أشرف أبو اليزيد ساردًا بين الرواية وأدب الرحلة كان عنوان الندوة التي أدارها الصديق الروائي فؤاد مرسي، وتحدث فيها الأدباء والنقاد بهاء الصالحي وطارق عبد الوهاب ومحمد أبو الدهب. طارق عبد الوهاب محمد أبو الدهب الندوة نظمها نادي القصة برئاسة الكاتب محمد السيد عيد وبالتعاون مع نقابة المهن الزراعية ونقيب الزراعيين في القليوبية المهندس سامي سعد، واستضافتها النقابة بمقرها على كورنيش النيل في بنها، من الساعة السادسة حتى التاسعة مساء الثلاثاء الأول من أغسطس 2023. وتناول المناقشون أربع روايات: (شماوس) التي ترجمت للإنجليزية والكورية و(31)، و(حديقة خلفية) التي ترجمت للإنجليزية والماليالامية، وبثها مسلسلة البرنامج الثقافي بالإذاعة المصرية، و(التُّرجُمان)، كما تطرق الحديث إلى أدب الرحلة، ومؤلفات الكاتب (سيرة مسافر)، و( نهر على سفر )، و(أيام دمشقية)، و(قافلة حكايات مغربية) الذي تُرجم إلى الأسبانية في جامعة غرناطة… ننشر هنا، بداية، قراءة للروايات كلها، قدمها مقتطفات، وننشرها كاملة، كما كتبها الناقد بهاء الصالحي: بهاء الصالحي حدائقنا ذواتنا قراءة في رواية حديقة خلفية لأشرف أبواليزيد مأزق السرد في القراءة اننا نبحث عن تحقق العنوان بدلالاته عبر جزئيات النص وهنا يعد العنوان مظلة دلالية علي سلوك البطل ومن هنا شبكة العلاقات الدلالية داخل النص تعبر عن حياة جديدة عبارة عن رؤية السارد للعالم مشفوعة بالعلامات العقلية والرؤية المعرفية الخاصة به ليصبح جدل الذات مع العالم لينتج لنا ذاتا ممزوجة بنكهة الواقع ،وبالتالي يصبح العمل الإبداعي منارة تعيد الاعتبار للواقع من باب الرؤية الابداعية للواقع، هنا يصبح الإبداع رؤية معتدة باللغة القادرة على استغلال الدلالات التاريخية والاجتماعية لاستخدامات اللغة. ولكن الجديد في تلك الرواية توظيف التاريخ بمدلوله الإنساني مع التوظيف الراقي لتاريخ شخص مثل كمال الدين حسين بعيدا عن فكرة المباشرة الدرامية ،هنا التماس الحقيقي مع التاريخ ،ليصبح البطل التاريخي في انسانيته مع ادراكه لخلود الإنسان مع تعالي البطل عن الصراعات ،وانعكاس ذلك المشهد علي المواطن البسيط ،ومن هنا تكون فكرة الإنسانية والتعالي علي الألم هي العقدة الرئيسية عبر الرواية ،هنا تصبح العلاقة الدلالاية لتلك القيمة مابين طرفي العلاقة كمال الدين ومجدي محمد المتولي الذي تزوج ابنة اخته ليصبح المجتمعي متجاوزا من حيث ذلك الزواج غير المتكافئ . ولعل توظيف قصة العطاءات التي قدمها كمال الدين من خلال قصره هو وابن عمه ذلك الرأسمالي الذي تماهي مع رأسمال النفط القادم علي حساب دمنا سواء المهدر عبي مسرح سيناء او بدماء البطل الذي قتل لرفضه بيع بيته / تاريخه ، هنا تصبح الرؤية المعرفية مقرونة بذكاء القاص في صياغة البناء المتكامل للعمل الفني ،حيث يتصارع عبر ذلك العمل زمانان يحملان منناقضين ،الزمن الاولي مرتبط بالأرض التي تفرز الجمال كمنتج إنساني متواصل وليس منة من احد فالعطاء المشترك مابين مجدي المتولي وكمال الدين حيث يصبح كلاهما عنصر في سياق تاريخي ،هنا يصبح