خلال العقود الأخيرة، سجلت ثروة العالم ارتفاعا شديدا على الورق على الأقل، حيث دفعـت أسعار الفائدة المنخفضة أسعار الأصول إلى الارتفاع. لكن الموازنة العمومية العالمية لا تزال عامرة بأسباب الهشاشة التي كشفت عنها الاضطرابات الأخيرة في القطاع المالي. الآن، توشك الكيفية التي يقترض بها العالم ويقرض ويوجد الثروة أن تتغير جذريا. خلال الفترة من 2000 إلى 2021، أوجد تضخم أسعار الأصول ثروة ورقية تقدر بنحو 160 تريليون دولار أمريكي. لكن رغم نمو تقديرات الأصول بسرعة كبيرة، فقد ظل الاستثمار والنمو متباطئين. علاوة على ذلك، عمل كل دولار مستثمر على توليد نحو 1.9 دولار من الديون. لكن في الآونة الأخيرة، واجه الاقتصاد العالمي رياحا معاكسة في 2022، خسرت الأسر ثمانية تريليونات دولار من ثروتها. يتمثل الأمر الوحيد المؤكد الآن في درجة مرتفعة إلى حد غير عادي من انعدام اليقين. قد يبدو المشهد الاقتصادي، والمصرفي، والاستثماري، في الأعوام العشرة المقبلة، مختلفا على المستوى المادي مقارنة بما كان عليه في الأعوام الـ20 الأخيرة. لكن نطاق المسارات الممكنة إلى الأمام عريض. عمل معهد ماكينزي العالمي، كجزء من بحثه المستمر في استكشاف الموازنة العمومية العالمية، على تصميم أربعة سيناريوهات معقولة. يتمثل السيناريو الأول في "العودة إلى الماضي"، حيث تكون التقلبات الحالية مؤقتة ويستأنف التوسع في الموازنة العمومية. قد يبدو هذا جذابا في نظر بعض الناس، لكن الموازنة العمومية المتزايدة التوسع ستستمر في زيادة خطر الصدمات الاقتصادية. كما أن هذا سيأتي على حساب نمو الاقتصاد الحقيقي، وسيؤدي إلى اتساع فجوات التفاوت بين الناس. في السيناريو الثاني، "أعلى لفترة أطول"، تصبح الضغوط التضخمية راسخة، لكن المخاوف بشأن الاستقرار المالي تعمل على تهدئة عملية إحكام السياسات. ويظل الطلب قويا، مع انتعاش الاستثمار لدعم الضرورات مثل التحول إلى الطاقة النظيفة، وإعادة تشكيل سلاسل التوريد، والدفاع. وستتضاءل وفرة المدخرات. هذا السيناريو يناظر الركود التضخمي الذي شهدته الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الـ20، وإن كان التضخم آنذاك أقل بعض الشيء -نحو 4 في المائة وليس 9 في المائة. في 2030، ستبدو الموازنة العمومية أكثر صحة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بحالها اليوم، لأن التضخم سيخفض عبء الدين وأسعار الأصول بالقيمة الحقيقية. السيناريو الثالث، "إعادة ضبط الموازنة"، يمثل أسوأ الاحتمالات. هنا، تستمر أسعار الفائدة في الارتفاع، ما يسهم في إجهاد النظام المالي أو حتى إخفاقه. وهذا من شأنه أن يفضي إلى تصحيح حاد لقيم الأصول، حيث تنتهي الحال بعدد كبير من الأصول الممولة بالدين إلى انخفاض قيمتها الحقيقية عن أقساط وفوائد الدين المستحقة عليها... يتبع.
مشاركة :