عاد الصراع على إيرادات النفط في ليبيا إلى الواجهة مجددا في ظل جهود دولية لدفع الفرقاء إلى إجراء انتخابات عامة، ويرى مراقبون أن عودة هذا الصراع كانت متوقعة خصوصا وأن بعض الأطراف الليبية لن تقبل باستمرار بقاء الوضع الراهن واستفادة حكومة الوحدة الوطنية من تلك العائدات لأغراض انتخابية. بنغازي (ليبيا) - هددت الحكومة التي يدعمها البرلمان الليبي والتي تتمركز في شرق البلاد السبت، بفرض حصار على صادرات النفط بسبب استخدام حكومة طرابلس لعوائد الطاقة، متهمة إيّاها بإهدار المليارات من الدولارات دون تقديم خدمات حقيقية. وتثير هذه التهديدات مخاوف من تأزم الوضع في البلاد، في وقت يعمل فيه المجتمع الدولي من أجل دفع الفرقاء المحليين إلى إجراء انتخابات عامة قبل موفى العام الجاري. وتواجه ليبيا أزمة سياسية منذ العام الماضي عندما رفض البرلمان تفويض حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، وكلف بتشكيل حكومة جديدة لم تتمكن من تولي زمام الأمور في العاصمة، وتم مؤخرا الإطاحة برئيسها فتحي باشاغا، وتعيين أسامة حماد خلفا له. وقالت حكومة الشرق في بيان إنها “تابعت وفقًا للمعلومات الرقابية والمحاسبية التعدي السافر على أموال الشعب الليبي من قبل الحكومة منتهية الولاية وصرف المليارات بشكل مبالغ فيه وفي غير أوجه الصرف الضرورية والتي تتطلّبها الظروف التي تمر بها البلاد، بل استفحل الاعتداء على أموال الشعب الليبي ليطال حتى الإيرادات النفطية والتي تتكفل المؤسسة الوطنية للنفط بجبايتها وإيداعها بمصرف ليبيا الخارجي”. عيسى العريبي: هناك حاجة اليوم إلى إعادة توزيع الثروات بين الليبيين عيسى العريبي: هناك حاجة اليوم إلى إعادة توزيع الثروات بين الليبيين وأضاف البيان أن “المؤسسة الوطنية للنفط قامت مؤخرًا بتمكين الحكومة المنتهية ولايتها من الاستحواذ على ما قیمته ستة عشر مليار دولار لتضاف إلى ما أهدرته من أموال ومليارات بدون وجه حق، ومن هنا كان لزاما على الحكومة الليبية (في الشرق) أن تتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون للحفاظ على المال العام وصيانته من العبث والفساد الذي مارسه أشخاص بعينهم مستغلين سلطات وظيفتهم للحصول لأنفسهم ولغيرهم على منافع غير مشروعة”. وشددت حكومة الشرق في بيانها “إذا استدعى الأمر، فإن الحكومة الليبية سترفع الراية الحمراء وتمنع تدفق النفط والغاز ووقف تصديرها باللجوء إلى القضاء واستصدار أمر بإعلان القوة القاهرة”. ويشيع فرض الحصار على النفط في ليبيا منذ انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي، والتي أدت إلى سنوات من الحرب والفوضى، إذ تقطع الجماعات المحلية والفصائل الرئيسية الإمدادات في إطار التكتيكات السياسية للضغط على الطرف المقابل. وأنهي آخر حصار كبير قاده الجيش الليبي في العام الماضي عندما عينت حكومة طرابلس رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط قيل إنه مقرب من قائد الجيش المشير خليفة حفتر. وتركز الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل دائم للصراع في ليبيا على التحرك نحو انتخابات وطنية، وهو هدف تعلن جميع الأطراف تبنيه، لكنه تعرض لإحباطات متكررة بسبب خلافات حول قواعد الانتخابات والسيطرة المؤقتة على الحكومة. وقال قائد الجيش في 17 يونيو الجاري إنه يؤيد خطوة من جانب برلمان الشرق لتعيين إدارة مؤقتة جديدة في تحد واضح لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس. ويوم