التأمل بعمق يغير عقول الناس ويحسن صحتهم

  • 2/22/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في السنوات الأخيرة، زاد انتباه الناس للفوائد الكثيرة للتأمل العقلي، إذ شملت الفوائد تراجع الضغط العصبي ومخاطر الإصابة بالكثير من الأمراض، وارتفاع الإحساس بصفاء الذهن وزيادة نشاطه. غير أن الأدلة المعملية التي استندت إليها تلك المزاعم كانت قليلة جدا، فقد اعتمد أنصار تلك المزاعم على عينة صغيرة جدا من الناس لا يمكن اعتبارها ذات دلالة، مثل الرهبان البوذيين المنعزلين الذين يقضون ساعات وساعات في التأمل كل يوم، بالإضافة إلى عدم استخدام الباحثين عينات عشوائية وعدم اشتمال تجاربهم على مجموعات للتحكم. بيد أن دراسة نشرت الشهر الجاري في مجلة «بيولوجيكال سيكاتري» قدمت بعض الاجتهادات العلمية، وأظهرت للمرة الأولى، على العكس من الدواء الوهمي، أن بمقدورها تغيير عقول الناس العاديين وتحسين صحتهم. «فلكي تتأمل باستغراق، يتطلب الأمر أن يكون العقل مفتوحا، تقبليا، وله إدراك غير انتقادي للحظة الراهنة»، وفق جي ديفيد كريسويل، الباحث الذي أجرى الدراسة والذي يشغل منصب أستاذ مساعد علم النفس ومدير معمل الصحة والأداء الإنساني بجامعة كارنيغي ميلون بالولايات المتحدة. إحدى صعوبات التحقق من التأمل كانت مشكلة الدواء الوهمي. ففي دراسات صارمة، تلقى بعض المشاركين علاجا حقيقيا في حين تلقى آخرون علاجا وهميا، رغم أنهم يعتقدون أنهم يتلقون علاجا. غير أن الناس كان بمقدورهم ملاحظة أنهم يتأملون بالفعل. واستطاع الدكتور كروسويل الذي يعمل مع مجموعة من العلماء من جامعات أخرى، استطاع تزييف حالة اليقظة. أولا: قاموا بتوظيف 35 رجلا وامرأة ممن كانوا يبحثون عن عمل وكانوا يمرون بضغوط كثيرة. جرى قياس ضغط الدم وعمل رسم لصورة المخ، وجرى تعليم نصف الخاضعين للتجربة كيفية الاستغراق العقلي بمركز علاجي سكني، في حين استغرق النصف الآخر في استغراق عقلي زائف يعتمد على الاسترخاء وعزل العقل عن أي قلق أو اضطراب. «طلبنا من الجميع القيام بعمل تمرينات الإحماء، فعلى سبيل المثال، وفق الدكتور كريسويل، ركزت مجموعة اليقظة اهتمامها على الإحساس الجسدي، منها الأحاسيس غير السارة، في حين طلب من مجموعة الاسترخاء الثرثرة وعدم الانتباه لأجسادهم في الوقت الذي قام فيه قائد المجموعة بإلقاء النكات». مع نهاية اليوم الثالث، قال جميع المشاركين للباحثين بأنهم شعروا بالنشاط وبقدرة أكبر على تحمل ضغوط البطالة. وبعد عمل مسح للمخ، ظهرت فوارق لدى المجموعة التي مرت بتجربة الاستغراق العقلي، حيث كان هناك نشاط أكبر، أو تواصل أكبر، بين مناطق المخ المسؤولة عن إصدار رد فعل عند التعرض لضغوط عصبية وفي غيرها من المناطق المرتبطة بالتركيز والهدوء. وبعد ذلك بأربعة شهور، أظهر تحليل الدم لمجموعة الاستغراق العقلي مستويات اعتلال أقل مقارنة بمجموعة الاسترخاء، على الرغم من أن قلة قليلة منهم كانت لا تزال في مرحلة التأمل. يعتقد الدكتور كريسويل وزملاؤه أن التغييرات في العقل ساهمت في تقليل نسبة الاعتلال الصحي، وإن كان سبب ذلك لا يزال غير معلوم. كذلك لا يزال من غير المعلوم إن كان يتعين عليك الاستمرار لثلاثة أيام متتالية في التأمل كي تجني الفائدة المرجوة. أما بخصوص قدر اليقظة المطلوب لتحسين الصحة، فوفق الدكتور كريسويل: «حتى الآن ليس لدينا فكرة عن حجم الجرعة المطلوبة». * خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :