قادرة على التعامل مع الطلبة من خلفيات مختلفة؛ بهدف تقييم عادل لجميع مستويات وفئات الطلبة. { كلية البحرين للمعلمين
مشاركة :