مذكراتي من كتاب رحلة في ربوع واحة الأحساء (12) ..

  • 7/3/2023
  • 14:53
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة همة نيوز : أ. عبدالله المطلق .. عند بداية نشأة فرقة الطرف ومن بعدها فرقة شباب الطرف ومن بعدها فرقة سياله للفنون الشعبية بمدينة الطرف ، كنت عضوا إداريا في فرقة سياله ، وكنا نجتمع ونجلس مع كبار السن ، لنستفيد من خبراتهم في مجال الفن الشعبي ونلتقط بعض دررهم الفنية ، الذين يجيدون آدائها ، وكل واحد يقول الزود عندي ، فنحتار كثيرا !! لذلك عندما نتذكر تاريخ أول فرقة شعبية في مدينة الطرف نشأت عام 1335هـ أنشأها الآباء والأجداد وتوارثها الأبناء من الآباء والأجداد .. فلذلك تجد أن فرقة سياله للفنون الشعبية بارزة على مستوى الأحساء خاصة والمنطقة الشرقية والمملكة بشكل عام وما تزال حتى الآن .. هذه المقدمة تدخلنا إلى عالم الغوص في الفنون الشعبية التي تشتهر بها الأحساء ، فإن قلت الغوص فالفن البحري يجيدونه ، وإن قلت الفن الزراعي أيام الحصاد فهم أهل له ، وإن قلت فن البناء فهم يجيدون آدائه من تكوين لبنة البناء حتى الإنتهاء منه . حيث تمتاز المنطقة الشرقية ومنطقة الأحساء خاصة بفنونها الشعبية العريقة ومنها : العرضة وفن دق الحب، وفن الحصاد، الليوة، الفريسة، والصوت .. وكل هذه الألوان الشعبية مستمدة من البيئة الساحلية والزراعية ، والبرية ، تحاكي في معظمها أمواج البحر أو مواسم الحصاد وسعف النخيل ، حيث تطل المنطقة الشرقية على الخليج العربي، وتضم الأحساء مزارع واسعة للنخيل وأجود أنواع التمور .. ولهذه الفنون الشعبية ألحان تعتمد على الطارات والطبول والكفوف بإيقاعات وحركات متميزة، تتابع مع إيقاعات القوافي ( وهي جريد النخل بعد أن يؤخذ منها الخوص ) ، وكذلك يكون معها المناحيز والمهابيش ( وهما آلتان تستخدمان في دق الحب والحصاد ) . أما فن الفريسة فيصاحبه قفص يسمى المنز توجد به الفريسة (وهي على شكل فرس) ويرقص بداخلها شخص يجيد هذا اللون إجادة تامة .. وفن الليوة وهو فن خليجي يؤدى بشكل جماعي، ويشترك فيه الرجال وهم واقفون على شكل دائرة، مصاحبة آلة الصرناي ( وهي آله وترية ) ، والطبل الذي يتميز بإيقاعاته الرائعة. وأما الصوت فهو من الفنون الخليجية، وقد عرف منذ القدم، ويصاحبه العود والمرواس، ويكون على شكل صفين متقابلين، ويخرج منهما اثنان يؤديان رقصات جميلة على نغمات العود والمراويس، ثم يعودان إلى صفيهما من جديد . ومحافظة الأحساء وبحكم قربها من ميناء العقير ، إضافة إلى تغرب بعض رجالها بحثا عن لقمة العيش ، فذهبوا إلى البحرين وقطر وعمان ، واحترفوا مهنة الغوص ، فبعضهم برز في فن النهمة ، والبعض الآخر في إجادة الغوص للبحث عن اللؤلؤ والمحار ، حتى أصبح من المرغوب فيهم بالعمل في الغوص .. ومن خلال المخالطة مع أهل دول الخليج العربي عرفوا بعض الفنون الشعبية التي نقلوها إلى الأحساء ، فأصبحوا يمارسونها في دور الفن التي انتشرت في محافظة الأحساء ، حتى أصبحت متوارثة وتنتقل من جيل إلى جيل . من فنون الأحساء : إشتهرت الأحساء بالكثير من الفنون الشعبية ، فالأحسائي يعشق الفن ويطرب له ، وخاصة فيما يتعلق بالحرف والمهن ، فالأحسائي يتغنى بهذه الفنون ليروح عن نفسه سواء كان في مزرعته ، وفي البر والبحر وفي الصحراء ، وفي الصرام ، وفي المجالس ، واكتسب إيضاً مختلف الفنون من خلال الأقوام الوافدة إليه من خارج منطقة الأحساء ، وبرع فيها وأبدع فيها إلى درجة الهيام ، وقد عايشت ذلك بنفسي من خلال لقاءاتي ومقابلاتي بالكثير من الآباء والأجداد ، الذين يشذون بالشعر تارة وبالموال تارة وبالآهات تارة أخرى . فإذا كان لكل بلد فن ، وعلى حسب لهجة أهله ومجتمعه ، فلا غرابة إن اجتمعت فنون مناطق المملكة في منطقة الأحساء ، ففي الأحساء فنون بأسماء هذه المناطق ، ومن خلال مجالسة الآباء والأجداد ومناقشتهم لبعض الفنون التي كانوا يمارسونها في دور الفن التي انتشرت فيها ، حيث أصبح هناك نوع من التنافس بين هذه الدور ، لذا إنتشرت الكثير من الفنون الشعبية من خلال السمرات والسهرات ، كذلك فإن الأحسائي إن مررت على مزرعة ، أو مررت على بيوت تحت التشييد تسمع الغناء يطربك فتتوقف وتشنف آذانك بهذا الطرب الأصيل الذي يشدو به المزارع في مزرعته ، أو البناء وهو يبني ، حتى ركوب الدابة لممارسة مهنة معينة تسمع الحداء والغناء يجذبك ، حتى الغرف من العد ( لسقي وري النخيل ) ، قد يطول بنا الحديث إن تحدثت عن الفنون التي يمارسها الفلاح الأحسائي أو البناء الأحسائي ، أو المطرب الأحسائي ، فالفنون الشعبية الممارسة في الأحساء كثيرة منها مثل : الفن النجدي – والحوطي – والدوسري وجوفي -; وزبيري – وعراقي – وحجازي – وعدني – وصنعاني ولحجي . وحتى أروي ذكرياتي وانا أجمع هذه المعلومات ، فقد إلتقيت بشخصيات من أهالي مدينة الطرف الذين عاشوا حياة البساطة ، وعاشوا حياة الآباء والأجداد ، وما زالت لهم ذكريات ومشاركات في الفنون الشعبية ، وأيام الغوص أرويها للأجيال القادمة .. والحديث عن الغوص ذوشجون وذكريات ، فهو يعتبر مورد الرزق للغاصة ، رجال يمخرون البحر في خضم مهنة المخاطر في كبد البحر الواسع ، طلباً للرزق لهم ولأولادهم . وعندما إلتقيت ببعض من يجيد هذه الفنون ذكر لي الكثير من هذه الفنون الشعبية ، التي قد يستغرب القارئ من مسمياتها ، وأنا واحد منهم ، فكيف بعد طول هذه السنين ، مازال الآباء والأجداد يذكرونها ويحفظونها ، لكن ربما قلة الممارسة وقلة دور الفن أنستهم شيئاً منها ، ولعلي هنا أذكر بعض ماذكره لي الآباء والأجداد ، لعلي أجد تفسيرا ومعنى لكل فن من هذه الفنون الشعبية ربما بعضها إندثر بوفاة أصحابه !! ومن الذين إستطعت أن آخذ من ورثته تسجيلا صوتيا لبعض الفنون البحرية التي يجيدها ، الرجل الفاضل راشد بن محمد المشرف رحمه الله ، فهو بحق موسوعة فنية ، يحفظ الكثير من الفنون الشعبية وخاصة البحرية ، هذا الإرث التراثي الفني ، حفظه عنه أبناؤه وحفدته ، وما زالوا يمارسونه حسب المناسبات ، واذا طلب منهم ذلك .. فهو يحكي ذكرياته مع الغوص ، وما صادفوه من أهوال ، ولكن فنون البحر تشجي الجميع ، فتنسي الجميع الهموم ، رغم بعدهم عن أهاليهم من زوجات وأبناء وبنات وأقارب وأصدقاء !! وعندما يصدح بصوته الشجي العذب ، ينصت الجميع ، وتسمع منهم الحمحمات والهمهمات ، والآهات !! ومما رسخ قيمة هذا الفن أن لديه فرقة شعبية تمارس مختلف الفنون في منزله فهم بين كل فترة وأخرى يقيمون بعض السمرات الفنية ، من أجل إحياء ذكريات الآباء والأجداد ، ومن أجل الإستمتاع بذكريات الغوص في البحر ، وهم يتنقلون في مختلف دول الخليج العربي مابين ( البحرين – قطر – عمان – الكويت ) وسواحل الأحساء من العقير – الجبيل . ولعلني أذكر هنا قصة من القصص التي عشتها بنفسي .. ففي إحدى ذهابي إلى مدينة الهفوف ، وعندما هممت بالعودة إلى مدينة الطرف ، رأيت الرجل ( مسلم بن سعد المرزوق – ويعرف بومهرة ) رحمه الله واقف بجانب سوق القيصرية ، وهو يحمل شثريته ( الشمسية ) ليتظلل بها من حرارة الشمس ، وهو من الرجال مثل مايقال حمامة مسجد وقفت بسيارتي وٍسألته أين ستذهب بوسعد فأجابني : أريد بلادي الطرف ..فقلت له إركب معي فأنا من الطرف ركب معي السيارة رحبت به ، وأعطيته ماء ، وسألته عن قصته مع المسجد الذي بناه ، فقال هذا المسجد مسجدي اقتطعت جزءاً من بيتي وبنيته مسجدا بعدها تأوه تأوهاً طويلا !! فقلت له سلامات يابوسعد ؟؟ الظاهر لك قصة مع الآهات والفن !! سألته هذا السؤال ، وأنا أعرف أنه فنان شعبي ، ذكره لي بعض الثقاة ، استعد في جلسته ، وقال كيف ياولدي ! أنا فنان وأحب الفن الشعبي وخاصة الفنون الشعبية .. عندها أخرجت آلة التسجيل وبدأت أسجل ماذكره من فنون شعبية يعجب منها الجميع .. ومن حرصي على أخذ ماعنده من فنون ، حاولت أن أقلل من سرعة السيارة حتى آخذ منه كل مالديه من فن .. طوال الطريق .. فعلا هذا الرجل حقيقة فنان شعبي أصيل ، حتى من حبه للفن وعشقه ، ذكر لي بعض الفنون الشعبية بلحنها ، وهو يتقلب يمين ويسار لأنه عاش جو فني رهيب ، وبدأ يعدد كل فن ، وكل فن يؤديه بلحنه ، حتى وصلنا الطرف ، وأثناء نزوله من السيارة مد يده بالأجرة ، فقلت له : تعطي ولدك أجرة ، فقال هذا حقك ، لم آخذها وشكرني على ذلك وسألني من أنت ولده ؟؟ فأجبته عن سؤاله فقال والنعم أنت ولدنا . وللحديث بقية.. الفنون الشعبية في الأحساء .. صحيفة همة نيوز : أ. عبدالله المطلق .. عند بداية نشأة فرقة الطرف ومن بعدها فرقة شباب الطرف ومن بعدها فرقة سياله للفنون الشعبية بمدينة الطرف ، كنت عضوا إداريا في فرقة سياله ، وكنا نجتمع ونجلس مع كبار السن ، لنستفيد من خبراتهم في مجال الفن الشعبي ونلتقط بعض دررهم الفنية ، الذين يجيدون آدائها ، وكل واحد يقول الزود عندي ، فنحتار كثيرا !! لذلك عندما نتذكر تاريخ أول فرقة شعبية في مدينة الطرف نشأت عام 1335هـ أنشأها الآباء والأجداد وتوارثها الأبناء من الآباء والأجداد .. فلذلك تجد أن فرقة سياله للفنون الشعبية بارزة على مستوى الأحساء خاصة والمنطقة الشرقية والمملكة بشكل عام وما تزال حتى الآن .. هذه المقدمة تدخلنا إلى عالم الغوص في الفنون الشعبية التي تشتهر بها الأحساء ، فإن قلت الغوص فالفن البحري يجيدونه ، وإن قلت الفن الزراعي أيام الحصاد فهم أهل له ، وإن قلت فن البناء فهم يجيدون آدائه من تكوين لبنة البناء حتى الإنتهاء منه . حيث تمتاز المنطقة الشرقية ومنطقة الأحساء خاصة بفنونها الشعبية العريقة ومنها : العرضة وفن دق الحب، وفن الحصاد، الليوة، الفريسة، والصوت .. وكل هذه الألوان الشعبية مستمدة من البيئة الساحلية والزراعية ، والبرية ، تحاكي في معظمها أمواج البحر أو مواسم الحصاد وسعف النخيل ، حيث تطل المنطقة الشرقية على الخليج العربي، وتضم الأحساء مزارع واسعة للنخيل وأجود أنواع التمور .. ولهذه الفنون الشعبية ألحان تعتمد على الطارات والطبول والكفوف بإيقاعات وحركات متميزة، تتابع مع إيقاعات