لماذا لا نتعلم من الأوسكار؟ - فاضل العماني

  • 2/28/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تتوجه أنظار الملايين اليوم لمتابعة الحدث الموسمي الأهم والأبرز على الإطلاق في كل عام وهو حفل توزيع جوائز الأوسكار في نسختها ال والتي تُقدمها أكاديمية الفنون والإعلام والصور المتحركة الأميركية وهي منظمة فخرية تأسست في العام وتنشط في مجال تطوير الفنون والعلوم السينمائية، وتضم آلاف عضو مختص بالفنون السينمائية من كل أنحاء العالم وهم المسؤولون جميعاً عن اختيار الفائزين بجوائز الأوسكار في فئاته الأربع والعشرين في كل عام، حيث يتم الفرز والتصويت وفق ضوابط مهنية وحرفية صارمة وبشكل سري للغاية يضمن الوصول للحد الأعلى من الاختيار المناسب لأفضل الأعمال السينمائية المترشحة لهذه الجائزة الكبرى التي تمنح الفائزين بها مفاتيح المجد والأضواء والشهرة. بدأت قصة "الأوسكار الأول" في العام حينما نظمت الأكاديمية حفلها الأول بأحد فنادق لوس أنجيلوس بحضور شخصاً فقط دفع كل منهم دولارات قيمة تذاكر دخول هذا الحفل الذي كانت مدته دقيقة فقط، والذي لم يحظ بالقدر الكافي من الاهتمام والمتابعة والتغطية من قبل وسائل الإعلام المختلفة، وقد كان حفل الأوسكار الوحيد الذي لم يُبث إذاعياً أو تلفزيونياً!. فاز الفيلم الأميركي "جناحان" بأول أوسكار لأفضل فيلم في العام لتواصل هذه الجائزة العريقة "التحليق" في سماء الفن السابع كل هذه العقود الطويلة من أجل تثبيت بوصلة الفن كقيمة حضارية ملهمة وكلغة إنسانية خالدة. يبدو أن "السرد" التاريخي لجائزة الأوسكار أفضل مقدمة للوصول إلى فكرة هذا المقال المستلهم من هذا الحدث السنوي الشهير، وهي غياب المهنية والحرفية والجدية عن أغلب أفكارنا ومشاريعنا وبرامجنا ومبادراتنا، سواء العامة أو الخاصة. كثيرة هي الشواهد والأمثلة والإسقاطات التي يمكن استحضارها بسهولة للتدليل على حجم الغياب الكبير لكل معايير ومقاييس وملامح العمل الاحترافي والمؤسساتي، إضافة إلى انعدام الرؤية وفقدان البوصلة وضياع المعالم التي قد تُحدد لخارطة طريق للكثير من أفكارنا وأحلامنا وتطلعاتنا، فضلاً عن مشروعاتنا وخططنا واستراتيجياتنا. فمن تذاكر الدخول البسيطة ومن بعض التبرعات والهبات القليلة، استطاعت هذه الجائزة الطموحة التي تُدار برؤية ذكية وعقلية تجارية أن تكون الحدث الأهم والأغلى والأشهر في العالم، بينما تفشل الكثير من مشروعاتنا واحتفالاتنا وفعالياتنا التي تُنفق عليها الملايين وتوفر لها كل وسائل الدعم وسبل النجاح!. أن تستمر هذه الجائزة المرموقة لقرابة التسعة عقود بكل هذا الزخم الكبير من النجاح والقيمة والشهرة، يجعلنا نضع علامات استفهام كبرى حول الكثير من ملتقياتنا ومهرجاناتنا ومشروعاتنا التي تُعاني من "الهبوط الحاد" في قيمتها وأهميتها وتأثيرها رغم أن بعضها لم تخرج بعد من شرنقة البدايات!. منذ انطلاقتها وحتى الآن، ترفع جائزة الأوسكار عنواناً بارزاً لا يتغير ولكنه يتطور مع الزمن وهو "السينما فن يُسهم في تطور الإنسانية"، ولكن ماذا عن شعاراتنا وعناويننا هذا إن وجدت طبعاً وكيف هي نظرتنا للفنون بشكل عام؟. جائزة الأوسكار، رسالة راقية لتكريم كل من أنجز وأبدع وألهم، لأن التكريم لمسة إنسانية حانية وقيمة حضارية ذكية، فأين هو أي التكريم من تلك السلسلة الطويلة من مبدعينا ومنجزينا ومُلهمينا الذين صنعوا مجد أمتنا؟. المتخصصون في مجال السينما هم فقط من يُشرفون ويُديرون ويُصوتون في هذه الجائزة الرائعة، الأمر الذي منحها كل هذه المصداقية والشفافية والقيمة، فهل نُدرك أهمية "القاعدة الذهبية" التي لم تستقر بعد في فكرنا ومزاجنا وقناعتنا وهي "الشخص المناسب في المكان المناسب"؟. الدروس والعبر والشواهد المستلهمة من هذه الجائزة المرموقة كثيرة وكبيرة، ولكن هذا ما سمحت به هذه المساحة المحدودة، ويبقى هذا السؤال الذي يبحث عن إجابة: لماذا لا نتعلم من الأوسكار؟.

مشاركة :