الإسلام يصون حقوق مخالفيه في العقيدة

  • 2/19/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

منذ صدع الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، بدعوة الإسلام قبل نحو خمسة عشر قرناً‮ ‬من الزمان لم تنقطع الشبهات والمزاعم المغرضة ضد الإسلام ورسوله‮.‬ خصوم الإسلام لم‮ ‬يتوقفوا‮ ‬يوماً‮ ‬عن إثارة الشبهات المغرضة والمزاعم الكاذبة ضد ديننا الحنيف للتشكيك فيه،‮ ‬وتشويه صورته،‮ ‬وصرف الناس عنه‮.‬ افتراءات هؤلاء الخصوم تكشف عن جهل شديد بتعاليم الإسلام السامية،‮ ‬وقيمه الفاضلة،‮ ‬وغاياته النبيلة‮. ‬كما تكشف عن حقد دفين‮ ‬يستهدف الإساءة للدين وأهله،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يستوجب مواجهة تلك الشبهات والمزاعم،‮ ‬وكشف زيفها‮. ‬ ‬ومن تلك الشبهات والمزاعم الادعاء بأن تعاليم الإسلام لم تتضمن من القيم والأسس والمبادئ والحقوق التربوية للطفل ما‮ ‬يضمن إطلاق طاقاته في شبابه نحو تحصيل مختلف العلوم،‮ ‬والمشاركة في تحقيق التقدم والنهضة‮.‬ ‮* ‬فما حقائق الإسلام التي تدحض تلك الشبهة،‮ ‬وتسقط ذلك الزعم،‮ ‬وتكشف مغالطات خصوم الإسلام وافتراءاتهم؟‮ - يؤكد الدكتور محمود أحمد شوق أستاذ التربية بالجامعات المصرية والعربية أن الإسلام فرض للطفل حقوقاً تكفل له التربية السليمة التي‮ ‬هي أساس تقدم الأمم،‮ ‬وعماد نهضتها،‮ ‬مشيراً إلى أن الصراع بين الأمم اليوم أصبح صراعاً تربوياً بالدرجة الأولى،‮ ‬وارتبط التقدم العلمي والتقني الذي‮ ‬تحرزه بكفاءة القوى البشرية فيها،‮ ‬وبما‮ ‬يتوافر لديها من مهارات علمية وتقنية‮.‬ ‮ ‬ويجزم بأن الدول التي‮ ‬تملك ناصية التقدم العلمي والتقني‮ ‬المعاصر في الشرق والغرب قد أسسته على سبق تربوي على‮ ‬غيرها من الدول التي لم تستطع اللحاق بها‮.‬ ‮ ‬ويقول‮: ‬إن تاريخ الأمة الإسلامية‮ ‬يؤكد سبقها العلمي والتقني‮ ‬في سنين مضت،‮ ‬ومن ثم فإن أقل ما نتوقعه اليوم أن تسهم الدول الإسلامية في‮ ‬قيادة هذا التقدم في الوقت الحاضر‮.‬ توازن واعتدال ‮ ‬ويشدد الدكتور شوق على أنه في‮ ‬مقدمة الحقوق التربوية التي كفلها الإسلام للطفل أن تكون تربيته تربية إسلامية صحيحة،‮ ‬تستمد مقوماتها من حقائق الدين الداعية إلى السلام،‮ ‬والأمان،‮ ‬والتعاون،‮ ‬والمحبة،‮ ‬والبناء‮.‬ ‮ ‬ويوضح أن التربية الإسلامية تتميز بأنها تشمل الحياتين الدنيا والآخرة في توازن واعتدال‮.. ‬قال تعالى‮: ‬قُلْ‮ ‬إِنَّ‮ ‬صَلاَتِي‮ ‬وَنُسُكِي‮ ‬وَمَحْيَايَ‮ ‬وَمَمَاتِي‮ ‬لِلّهِ‮ ‬رَبِّ‮ ‬الْعَالَمِينَ‮.. (‬سورة الأنعام: 162) ‮ ‬والتربية الإسلامية تتميز أيضاً بأنها تعين المسلم على التعرف إلى ثوابت الدين وتفهمها وتطبيقها في حياته‮.‬ ‮ ‬ويشير إلى أنه من حقوق الطفل التربوية أن تركز عملية التربية على طبيعته ووظيفته،‮ ‬ذلك أن طبيعة المتعلم ووظيفته في الحياة من أهم الاعتبارات التي‮ ‬ينبغي أن‮ ‬يهتم بها التربويون في عملية تنشئة الأجيال الجديدة‮.‬ ‮ ‬ومن أهم جوانب طبيعة الإنسان في الإسلام أنه مفطور على التوحيد،‮ ‬وأن البيئة المحيطة به هي التي‮ ‬قد توجه هذه الفطرة وجهة أخرى،‮ ‬ومن ثم فمن حق الطفل أن تحافظ تربيته على فطرته السليمة‮.