الورد ومهنة الزراعة مساهمة مصر في التاريخ ليصبح الحب هو الباعث علي الإبداع، ولعل صياغة النهاية بنفي تهمة القتل عن مجدي مع فتح باب عدم النفي عن التهم الاخري ، والزمن الاخر المتصارع هو زمن الاستثمار القائم علي الربحية غير المنبعثة من روح التاريخ ،ولكن من رائحة النفط النتنة التي تزكم الانوف، ولكن جديد ذلك الزمن الجديد ه خيانة جزء من النخبة المصرية التي فقدت قدرتها علي التفرقة مابين الروائح الزكية القادمة من الحديقة الخلفية للفيلا المقامة في كفر السراي حيث التحقق الفعلي في مواجهة زمن البيع والتجريف للتاريخ . هنا علي مستوي توظيف النمط الخاص بالأبطال لتوظيف النمط المعرفي المراد ايصاله ، اما عن أدوات اللغة فقد ورد نمط الخط كدليل علي المفارقة وطرح اكثر من مستوي تعبيري فعندما يتحدث كمال الدين حسين عن ذكرياته عن بدايات الثورة ١٩٥٢ ودوره يكون الخط مختلف مع عدم تظليل الخط ،وكذلك فكرة تقسيم الفصول الخاصة بالرواية فيبدأ من خلال فصل بعنوان جنة بلاناس وهي مسألة تقنية اتبعها ورسخ لها نجيب محفوظ في مقدمة الثلاثية حيث كان الوصف والحديث الداخلي كنوع من تكثيف فكرة التوجيه الشعوري القائم علي الفكرة الرئيسية التي أراد تسويقها دراميا ،ليعكس لنا تراجع مفهوم القيم التي حملها زمن كمال الدين حسين وحالة العزلة تجاه قيم الواقع الجديد ولكنه غير منسحب بل قادر علي العطاء ،وكان ذلك العمل من خلال تراتبية عناوينه رؤية طائر حول فكرة الأرض والنخبة التي تمت صياغة مشاعرها من خلال قانون الربح غير الأخلاقي ثم تراتبية عكسية ، خريف الغياب ثم شتاء العشق ثم رببع السفر ثم صيف العودة . المزيج الإنساني القادر علي المقاومة حيث كمال ومجدي وظاظا في مقاومة الصفوة الممزوجة بنتن النفط وثقافة العلق حيث ابن السمنودي الثاني وتابعه سنجر ،بالتالي تتناسق البنية داخل النص مع الرسالة التي يقدمها القاص ،من مساحة من التباعد. التجربة القصصية القائمة علي قول البيروني اجافيكم لأعرفكم ومن هنا جاء الاستشهاد المرجعي بالهند كثقافة وطريقة حياة من حيث قدرة العلاقات الإنسانية البسيطة علي التواصل الطبيعي القادر علي تجاوز تابوهات موروثة تكسب الحياة جهامة غير مبررة . البعد النسائي في الرواية صورة المرأة جاءت علي سبيل الإشادة بالمرأة المصرية من خلال عرض لنمطين من المرأة : كاميليا تلك المثقفة القادرة علي استيعاب حضارة وثقافة الآخرين والدليل علي ذلك قراءة ( كاما سوترا) ذلك الكتاب الذي اشترته من الهند، هنا نوع من الإشارة الخفية لفكرة الوفاق مابين الحضارة المصرية والهندية وهي قيمة لايدركها جيدا الا من عاش بدول الخليج لفترة طويلة، وكذلك زوجته المصرية، ولكن نمط رجاء زوجته الخليجية اسما الهجين نسبا حيث إدانة لنمط تقارب الغرب مع المال الخليجي فكان الهجين غير قادر علي التوافق مع نمط الحياة. ويبقي السؤال الهام ماهي نوعية الجنس الادبي موضوعيا؟ نزعم انها ادب رحلات في إطار فلسفي حيث يسرد أزمة الصراع علي الريادة الاجتماعية ،بلاد تحت ظل الوفرة المالية ،وبلاد تحت ظل الريادة التاريخية ومن فيهما سيسيطر علي مجريات الحياة العربية ،خاصة مع ذلك الاختلاط القسري مابعد حرب أكتوبر حتي بدايات العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين . رواية ٣١ لأشرف أبو اليزيد أزمة الخصوصية في وهم المعرفة الكاملة الروايات المعنونة بالزمن والتي تحمل نبوءة لزمن قادم ولعل أبرزها رواية جورج اوريل ١٩٨٤ والتي أصدرها ١٩٤٩ وذلك عقب الحرب العالمية الثانية وفكرة تجريد الدولة القاهرة علي مستوي دولي من خلال شخصية الاخ الأكبر الذي يراقب الجميع ويحصي خطواتهم ويدلهم علي مايرتئيه صحيحا وبذلك يقتل فكرة الخصوصية وسيطرة أجهزة المخابرات العالمية في سيطرتها علي مقادير الحياة اليومية ،وقد توافقت فكرة زيوس لتقابل فكرة القدرية التي تروج لتبرير قسوة البشر تجاه بعضهم البعض ،ولعل فكرة الموت الوجودي من خلال استغناء المؤسسة الاقتصادية عن خدمات ذلك الفنان وامامه ٣١يوم لمغادرة الدولة الخليجية ، هنا يبدأ الزمن في عده التنازلي بمثابة خروج الروح من الجسد وبذلك يرتبط تقسيم فصول الرواية تنازليا من ٣١حتي ١ . ولكن فكرة الزمن مع إنهاء العمل الوظيفي أعاد البطل الذي اخذ رقم ٦٦٦ علي الرغم من غياب العنصر النسائي حيث قصة الحب الفاشلة ،والتي لم تكتمل بحكم احساس الفتاة بالفقر واستغلال ابيها لراتبها ،مما اضطر الفتاة للزواج باي شخص والهروب لدول الخليج ، حيث تصبح بيئة العمل هي الفيصل في إدارة الحياة وبالتالي انتشرت فكرة الهروب كحال اساسي لكل رموز ذلك الواقع الذي مارس الاستهلاك دون تأصيل او توافق مع قيم المجتمع الأصلية، وبالتالي جاءت الثروة كعنصر أثراء وليست عنصر تدمير ،ولعل فكرة التعميم قد جاءت مع الترقيم بحكم غياب البعد الإنساني في أداء المؤسسات الربحية ،علاوة علي الرابط العام لجميع شخصيات الرواية حتي الخلايجة أنفسهم يعانون من الاغتراب القادم مع اكتساح اللوثة الاستهلاكية من خلال كم الإغراءات المقدمة من ماكينة الدعاية الغربية. بناء الشخصيات المسخ والتحول القسري تحت ضغط الهزيمة الداخلية التي تفجرت مع قرار إنهاء خدمته وضرورة المغادرة خلال ٣١يوم ولكن الهزيمة اجهضت فضيلة الانتماء مما أدي لكون الغرائز هي المحرك الرئيسي والجامع الأكبر هنا فكرة الالهاء من خلال الإسقاط وازاحة دون المواجهة ،وكذلك هروب ٧٧تلك المرأة من احباطاتها بإنشاء علاقة غير شرعية مع ٣٦٦ ذلك الرجل الذي يدير مؤسسة من خلال سرقة الأفكار والتصميمات الخاصة بمنسوبي مؤسسته ولما كانت الخيانة طابع مشترك حيث قدرية التواجد داخل المؤسسة لعدم امتلاكهم البديل الإنساني القادر علي تحقيق أحلامهم ومن هنا كان التلصص ظاهرة مشرعنة داخل مجتمع الغرباء الذي لايعرف سوي مفهوم التربح غير الأخلاقي. ولكن البعد الصحفي الخاص بالقاص قد جعله يورد الفصلين ماقبل الاخير علي سبيل سرد تاريخ ونماذج ادب المراسلات عند زكي مبارك في الفصلين ٢،٣ حيث يفضل دوما ادماج الجزء التسجيلي في حواريات مابين الابطال كما أسس لذلك نجيب محفوظ في رائعته الخالدة الثلاثية ،حيث كان عمله رصدا لتاريخ الحركة السياسية والفكرية في مصر من خلال المشروع