القوافي ( وهي جريد النخل بعد أن يؤخذ منها الخوص ) ، وكذلك يكون معها المناحيز والمهابيش ( وهما آلتان تستخدمان في دق الحب والحصاد ) . أما فن الفريسة فيصاحبه قفص يسمى المنز توجد به الفريسة (وهي على شكل فرس) ويرقص بداخلها شخص يجيد هذا اللون إجادة تامة .. وفن الليوة وهو فن خليجي يؤدى بشكل جماعي، ويشترك فيه الرجال وهم واقفون على شكل دائرة، مصاحبة آلة الصرناي ( وهي آله وترية ) ، والطبل الذي يتميز بإيقاعاته الرائعة. وأما الصوت فهو من الفنون الخليجية، وقد عرف منذ القدم، ويصاحبه العود والمرواس، ويكون على شكل صفين متقابلين، ويخرج منهما اثنان يؤديان رقصات جميلة على نغمات العود والمراويس، ثم يعودان إلى صفيهما من جديد . ومحافظة الأحساء وبحكم قربها من ميناء العقير ، إضافة إلى تغرب بعض رجالها بحثا عن لقمة العيش ، فذهبوا إلى البحرين وقطر وعمان ، واحترفوا مهنة الغوص ، فبعضهم برز في فن النهمة ، والبعض الآخر في إجادة الغوص للبحث عن اللؤلؤ والمحار ، حتى أصبح من المرغوب فيهم بالعمل في الغوص .. ومن خلال المخالطة مع أهل دول الخليج العربي عرفوا بعض الفنون الشعبية التي نقلوها إلى الأحساء ، فأصبحوا يمارسونها في دور الفن التي انتشرت في محافظة الأحساء ، حتى أصبحت متوارثة وتنتقل من جيل إلى جيل . إشتهرت الأحساء بالكثير من الفنون الشعبية ، فالأحسائي يعشق الفن ويطرب له ، وخاصة فيما يتعلق بالحرف والمهن ، فالأحسائي يتغنى بهذه الفنون ليروح عن نفسه سواء كان في مزرعته ، وفي البر والبحر وفي الصحراء ، وفي الصرام ، وفي المجالس ، واكتسب إيضاً مختلف الفنون من خلال الأقوام الوافدة إليه من خارج منطقة الأحساء ، وبرع فيها وأبدع فيها إلى درجة الهيام ، وقد عايشت ذلك بنفسي من خلال لقاءاتي ومقابلاتي بالكثير من الآباء والأجداد ، الذين يشذون بالشعر تارة وبالموال تارة وبالآهات تارة أخرى . فإذا كان لكل بلد فن ، وعلى حسب لهجة أهله ومجتمعه ، فلا غرابة إن اجتمعت فنون مناطق المملكة في منطقة الأحساء ، ففي الأحساء فنون بأسماء هذه المناطق ، ومن خلال مجالسة الآباء والأجداد ومناقشتهم لبعض الفنون التي كانوا يمارسونها في دور الفن التي انتشرت فيها ، حيث أصبح هناك نوع من التنافس بين هذه الدور ، لذا إنتشرت الكثير من الفنون الشعبية من خلال السمرات والسهرات ، كذلك فإن الأحسائي إن مررت على مزرعة ، أو مررت على بيوت تحت التشييد تسمع الغناء يطربك فتتوقف وتشنف آذانك بهذا الطرب الأصيل الذي يشدو به المزارع في مزرعته ، أو البناء وهو يبني ، حتى ركوب الدابة لممارسة مهنة معينة تسمع الحداء والغناء يجذبك ، حتى الغرف من العد ( لسقي وري النخيل ) ، قد يطول بنا الحديث إن تحدثت عن الفنون التي يمارسها الفلاح الأحسائي أو البناء الأحسائي ، أو المطرب الأحسائي ، فالفنون الشعبية الممارسة في الأحساء كثيرة منها مثل : الفن النجدي – والحوطي – والدوسري وجوفي -; وزبيري – وعراقي – وحجازي – وعدني – وصنعاني ولحجي . وحتى أروي ذكرياتي وانا أجمع هذه المعلومات ، فقد إلتقيت بشخصيات من أهالي مدينة الطرف الذين عاشوا حياة البساطة ، وعاشوا حياة الآباء والأجداد ، وما زالت لهم ذكريات ومشاركات في الفنون الشعبية ، وأيام الغوص أرويها للأجيال القادمة .. والحديث عن الغوص ذوشجون وذكريات ، فهو