‬ ‮ ‬ومن طبيعة الإنسان أنه مكرم من عند الله،‮ ‬ومن ثم فمن حق الطفل المسلم أن تدعم تربيته هذا التكريم،‮ ‬وأن تعرفه به،‮ ‬وتنشئه عليه‮.. ‬قال تعالى‮: ‬وَلَقَدْ‮ ‬كَرَّمْنَا بَنِي‮ ‬آدَمَ‮ ‬وَحَمَلْنَاهُمْ‮ ‬فِي‮ ‬الْبَرِّ‮ ‬وَالْبَحْرِ‮ ‬وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ‮ ‬الطَّيِّبَاتِ‮ ‬وَفَضَّلْنَاهُمْ‮ ‬عَلَى كَثِيرٍ‮ ‬مِّمَّنْ‮ ‬خَلَقْنَا تَفْضِيلاً‮.. (‬سورة الإسراء‮:07). ‮ ‬ولا‮ ‬يخفى أن الطفل لديه استعداد لكل من الخير والشر،‮ ‬ومن ثم‮ ‬ينبغي أن تعمل التربية على تنمية الاستعدادات الخيّرة لدى الطفل،‮ ‬وأن تستشرف مكامن الخطر،‮ ‬وتعمل على التوقي منها وسرعة علاجها‮. ‬ خصائص العلم في الإسلام ‮ ‬ويوضح الدكتور شوق أن للعلم في الإسلام خصائص‮ ‬ينبغي أن تقدمها المناهج الدراسية للأطفال،‮ ‬بحيث تكون هذه الخصائص جزءاً من معارف هؤلاء الأطفال وخبراتهم،‮ ‬كما توجه سلوكهم في حياتهم،‮ ‬ففي إحياء هذه الخصائص بعث للنهضة العلمية في الأجيال المسلمة‮.‬ ‮ ‬ومن واجبنا أن نعرف الطفل المسلم أن طلبه العلم ليس ترفاً له فيه الاختيار،‮ ‬وإنما هو فرض واجب الأداء،‮ ‬وأن تحصيل العلم عبادة طالما روعيت فيه حدود الله في الاكتساب والتطبيق،‮ ‬وأن العلماء ورثة الأنبياء،‮ ‬وأن العلم كله من عند الله حتى في حال اكتشافه بواسطة البشر‮.‬ ‮ ‬إن مثل هذه المفاهيم تدفع الطفل إلى الاستزادة من العلم،‮ ‬والحرص على تحصيله،‮ ‬وهذه هي البداية الطبيعية لتربية العلماء،‮ ‬وهذه من أهم الطرق الفعالة في النهوض بالمجتمع والأمة‮.‬ ‮ ‬ويؤكد الدكتور شوق أن انطلاق الأمة‮ ‬يتوقف على تربية أبنائها تربية إسلامية،‮ ‬وحمايتهم من التلوث الثقافي الذي‮ ‬يتعرضون له من البث المباشر،‮ ‬وغيره من الوسائط‮.‬ ‮ ‬ويقول‮: ‬لقد أثبتت الدراسات والبحوث أن مناهج الدراسة في المعاهد التربوية في عالمنا الإسلامي‮ ‬تحتاج إلى إعادة توجيهها توجيهاً إسلامياً وتنقيتها مما لحق بها من تلوث‮.‬ ‮ ‬ويتوقف الدكتور شوق أمام قضية مهمة بقوله‮: ‬إن من أهم حقوق الطفل التربوية في الإسلام أن تعده المناهج الدراسية لإقامة المجتمع المسلم والمحافظة عليه،‮ ‬مشدداً على أن المجتمع المسلم مجتمع عالمي‮ ‬يتسع للبشر كلهم من دون تمييز بين فرد وآخر لأي سبب من الأسباب‮.‬ ‮ ‬ففي المجتمع المسلم لا جنس ولا لون ولا مال ولا نسب ولا انتماء إلى موقع جغرافي أو طبقة اجتماعية ولا تقديم لشخص على آخر في‮ ‬الإسلام،‮ ‬ولكن التقوى وحدها هي ميزان الفضل بين الناس‮.‬ ‮ ‬ومن أهم مقومات المجتمع المسلم عقيدة التوحيد،‮ ‬والعدل بين الناس،‮ ‬وتعاون أفراده ومؤسساته،‮ ‬والتكافل الاجتماعي،‮ ‬والكدح في‮ ‬سبيل تنميته تنمية مستمرة تعتمد على معطيات العصر في العلم والتقنية‮.‬ ‮ ‬وبناء على هذه المقومات تتوافر في هذا المجتمع العدالة القانونية،‮ ‬فالجميع أمام الشرع سواء،‮ ‬وكذلك العدالة الاجتماعية، حيث‮ ‬يعمل كل بقدر طاقته مع التضامن الاجتماعي بين الأفراد والمؤسسات،‮ ‬والمحافظة على الملكية العامة،‮ ‬واستثمارها للصالح‮ ‬العام،‮ ‬وكفالة حقوق المحتاجين والمعوزين في أموال القادرين‮.‬ د. محمود أحمد شوق

مشاركة :