يستعد مجلس الشورى للتصويت في جلسته بعد غدٍ الأحد على مرسوم بقانون يلزم بوجوب عرض جميع المنازعات الأسرية على مكتب التوفيق الأسري قبل إحالتها إلى المحكمة الشرعية المعنية. ويهدف القانون إلى الإسهام في المحافظة على كيان الأسرة ومنعها من الانهيار باستمرار العلاقات الودية، وتخفيف الضغط على المحاكم بتقليل عدد المنازعات المطروحة عليها لانتهاء الكثير منها بطريق التسوية الودية. ويتضمن مرسوم القانون منح جميع المتقاضين دون تفرقة الحق في اللجوء إلى محكمة التمييز كملاذٍ أخيرٍ وكمحكمة عليا معنية مباشرة بتطبيق صحيح للقانون والسهر على حسن تطبيقه على الأحكام الصادرة عن محاكم القضاء الشرعي بشقيه السني والجعفري، وذلك بجواز الطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية السنية أمام محكمة التمييز دون قصرها على حالة واحدة فقط، في حين اقتصر الطعن على الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية الجعفرية على حالة واحدة للطعن وهي وقوع بطلان في الإجراءات مما أثر في الحكم، وذلك لما لمحكمة التمييز من سلطة تمنحها الرقابة على هذه الأحكام بما ينعكس بشكل إيجابي على المتقاضين باعتبارها ضمانة جوهرية ومطمئنة لهم على اعتبار أن الأحكام ليست بمنأى عن رقابة محكمة التمييز. وأورد المرسوم أحكامـًا تتعلق بتطوير إجراءات التقاضي أمام المحاكم الشرعية، ومنها إعمال نظام التسوية الوجوبي للمنازعات، وذلك بإنشاء مكتب التوفيق الأسري الذي يتولى التسوية بين أطراف النزاع قبل التقاضي، وذلك في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية للولاية على النفس والتي يختص بنظرها القضاء الشرعي ويكون الصلح فيها جائزًا ولم يـُطلب فيها إجراءات وقتيـة أو مستعجلة أو أي من إجراءات التنفيذ. كما أتاح المرسوم بقانون الطعن بالتمييز لذوي الشأن في الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف العليا الشرعية أو من المحكمة الكبرى الشرعية بصفتها الاستئنافية. كما نص على سريان أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون، كما تتبع أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون. ونص المرسوم على إعادة صياغة المادة الأولى من قانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية، ليكون نصّها الجديد في غير الدعاوى التي لا يجوز فيها الصلح والدعاوى المطلوب فيها إجراء وقتياً أو مستعجلاً وإجراءات التنفيذ، يجب على من يرغب في رفع دعوى بشأن إحدى مسائل الأحوال الشخصية للولاية على النفس التي تختص بها محاكم القضاء الشرعي، أن يقدم طلباً لتسوية النزاع إلى مكتب التوفيق الأسري، وإذا رفعت الدعوى ابتداءً إلى المحاكم الشرعية بشأن المنازعات التي تختص بها، في المسائل التي يجوز فيها الصلح دون تقديم طلب تسوية إلى مكتب التوفيق الأسري ليتولى مساعي التسوية بين أطرافها، يجب على المحكمة أن تأمر بإحالة الدعوى إلى مكتب التوفيق الأسري للقيام بمهمة التسوية. كما تضمن مرسوم القانون الجديد إضافة مادتين جديدتين لقانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية، ونصت المادة المستحدثة الأولى على أنه يجب على هيئة مكتب التوفيق الأسري بذل كل ما يلزم من جهد في سبيل تسوية النزاع ودياً حفاظاً على كيان الأسرة، على أن تنتهي التسوية خلال عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب، ولا يجوز تمديد هذه المدة إلا باتفاق الخصوم ولمدة لا تجاوز عشرة أيام أخرى، فإذا تم الصلح أثبت في محضر يوقعه أطراف النزاع ويلحق بمحضر الجلسة التي تم فيها، وتكون له قوة السند التنفيذي وينتهي به النزاع في حدود ما تم الصلح فيه، وإذا لم تسفر الجهود عن تسوية النزاع ودياً في جميع عناصره أو بعضها يرسل الطلب وجميع الأوراق إلى قسم تسجيل الدعاوى ليقوم بقيده كدعوى في موعد أقصاه خمسة أيام من تاريخ تسلمه لملف الدعوى من مكتب التوفيق الأسري، وذلك للسير في الإجراءات القضائية فيما لم يتفق عليه أطراف النزاع، ويعلن الأطراف بذلك. أما المادة المستحدثة الأخرى فنصّت على أنه فيما عدا الحالات التي يجب التقدم فيها بطلب لتسوية النزاع إلى مكتب التوفيق الأسري، ترفع الدعوى بناء على طلب المدعي إلى المحكمة بلائحة تقدم إلى قسم تسجيل الدعاوى. من جانبها قالت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى أنه لا يوجد أي شبهة دستورية في المرسوم سواء من الناحية الشكلية أو الإجرائية أو الموضوعية، فالمرسوم بقانون صدر بموجب المادة (38) من الدستور، وقد توافرت فيه الشروط الواردة في المادة المذكورة من حيث فترة إصداره وعرضه على المجلسين، إذ تنص المادة (38) على أنه إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو في فترة حل مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور. من جانبه أيّد المجلس الأعلى للقضاء التعديل الجديد واعتبره متسقاً مع توجهات تطوير المنظومة القضائية عن طريق تطوير التشريعات المنظمة للإجراءات القضائية التي يمارسها لتحقيق العدالة. في السياق نفسه اعتبر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن المرسوم بقانون لا يخالف الشرع؛ لأنه يحد من الخلافات والنزاعات الأسرية خاصة في المنازعات التي يجوز فيها الصلح، وهذا ما يشجعه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية. المصدر: محرر شؤون البرلمان
مشاركة :