توجد في الكويت بعض الضرائب الحالية، كالضريبة على دخل الشركات غير الكويتية، والضريبة على الأراضي الفضاء والضرائب الجمركية، وغيرها من الضرائب التي ليست بالكثيرة، ولا توجد في الكويت ضرائب على الاستهلاك، أو أي ضريبة أخرى تمثّل جزءاً كبيراً من الإيرادات العامة، لذلك فإن حصيلة الضرائب تعتبر قليلة بالنظر إلى إجمالي إيرادات الدولة، فقد بلغت إيرادات الضرائب والرسوم معاً (462 مليون دينار تقريباً) من أصل إجمالي إيرادات الكويت التي بلغت ما يتجاوز 18 مليار دينار، وذلك وفقاً للحساب الختامي عن السنة المالية 2021/2022. وقد أصدر صندوق النقد الدولي (IMF) بعض التوصيات بعد انتهائه من زيارته لدولة الكويت في شهر مايو السابق، والتي من ضمنها التوصية بفرض ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية، وعلى الرغم من أن الكويت طرف في اتفاقيات دول مجلس التعاون الخليجي المتعلقة بفرض كل من ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية، فإنها لم تفرض تلك الضرائب حتى الآن. لذا، أقترح في هذه المقالة فرض بعض الضرائب التي تسهم في تحقيق التنمية المرجوة لدولة الكويت، مع بيان مميزات هذه الضرائب وآثارها فيما يلي: ضريبة القيمة المضافة (VAT) هي من الضرائب العامة التي تُفرض على الاستهلاك، والتي أثبتت فاعليتها في الكثير من دول العالم، وأصبحت متبناة في السعودية ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول، وهي أفضل ما يمكن تطبيقه، نظراً لامتياز هذه الضريبة عن غيرها من الضرائب فيما يلي: 1- غزارة حصيلتها، لكونها تفرض على الاستهلاك الذي يتم على مختلف السلع والمنتجات، ويتصف باستمراريته، مما يجعلها مورداً فعلياً للإيرادات العامة. 2- تشجع الأفراد على التوفير والادخار بسبب فرضها على الاستهلاك. 3- اختلاطها بسعر السلعة، مما يجعل المستهلك لا يشعر بها عند دفعها. 4- سهولة جبايتها، نظراً لأن الضريبة يتم تحصيلها عن طريق البائع الذي يقوم بحسابها وتوريدها لخزانة الدولة. أثر فرض ضريبة القيمة المضافة إن الضرائب المفروضة حالياً قليلة لا تشكل جزءاً كبيراً من الإيرادات العامة، مما يثقل كاهل الدولة ويحمّل الصادرات النفطية التي تشكّل الجزء الأضخم من الإيرادات العامة العبء الأكبر لتغطية الالتزامات المالية، ويجعل الحالة المالية للدولة ترتبط ارتباطاً طردياً بأسعار النفط صعوداً ونزولاً، وهذا ما يهدد الاستقرار المالي للدولة، نظراً لعدم وجود بدائل مالية استراتيجية، وعلى المدى المتوسط والبعيد، فإن زيادة معدل النمو السكاني وازدياد أعباء الدولة في مختلف المجالات المالية والاجتماعية والتنموية سوف يترتب عليه عجز الإيرادات النفطية عن تغطية الالتزامات العامة للدولة. لذلك، فإن فرض ضريبة القيمة المضافة يضيف للكويت مورداً إضافياً للإيرادات العامة، مما يزيد الكفاءة المالية للدولة ويساعدها على تغطية الالتزامات الملقاة على عاتقها. الضرائب الانتقائية هي من الضرائب الاستهلاكية التي تفرض على استهلاك السلع والمنتجات التي تضر بصحة الإنسان أو البيئة، بهدف الحد من استهلاكها، وتم تبنّي هذا النوع من الضرائب في الكثير من دول العالم، ومنها الامارات والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وغيرها، وتعتبر الضرائب الانتقائية سبيلا لتحقيق التنمية الاجتماعية والصحية، وأداة مهمة في توجيه المجتمع وضبط سلوكياته، فتفرض الضريبة الانتقائية على السلع المضرّة بمعدلات عالية، مما يحد من استهلاكها ويقلل من مخاطرها، وفي الكويت سيكون للضريبة الانتقائية دور بارز في حال فرضها على الوجبات السريعة التي تأخذ حيّزاً كبيراً من النشاط الاقتصادي الداخلي، والتي ساهمت في ارتفاع معدلات السمنة. وقامت الإمارات بفرض ضريبة انتقائية على بعض السلع المضرة بالنسب التالية: 50% على المشروبات الغازية. 50% على المشروبات المُحَلَّاة. 100% على مشروبات الطاقة. 100% على منتجات التبغ. 100% على أجهزة وأدوات التدخين الإلكترونية. 100% على السوائل المستخدمة في أجهزة وأدوات التدخين الإلكترونية. ونتطلع لفرض الضرائب الانتقائية على هذه السلع في الكويت، لما في ذلك من آثار إيجابية على تنمية وحماية الفرد والمجتمع، إضافة إلى أنها تحقق إيرادات إضافية للدولة. وقد أُثبت أثر الضرائب الانتقائية في الحد من السلوكيات المضرة في المجتمع، فقد انخفض معدل التدخين في السعودية بنسبة 27.41 بالمئة، بعد فرض ضريبة على منتجات التبغ بنسبة 100 بالمئة، مما لا يدع مجالاً للشك في فاعلية الضرائب الانتقائية. الأداة القانونية اللازمة لفرض الضرائب نصت المادة 134 من الدستور الكويتي على أن «إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغاءها لا يكون إلا بقانون»، لذا، فإن فرض الضرائب لا يتم إلا عن طريق القانون الذي يصدر من مجلس الأمة، نظراً لأنّ الدستور قد قصر الاختصاص في ذلك على البرلمان دون غيره، فلا يجوز فرض الضرائب إلا بالأداة القانونية المحددة لها، وهي القانون. الخلاصة إن ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية أدوات مهمة لتحقيق ما تتطلع إليه دولة الكويت من تنمية وازدهار عن طريق توفير بدائل مالية للدولة، وتقويم سلوك المجتمع، ولكن لا يعني ذلك أن هذه الضرائب هي السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستقبلية، إنما يجب تطوير الدولة في مختلف مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية، إلى جانب الضرائب التي تسهم بشكل كبير في تحقيق هذه التنمية.
مشاركة :