إن التطور الكبير والسرعة القياسية التي تميز عصرنا تدفعنا إلى التماشي مع طبيعة هذا الزمان ونمط الحياة الذي طغى عليه الجانب المادي والعالم الافتراضي كي نكون دائما متواجدين، حيث يجب أن نكون لإرشاد الناس وتوجيههم والرد على أسئلتهم في ظل الكثير من المتغيرات الحاصلة سواء على المستوى الاجتماعي والفكري والاقتصادي والمالي ومختلف المجالات التي تعرضت للكثير من التحولات التي تتطلب أن يتزامن معها الفقه الإسلامي المعاصر. فقه الوعي والأحكام أسلوب معاصر لتلقي المعرفة إننا في هذا الزمن بحاجة ماسة لفقه يدمج بين الوعي والفهم من جهة والأحكام الشرعية من جهة أخرى، وطرح كل ذلك بطريقة معاصرة حديثة يمكن استيعابها وفهمها، وإيصالها إلى جيل اليوم بالأسلوب والكيفية التي يمكنهم فيها تلقي المعلومة بوضوح دون تعقيد، وهو ما يسهل وييسر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء بكل سلاسة. وأن نهجنا ينطلق من قوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، وقوله: {وسنقول له من أمرنا يسرا}. كما أن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) أكد على أهمية تبسيط المعلومات وشرحها وتبيينها للناس عملا بـ {وما جعل عليكم في الدين من حرج}. كما قال (عليه وعلى آله السلام): «إني بعثت بالحنيفية السمحاء». كما حذر من التشدد والغلو في الدين قائلا: «يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، بل دعا دائما إلى انتهاج اليسر في قوله: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا». متغيرات العصر تتطلب فقها معاصرا باعتبارنا علماء، فإننا نبذل جهودا علمية من أجل استنباط فقه معاصر، مبني على منهجيتين: الأولى تتعلق بالفقه الاصطلاحي القائم على الأصالة ومعرفة وتبيان الأحكام الشرعية المستمدة من القرآن والسنة، والمنهجية الثانية التجديد القائم على فقه الواقع والوعي والفهم المتنور استنادا إلى قوله تعالى: {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول}؛ أي لا نفهم، لذلك تم دمج الفقه الاصطلاحي (الشرعي) والفقه اللغوي (الفهم) لننتج (الفقه المعاصر) بلغة سهلة مبسطة ميسرة عصرية واقعية تفهم، بل ويتسنى العودة إليه بيسر وسهولة لإيجاد الأجوبة الشافية، ولا نعقد الأمور على الباحثين على أحكام الشرع، ولكن ندرسها بتمحص ودراية بالعودة إلى النصوص الشرعية ومقاربة ذلك مع مستجدات العصر لاستنباط أحكام تتناسب مع الوضع دون الإخلال بالنصوص ومراعاة اليسر «فقل لهم قولا ميسورا»، بل يجب أن نتأكد من ذلك وألا نبقى منزوين في أحكام كان لها زمانها ومكانها وظروفها وهي لا تتناسب مطلقا مع المتغيرات الحاصلة لأن دين الله جاء لتسهيل الحياة للناس في مختلف مناحي حياتهم، فالله جل جلاله يقول لنبيه (صلى الله عليه وآله وصحبه والأخيار):» فإنما يسرناه بلسانك لنبشر به المتقين»، وعلينا مسؤولية أن نتصدى لهذه المسائل لتنوير طريق الناس وإرشادهم وتسهيل أمور حياتهم والله ولي التوفيق. sayidelhusseini@
مشاركة :