يعتبر مورد الرزق للغاصة ، رجال يمخرون البحر في خضم مهنة المخاطر في كبد البحر الواسع ، طلباً للرزق لهم ولأولادهم . وعندما إلتقيت ببعض من يجيد هذه الفنون ذكر لي الكثير من هذه الفنون الشعبية ، التي قد يستغرب القارئ من مسمياتها ، وأنا واحد منهم ، فكيف بعد طول هذه السنين ، مازال الآباء والأجداد يذكرونها ويحفظونها ، لكن ربما قلة الممارسة وقلة دور الفن أنستهم شيئاً منها ، ولعلي هنا أذكر بعض ماذكره لي الآباء والأجداد ، لعلي أجد تفسيرا ومعنى لكل فن من هذه الفنون الشعبية ربما بعضها إندثر بوفاة أصحابه !! ومن الذين إستطعت أن آخذ من ورثته تسجيلا صوتيا لبعض الفنون البحرية التي يجيدها ، الرجل الفاضل راشد بن محمد المشرف رحمه الله ، فهو بحق موسوعة فنية ، يحفظ الكثير من الفنون الشعبية وخاصة البحرية ، هذا الإرث التراثي الفني ، حفظه عنه أبناؤه وحفدته ، وما زالوا يمارسونه حسب المناسبات ، واذا طلب منهم ذلك .. فهو يحكي ذكرياته مع الغوص ، وما صادفوه من أهوال ، ولكن فنون البحر تشجي الجميع ، فتنسي الجميع الهموم ، رغم بعدهم عن أهاليهم من زوجات وأبناء وبنات وأقارب وأصدقاء !! وعندما يصدح بصوته الشجي العذب ، ينصت الجميع ، وتسمع منهم الحمحمات والهمهمات ، والآهات !! ومما رسخ قيمة هذا الفن أن لديه فرقة شعبية تمارس مختلف الفنون في منزله فهم بين كل فترة وأخرى يقيمون بعض السمرات الفنية ، من أجل إحياء ذكريات الآباء والأجداد ، ومن أجل الإستمتاع بذكريات الغوص في البحر ، وهم يتنقلون في مختلف دول الخليج العربي مابين ( البحرين – قطر – عمان – الكويت ) وسواحل الأحساء من العقير – الجبيل . ولعلني أذكر هنا قصة من القصص التي عشتها بنفسي .. ففي إحدى ذهابي إلى مدينة الهفوف ، وعندما هممت بالعودة إلى مدينة الطرف ، رأيت الرجل ( مسلم بن سعد المرزوق – ويعرف بومهرة ) رحمه الله واقف بجانب سوق القيصرية ، وهو يحمل شثريته ( الشمسية ) ليتظلل بها من حرارة الشمس ، وهو من الرجال مثل مايقال حمامة مسجد وقفت بسيارتي وٍسألته أين ستذهب بوسعد فأجابني : أريد بلادي الطرف ..فقلت له إركب معي فأنا من الطرف ركب معي السيارة رحبت به ، وأعطيته ماء ، وسألته عن قصته مع المسجد الذي بناه ، فقال هذا المسجد مسجدي اقتطعت جزءاً من بيتي وبنيته مسجدا بعدها تأوه تأوهاً طويلا !! فقلت له سلامات يابوسعد ؟؟ الظاهر لك قصة مع الآهات والفن !! سألته هذا السؤال ، وأنا أعرف أنه فنان شعبي ، ذكره لي بعض الثقاة ، استعد في جلسته ، وقال كيف ياولدي ! أنا فنان وأحب الفن الشعبي وخاصة الفنون الشعبية .. عندها أخرجت آلة التسجيل وبدأت أسجل ماذكره من فنون شعبية يعجب منها الجميع .. ومن حرصي على أخذ ماعنده من فنون ، حاولت أن أقلل من سرعة السيارة حتى آخذ منه كل مالديه من فن .. طوال الطريق .. فعلا هذا الرجل حقيقة فنان شعبي أصيل ، حتى من حبه للفن وعشقه ، ذكر لي بعض الفنون الشعبية بلحنها ، وهو يتقلب يمين ويسار لأنه عاش جو فني رهيب ، وبدأ يعدد كل فن ، وكل فن يؤديه بلحنه ، حتى وصلنا الطرف ، وأثناء نزوله من السيارة مد يده بالأجرة ، فقلت له : تعطي ولدك أجرة ، فقال هذا حقك ، لم آخذها وشكرني على ذلك وسألني من أنت ولده ؟؟ فأجبته عن سؤاله فقال والنعم أنت ولدنا . وللحديث بقية.. عبدالله بورسيس

مشاركة :