هل زدنا تواصلاً أم نقصنا - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 12/29/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

المقهى، أو قهوة الدار، والجلوس فيها للاستقبال، كانت جزءاً من المعاش اليومي للحارة، وقل للمدينة. فلا وسيلة غيرها للطرح وتبادل الآراء، والهموم أيضا. والقادم من سفر غاب فيه طويلاً عن مدينته، له مكان باررز في المجلس، وتستمر الحكاية طويلاً حتى يحل قادم آخر، جديد جاء بأخبار جديدة. (تقول لك ياصاح عطنا علومك + بلدان نجد(ن) عقبنا وش جرى لْها. – من قصيدة العوني (الخلوج ) – بدليل أن المسافر هو نشرة الأخبار، ويستحق التكريم ممن أراد (تفاصيل النشرة). القائلون بأن التقنية والسرعة المعاصرة هي المسئولة الأولى عن التباعد والنفور من ذاك الاجتماع الحميمي. وقائلون يرون أن التقنية أوجدت المزيد من التأصل والقربى، ولا أتفق مع الأخيرين. أعتقد أنه الجوع المعرفي والإعلامي الذي نعسنا في الماضى في خيمته.. حتى أصبح النعاس غيبوبة. قالوا إن الأثير والأقمار والجوالات والإنترنت رفعت الحصار تماماً لا عن الواقع المعرفي فحسب، بل عن التاريخ. وكما قيل فالتاريخ يحركه السوء أكثر من الخير، والفساد أكثر من الصلاح. شاشات الإنترنت والجوالات - في منطقتنا الجائعة - فتحت الطريق للانتقال من مرحلة معلوماتية كانت متفاوتة الدقة والحساسية إلى مرحلة هي الآن ما أستطيع أن أسميها مرحلة "دوامة التحليلات". وهي تحليلات لا تخلو من صحة ولها أهميتها دون شك. وإن كانت تعطينا جرعات وافرة من الانكسارات، وترسخ المرارة. والظاهر لي - وربما لغيرى- أننا ندخل تعايشاً غريباً مع خطابات الجوّ الجدلي ذاك. فى بداية النشاط الصحفي في هذه البلاد كانت صحافة الأفراد تختصم دائماً حول الشأن المحلي، والمرافق. وتظهر طروحات وأعمدة تدور حول هذا ولا تخرج عنه. كذلك تبعتها صحافة المؤسسات. وكثرت الأقلام الحمر والمقصات. في السنين الخمس الماضية فقط بدأنا نقرأ عن الأمور الجدلية التي كانت معزولة جانباً بوصفها جالبة للنحس "نحس الكاتب". أقول إن الرسائل النصية و(الواتس آب) والتويتر وغيرها، بما تحمله من مبالغات وتحريف وسلبيات أخرى، تمكث ندباً أو حفرة فى تحابنا وتقاربنا.

مشاركة :