النماذج المثالية للسياسة النقدية الحديثة «3 من 3»

  • 5/23/2023
  • 00:07
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن البصمة المالية للسياسة النقدية تحقق مزيدا من إعادة التوزيع، ما يتسبب بدوره في تضخيم الصدمة أو تخفيفها، تبعا لما إذا كانت تحول الموارد من المدخرين إلى المنفقين أو العكس. ويؤدي هذا العام إلى الحفاظ على رابطة لا تنفصم بين البنوك المركزية والخزانات. فكلما زاد الدين الذي تدين به الحكومة وقصر أجله، كانت البصمة المالية أكبر. وبشكل أعم، تمثل هذه النماذج الجدية أيضا بيئة طبيعية لدراسة آثار سياسة المالية العامة في الكفاءة الإنتاجية الكلية، ودرجة التأمين الاجتماعي، ومدى إعادة التوزيع بين الأسر. والدرس الرابع فهو الأداة الصحيحة لإعادة التوزيع، ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى واقع السياسة النقدية؟ تتفق الدراسات المعنية بالسياسة النقدية والمالية المثلى في النماذج الكينزية الجديدة للوكلاء غير المتجانسين، على أن منافع الاستقرار الكلي تتضاءل أمام مكاسب التخفيف المباشر من حدة المعاناة. والسياسات المثلى في هذه النماذج تفضل بشكل يكاد يكون دائما أن توجه إعادة التوزيع إلى الأسر التي تعيش على الكفاف في فترات الهبوط الاقتصادي. وقد يميل المرء إلى فهم هذا على أنه تأييد لاستخدام السياسة النقدية في تقاسم ثمار الرخاء والتخفيف من حدة الشدائد. بيد أن السياسة النقدية أداة حادة لإعادة التوزيع أو التأمين. والنماذج الكينزية الجديدة للوكلاء غير المتجانسين تخبرنا بأن سياسة المالية العامة أكثر ملاءمة على الأرجح لهذا الغرض، لأنها قد تكون أكثر دقة في استهداف المحتاجين للدعم. وبشأن تأثير موجة التضخم الحالية، فتعد حالة التضخم الحالية مثالا جيدا لاستكشاف المواضع التي يمكن أن تكون فيها النماذج الكينزية الجديدة للوكلاء غير المتجانسين مفيدة لتحليل الاقتصاد الكلي، وتقديم المشورة بشأن السياسات. وتبين النماذج الكينزية الجديدة للوكلاء غير المتجانسين أن تأثير صدمة الاقتصاد الكلي في الإنفاق الكلي يكون أكبر كلما زادت قوة الارتباط بين ميول الأفراد الحدية للاستهلاك وتعرضهم للصدمة. وفي البيئة الاقتصادية الحالية، يعني هذا أن فهم الانعكاسات التوزيعية للتضخم على الأسر يكتسب أهمية بالغة في قياس انعكاساته الكلية. وتستهلك الأسر مجموعات مختلفة من السلع والخدمات، ما يجعل بعضها أكثر حساسية للتضخم من غيرها. فعلى سبيل المثال، الأسر الفقيرة التي تنفق نسبة كبيرة من دخلها على السلع الأولية، مثل الطاقة، يلحق بها ضرر أكبر في هذه الحالة. ويستفيد المقترضون مع هبوط القيمة الحقيقية لديونهم، في حين تخسر الأسر التي تمتلك مبالغ نقدية كبيرة أو مدخرات سائلة. ويمكن للعمال ذوي الأجور المرنة نسبيا "بسبب العلاوات والعمولات، على سبيل المثال" الحد من خسارة قوتهم الشرائية، بينما تتقلص الدخول الحقيقية للعمال الذين تخضع أجورهم الاسمية للتفاوض على نحو غير متكرر أو أولئك الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور. وتعلق أهمية بالغة على مستوى مدخرات الأسر الذي يؤثر في كيفية تأثير تغير أسعار الفائدة على الاستهلاك. ومن المهم بالمثل توزيع المدخرات على السكان وارتباطه برغبة الأسر في الإنفاق. فمثلا، يتركز معظم المدخرات الزائدة التي نشأت عن القيود التي فرضتها الجائحة على الاستهلاك "مثل انخفاض مستوى الإنفاق على السفر وتناول الوجبات في المطاعم" في أيدي ميسوري الحال، وبالتالي يتم إنفاقها بمعدل منخفض للغاية. أما المدخرات الزائدة التي تراكمت من برامج التحويلات الحكومية الكبيرة خلال 2020 و2021، فيتركز معظمها في الأسر منخفضة الدخل، ويتم إنفاقها على نحو أسرع بكثير. ومعدل الإنفاق السريع يدعم الطلب الكلي ويضع معوقات أمام جهود البنك المركزي لكبح التضخم. أخيرا، إن أي تقييم كامل لآثار مواجهة التضخم الحالية في الرفاهية لا يمكن أن يتجاهل أسبابه. ولا توجد إجابات واضحة حتى الآن بشأن الأهمية النسبية لصدمات العرض "بسبب جائحة كوفيد- 19 والحرب في أوكرانيا"، والتحفيز المالي الكبير في 2020 و2021، والسياسة النقدية التيسيرية خلال هذا العقد منذ آخر موجة ركود. وكان لكل عامل من هذه العوامل مكونات توزيعية وآثار غير متجانسة يتعذر فهمها ضمن قيود النماذج التقليدية. وسيساعدنا استخدام النماذج الكينزية الجديدة للوكلاء غير المتجانسين على فهم الآثار الكاملة لهذه الموجة في التاريخ النقدي.

مشاركة :