الاكتئاب اضطراب العصر، وكذلك مرض السكري، الأول لا نعترف به ولا نريد ذكره ونقوم بتخبئته، والثاني نعلن عنه. أحدهم نفسي والآخر جسدي، والغريب أن بينهما ارتباط قوي فالاكتئاب الناتج عن صدمات الحياة هو نفسه الذي قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري. ولقد ثبت علمياً بأن كثيرا من المصابين بمرض السكري قد يصابون بالاكتئاب، نحن لا شعورياً ولأسباب اجتماعية نريد أن نفصل بين الجسد والعقل، وهذا ليس مستنكرا، لأن هذا الفصل كان قائماً لسنوات طويلة حتى تطورت دراسات علم النفس والطب لتربط بين هذا الثنائي، ويكفي أننا نقول: العقل السليم فى الجسم السليم، ونقول: احمر وجهي وزادت ضربات قلبي من الخوف أو الخجل، وكلها دلالات قوية على ثنائي لا يمكن أن ينفصل، ولكن تبقى هناك وصمة اجتماعية للمرض النفسي نحاول ألا يعرف أحد أننا مصابون به. وإن أصيب به أحد من أفراد أسرتنا حبسناه بين جدران منزله، بينما قد نصرح ونعلن عن المرض الجسدي ونحاول جاهدين البحث له عن علاج، مع أن بعض الاضطرابات النفسية أصبحت منتشرة وبدرجة كبيرة، ولن أقول انتشار الاكتئاب بالذات قد يكون حتميا، ولكنه رد فعل طبيعي لما للحياة من ضغوط ومتطلبات وآلام وأحزان ومفاجآت غير متوقعة. لماذا نعترف بالمرض الجسدي كنتيجة لكل ضغوطات الحياة وننكر المرض النفسي؟ أحد علماء النفس اعتبر أن إصابة الفرد بالاكتئاب هو الشيء الطبيعي، وأن عدم الإصابة بالاكتئاب هو غير الطبيعي فى ظل معطيات حياة لا ترحم. لن أتفق معه تماماً؛ ولكن أرى أن الاكتئاب ومدى شدته قد تعتمد على بعض العوامل الوراثية، ولكن من منا لم تأته نوبات من الحزن وفقدان المتعة فى الحياة والرغبة في العزلة واضطرابات فى النوم والأكل كرد فعل للحياة؟ كلها أعراض طبيعية لإنسان يحمل فى داخله قلبا وروحا وكيانا، قد يضعف بين الحين والآخر، نريد ان نفتح عقولنا وقلوبنا لفهم الاكتئاب وكيفية التعامل معه، فهو اضطراب مؤلم قاهر، ولكن دعونا نعرف أنه واقع في رحلة حياة طويلة متعرجة مليئة بالمطبات، دعونا نتعلم كيف نعيش به ومعه، وألا ننكر وجوده، ولا ننسى أن كثيرا من العظماء عانوا من هذا الاضطراب ونجحوا وتفوقوا واشتهروا؛ منهم تشرشل، همنجواي الروائي الشهير، وصلاح جاهين الشاعر المصري الشهير، وبيتهوفن الموسيقار المعروف، والرسام العالمي فان جوخ، والرئيس الأميركي الشهير إبراهام لينكولن، وآخرون كثيرون ليس منا من يسلم من المرض بنوعيه النفسي والجسدي.. وأخيراً خذوا الحياة كما تأتيكم. drhananatallah@hotmail.com لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net
مشاركة :