كيف غفلنا عن موجة التضخم العاتية؟ «2 من 3»

  • 5/15/2023
  • 00:18
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وجدنا أدلة أيضا على أن الدول التي كان تعافيها الاقتصادي من صدمة الجائحة أسرع من المتوقع -مثل نيوزيلندا وسنغافورة وتركيا- تعرضت بالمثل لتضخم فاق التوقعات. وكان هذا الوضع شائعا في 2021 أكثر مما كان في 2022، ما يلمح إلى احتمال حدوث تحفيز مفرط للطلب في المرحلة الأولى من التعافي من صدمة الجائحة. ثانيا، قوبل التعافي القوي للطلب بسلاسل إمداد تعاني قيودا شديدة. فعادة ما تنشأ الاختناقات في سلاسل الإمداد بسبب صدمات العرض أو الطلب، ونادرا ما تكون ناشئة عن الاثنين معا. غير أنه في أثناء الإغلاقات العامة الأولى بسبب جائحة كوفيد- 19، كانت القوتان تعملان على نحو بالغ التأثير، فالطلب على السلع كان يزداد بوتيرة سريعة، بينما شهد المعروض تراجعا كبيرا مؤقتا. ووجدنا أن أخطاء التنبؤ كانت أكبر في متوسط الحالات بالنسبة إلى الدول التي أسهم الطلب فيها بدور أبرز من العرض في الضغط على سلاسل الإمداد. وتجلت هذه الديناميكية في البرازيل ونيوزيلندا، وبدرجة أقل في كندا والولايات المتحدة. ثالثا، تضخمت الاختلالات بين العرض والطلب بسبب تحول الطلب من الخدمات إلى السلع أثناء الفترة المبكرة من الإغلاق العام، حيث توقف العمل تقريبا في قطاع الترفيه والضيافة. وأدى هذا إلى انعكاس مؤقت في الاتجاه العام الذي ساد في العقدين الماضيين والذي اتسم بانخفاض تضخم أسعار السلع عن أسعار الخدمات. وبالنسبة إلى الاقتصادات التي بدا فيها هذا الانعكاس حادا، حيث ارتفع تضخم أسعار السلع عن تضخم أسعار الخدمات، كانت أخطاء التنبؤ أكبر أيضا. ومن المرجح أن تحول الطلب من الخدمات إلى السلع كان السبب وراء أخطاء التنبؤ بالتضخم في البرازيل وشيلي والولايات المتحدة، حيث بلغ التضخم الأساسي لأسعار السلع في 2021 أكثر من ضعفي مثيله لأسعار الخدمات. رابعا، أدى النقص غير المسبوق في معروض سوق العمل، الذي لا يزال مستمرا في بعض الاقتصادات المتقدمة، إلى إحداث الإرباك في بعض العوامل السابقة. فقياسا على نسبة الوظائف الشاغرة إلى البطالة، كانت أسواق العمل تعاني نقصا كبيرا في المعروض في أستراليا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهو ما ارتبط ارتباطا دالا بحجم أخطاء التنبؤ بالتضخم الأساسي لهذه الدول. وكان يمكن إسداء المشورة لصناع السياسات بتخفيض سرعة إجراءاتهم المالية في 2020، تجنبا للخطر الذي كان يلوح في الأفق آنذاك. وحول التحفيز المالي، فإنه باسترجاع الأحداث الماضية، يمكن أن نجد في التقاء عوامل عدة معا، هي: التعافي الأقوى من المتوقع في الطلب، واختناق سلاسل الإمداد بالطلب المتزايد، والتحولات القطاعية في الطلب، وسوق العمل الساخنة، تفسيرا مقنعا لعدم الانتباه المتكرر لنوبة التضخم المقبلة. والمؤكد أننا ازددنا حكمة بفضل الاستفادة مما سبق. غير أن على صناع السياسات اتخاذ قرارات آنية اعتمادا على مجموعة فرعية من المعلومات المتاحة لنا اليوم. ويثير هذا تساؤلا بسيطا لكنه مهم، أكان ينبغي على القائمين بالتنبؤ استشراف الموجة التضخمية العاتية من ثنايا الأحداث وقت إصدارهم تلك التنبؤات؟... يتبع.

مشاركة :