مرة ثانية بعد انخفاض أسعار النفط نتيجة جائحة كورونا منذ حوالي سنتين تولت السعودية اكبر منتج ومصدر نفط في أوبك حماية أسعار النفط من التدهور. فالقرار السعودي الذي أعلنه وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان بعد مؤتمر فيينا لاوبك+ بتخفيض بشكل طوعي مليون برميل في اليوم في الشهر المقبل الى ٩ مليون برميل في اليوم على ان يتم تمديده اذا اقتضى الامر يشير الى حرص المملكة على إبقاء سعر النفط في مستوى اعلى من ٨٠ دولار للبرميل . ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية ب٥٨ سنتا الى ٧٦،٧١ دولار لبرميل البرنت يوم الاثنين اثر هذا القرار . لكن في اليوم التالي تراجعت الاسعار في الأسواق العالمية في حين ان تخفيض الإنتاج السعودي ب١٠ في المئة لشهر يوليو كان يجب ان يستمر في رفعه . الا ان تذبذب أسعار النفط لا يعني ان تراجعها سيستمر اذ ان جميع التحليلات والتوقعات من عدد المنظمات المهتمة بتحليل أوضاع السوق تقول ان نهاية هذه السنة قد تشهد بعض التوتر في العرض النفطي . وقد رفعت السعودية أسعار نفطها لآسيا لشهر يوليو ما يؤدي الى زيادة منافسة النفط الروسي الذي يباع في أسواق آسيا بتخفيضات كبرى خصوصا للصين وللهند . وحدها سيتيغروب Citigroup قالت ان الطلب يبدو اضعف من التوقعات للربع الثاني من السنة وان العرض من دول خارج أوبك+ قد يكون فائضا. ان النفط السعودي في موسم الصيف يتقلص بسبب ارتفاع استخدامه المحلي في اشهر الصيف بسبب زيادة الطلب على التكييف . باقي دول أوبك بلاس تعهدت لان تمدد تخفيضها الى نهاية السنة المقبلة . الا ان عدد من الدول الافريقية من بينها نيجيريا والكنغو وانخولا ليس لها القدرة الإنتاجية الكافية . لقد حصلت الامارات على زيادة في حصة انتاجها ب٢٠٠ الف برميل في اليوم . قرار السعودية بتخفيض المليون برميل في اليوم لشهر يوليو له ابعاد اقتصادية ولكن له أيضا ابعاد سياسية . ان السعودية رغم تمنيات حليفتها الولايات المتحدة بعدم رفع الأسعار تتحرك على ما تراه مناسبا لأقتصادها الذي يتطلب استثمارات وتكاليف ضخمة بناء على رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية لسنة ٢٠٣٠. ثم ان منافسة النفط الروسي الذي تمكن روسيا من الحصول على حصة كبرى من السوق الآسياوية خصوصا في الصين والهند اثبت ان التحالف بين اكبر منتجين للنفط في أوبك بلاس السعودية وروسيا يشهد بعض الخروقات حيث ان روسيا تزيد انتاجها في حين ان السعودية تقلصه . اما على الصعيد السياسي فدعوة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئيس أوكرانيا فولودينير ويلينسكي الى قمة جدة للدول العربية تظهر أيضا ان تحالف المملكة مع روسيا لا يعني تبني سياستها وحربها في اوكرانيا. فالسعودية تريد حماية أسعار النفط لمصلحة بلدها لانها بحاجة الى سعربرميل النفط اعلى من ٨٠ دولار. وهذا يناسب جميع دول الخليج المصدرة للنفط الأعضاء في أوبك وباقي دول أوبك واوبك+ فجميعها يتطلع الى مستوى عائدات اعلى. لكن مستوى أسعار النفط مرتبط أيضا بحالة الاقتصاد العالمي وخصوصا اقتصاد الصين والولايات المتحدة . فاذا حدث أي خلل في نمو البلدين وتراجع النشاط الاقتصادي فيهما لا شك ان ستراتيجية السعودية لحماية السعر قد تواجه تحديات في حال استمر تراجع سعر النفط. الا ان التوقعات الحالية تشير الى عكس ذلك ولو ان التوقعات أصبحت في الأحوال الراهنة بمثابة مراهنات مرتبطة بعناصر واحداث مفاجئة تنعكس على اتجاه الأسعار وكثيرا ما تتحول الى عكس ما هو مرتقب.
مشاركة :