المصري في بداية القرن العشرين. الإضافة النوعية لأعمال أشرف أبواليزيد انها اضافت نوعية من المجتمعات الفرعية في وانعكاسها علي المجتمعات الفرعية ،وهنا تقدم أعماله المعادل الروائي لمبعث التشوهات التي لحقت بالواقع المصري ناتج التداخل القسري مابين ثقافة المجتمعات المستهلكة لمنتج حضاري مغاير مما أفسد العلائق الاجتماعية وخلق صورة مشوهة للأخر حيث قامت فكرة الارتزاق المهدر للكرامة، وبالتالي جاءت علاقة العائدين بواقعهم الأصلي، كنوع من التعويض النفسي عن القهر وبالتالي فقدت الروابط الإنسانية والاجتماعية الموروثة نجاعتها علي ارض الواقع ،وبذلك تتوافق روايتيه حديقة خلفية و٣١ في طرح رؤية معرفية متقدمة ،وهنا مقياس للجودة حيث طرق المسكوت عنه اجتماعيا ،وبذلك تكتسب تلك الأعمال نوعا من التأريخ الاجتماعي لفترة زمنية معينة . روايات الحقيقة هنا المقارنة مابين ١٩٨٤ و٣١ في ان كلاهما نوعا من التراجيديا القادرة علي صرخة النبوءة، فمن اتون الحرب العالمية الثانية والانهيار القيمي لجيل اوريل وكذلك سقوط مجموع القيم التي تربي عليها جيل عاش حلم العروبة فذهب محملا ببراءة الحلم فصدم بواقع ٣١ فكان التشوه الذي عاناه فنقله الي واقعه الأصلي فزاد من تراجعه المادي الي تهتك روابطه المجتمعية . وهنا نجد أنفسنا بصدد التقسيم المدرسي لروايات أشرف أبواليزيد خاصة وانه قد أمتلك ادواته القصصية التقليدية ولكن عمق القضية التي دافع عنها خاصة وانه يقوم بدور مزدوج : اولا هو يفضح ذلك النمط المشوه للمجتمع الكوزموبوليتك الذي استند في بنيته علي التوظيف المختل لفائف الثروة العربيةحيث الولاء التام لفردانية القبيلة وصراعاتها ،هنا نستطيع القول ان بنية الصراع داخل روايات ابواليزيد الاربع هي فكرة الإنسان القيمية المتصارعة علي مفهوم السلطة القائمة علي قهر الاخر ،ليكون البطل دوما عنده من طبقة الانتبلجنسيا كما في حديقة خلفية و٣١ والترجمان . والعقدة الدرامية في الثلاث تبدأ من بداية العمل الروائي ولكن زاوية طرح الصراع مختلفة في الثلاث ،مثل الصراع علي الارض ومفهومها مابين القديم ممثلا في سيادة نمط قيمي قديم وكذلك صفوة تتبع لسلطة رأس المال من خلال خيانة الصفوة ،وكذلك الصراعات الداخلية داخل بنية السلطة الجديدة للمال والتي تحيا داخل مجتمع الوفرة المالية وتمارس سلطتها علي ارض مصر من خلال ٣١ حيث يسوق المؤلف مبررات التشوه القيمي والهيكلي خلال حياتهم في مجتمع الوفرة ،وكذلك خلل مفهوم التبعية لسلطة خفية يجسدها مفهوم المؤسسة الذي يوازي مفهوم الرقمنة الصماء غير ذات القلب ،ولكن الجديد في الترجمان هو احد تبعات الاغراق في محو ذاكرة الطهر كي نستطيع مؤسسة السلطة الخفية كتابة تاريخ لها ولكنها تصبح غير قادرة علي التخلص من منغصات الطهر وكأن الأمر إعادة لإنتاج مقولة ( اخرجوا ال لوط انهم قوم يتطهرون ) هنا يكون البطل عند ابو اليزيد دوما مثقف عنده بديل وعنده قدرة علي العطاء مثل مجدي متولي صاحب القدرة علي البقاء عطاءا ، هنا درجات مقاومة كل طغيان الاستبعاد النفسي والجسدي وقتل الصورة الذهنية . البطل