الخميس، أصدرت محكمة في شرق ليبيا قرارا لصالح حكومة حماد في قضية ضد المؤسسة الوطنية للنفط وقضت بالسماح لها بالسيطرة على حسابات الشركة. عودة الصراع على عائدات النفط يعود إلى خشية بعض الأطراف وعلى رأسها مجلس النواب، من توظيف الدبيبة لتلك العائدات لأغراض انتخابية ويرى مراقبون أن عودة الصراع على عائدات النفط يعود إلى خشية بعض الأطراف وعلى رأسها مجلس النواب، من توظيف الدبيبة لتلك العائدات لأغراض انتخابية، حيث أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية يتطلع إلى المشاركة في الاستحقاق في حال جرى حسمه. وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري عن تشكيل لجنة لإعادة هيكلة توزيع الميزانية. وطالب صالح بأن “تودع النسبة الأولى في الحسابات المالية المفتوحة لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، وتودع النسبة الثانية في الحسابات المالية المفتوحة لدى مصرف ليبيا المركزي في بنغازي، على أن تتم عملية الإيداع والتحويل باستقطاع هذه النسب مباشرة من إيرادات ومبيعات النفط والغاز ومشتقاته”. ووفقا للإعلان يترأس اللجنة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة بالإضافة إلى عضوية مندوبين اثنين من غرب وشرق البلاد عن فرعي المصرف المركزي وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية. وجاء الإعلان بعد تقدم رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي بطلب في جلسة للمجلس بوقف تدفق النفط، متهماً حكومة الوحدة في طرابلس بالتصرف في عائدات النفط، دون أن تستفيد مناطق البلاد الأخرى، ولاسيما شرق وجنوب ليبيا، على حد تعبيره. تحرك حكومة الشرق والبرلمان باتجاه إنهاء تصرف الدبيبة بعائدات النفط قد يولد هذه المرة انفجارا ويرى مراقبون أن تحرك حكومة الشرق والبرلمان باتجاه إنهاء تصرف الدبيبة بعائدات النفط قد يولد هذه المرة انفجارا حيث أن الأخير من غير المنتظر أن يقبل بنزع إحدى أهم أوراقه وأسلحته في فرض نفسه الرقم الصعب في المعادلة القائمة. ويشير المراقبون إلى أن السؤال الذي يطرح هو كيف سيتعاطى المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي مع هذه المسألة، وهو الذي لم يحسم بعد ملف القوانين الانتخابية، حيث سبق وأن عبر عن تحفظات حيال النسخة التي أعدتها اللجنة المعنية 6+6. وقال العريبي في وقت سابق إن هناك حاجة اليوم إلى إعادة توزيع الثروات بين الليبيين، وأشار إلى أن إقليم برقة ينتج 80 في المئة من النفط الذي يباع في الخارج وتُحول عائداته إلى مصرف ليبيا المركزي الذي يسيطر عليه الصديق الكبير وتُصرف على حكومة الدبيبة. ودعا العريبي إلى توزيع باب التنمية توزيعا عادلا بين الأقاليم الثلاثة، بحيث تأخذ طرابلس 50 في المئة وبرقة 40 وفزان 10. وركزت نوبات الصراع السابقة في ليبيا والمناورات السياسية على السيطرة على عائدات الطاقة الكبيرة للبلد العضو في أوبك، إذ أنها المصدر الرئيسي لدخل الدولة. وبموجب الاتفاقيات المعترف بها دوليا، فإن المؤسسة الوطنية للنفط هي المنتج والمصدر الشرعي الوحيد للنفط الليبي، ويجب أن تكون المبيعات من خلال مصرف ليبيا المركزي الذي شأنه شأن المؤسسة يتمركز في طرابلس. وطوال فترة الصراع في ليبيا، تعمل المؤسسة في جميع أنحاء البلاد بغض النظر عن خطوط المواجهة ويواصل البنك المركزي دفع الرواتب، بما في ذلك رواتب العديد من مقاتلي الطرفين المتنافسين في جميع أنحاء البلاد.
مشاركة :