في الترجمان بطل ثلاثي الأبعاد مرتبط بالتوزيع الجغرافي لمكان الفعل الروائي مابين الإسكندرية والكويت وأوروبا حيث يحدث تطور نوعي في نمط المرأة المقدم حيث يكون الوفاء مرتبطة بأم سعد ضد رجاء في حديقة خلفية وكذلك سيطرة نمط المرأة / السلعة في ٣١ ليصبح المرأة / المقاومة بالحب ،كما في نمط فوز في الترجمان ،فهي قادرة علي تحدي مجتمع القيل والقال ذلك المجتمع الذي اجتر الام الثروة وكذلك التركيز علي قيم الرفاهية التي تؤدي إلى الفراغ المنتج للقيم الاستهلاكية المغرقة في الحسية، لتكون المعادلة ( دانيال خيرت +فوز + الترجمان ) في مواجهة كل مستهلكي الثقافة كسلعة وليست رسالة . ولكن السؤال الأهم ماهي النسبة مابين الحقيقة والخيال في روايات أشرف ابواليزيد خاصة مع وهم المقاربة مع شخصيات واقعية ،ولكن ذلك النمط من الروايات اسمه روايات الحقيقة حيث يستند في مرجعيته الي نمط واقعي، يحتفظ جزء من متلقي العمل بكم من الخبرات المشتركة في الواقع ،هنا يحتل التخييل من خلال توافق عدد من الشخصيات مستغلين قدرة الوصف المتاحة للسارد من خلال عمله الصحفي وامتلاكه لناصية اللغة وهو امر أدي الي تحليل واقعي لواقع التوازي في حركة الطبقات ومساحة الاستغلال غير المتناهي لفكرة الطبقات ،خاصة مع الاغراق في تمجيد الذات علي حساب الآخرين. السؤال هنا : ماذا يبقي من ادب أشرف ابو اليزيد بعد مئة عام؟ يبقي الصدق مع امتلاك البلاغة الإنشائية حيث جاء بناء الفصول الروائية ،علي سياسة المتوالية الروائية حيث كل فصل روائي لمشروع روائي مستقل ،لكن ذلك السرد المملوء بالقدرة علي الاختزال مع مهارة الوصف، خاصة في الفصل ١٦ من صفحة ٢١١حتي ٢٢٥ ،ومن هنا تبقي سردية الغانية كنوع من إعادة الاعتبار من خلال وجاهة توصيف الرجال في لحظاتهم الحميمية ،حيث تصبح الحياة نوعا من التعود والقدرة علي التجاوز للألم من خلال رؤية الآخرين من واقع التأمل للأخرين ،فنحن عندما نتجاوز احساسنا بالدونية نستطيع رؤية الآخرين في تناقضاتهم، بذلك يصبح الواقع هو البطل الحقيقي في الواقع، حيث يصبح الابطال مع كونهم مع مهارة السارد نماذج مشوهة الا انها تنتمي جميعها ابي واقع أشد تشوها. هنا فكرة التأريخ الاجتماعي حيث يتجاور الحقيقي مع الخيالي، فيحدث التلقي الجيد مع القدرة علي التأثير وبذلك تبقي النماذج المقدمة نمط مستقل يصلح كنموذج استرشادي ،ولكن الروائي نجح في ربط السارد المنفرد مع البطل الحقيقي المتنقل عبر الرواية ليصبح السارد الفرعي صدي لذات البطل الرئيسي وبذلك يتحقق هدفان رئيسيان : عرض البعد التأثيري للواقع وتداخل البيئات في مجتمع الغربة حيث يحمل كل نمط درامي عدة بيئات داخله ،ليكون الأمر كيف تعيد الغربة ومجتمع الغرباء إنتاج احلام الذوات القادمة من مجتمعاتها حيث حلم الثراء كطريق لتجاوز معوقات الحياة في ارض الحلم ،لم تلبث تلك الشخصيات الا أن تنغرس اقدامها في طين الغربة اللزج، فيصبح جزء من ترس له قدرية الدوران دون خيارات ، وهنا السياق النفسي الذي يحكم طبيعة الشخصيات وكأن تلك الأعمال الروائية الثلاث جزء صارخ بغزو ثقافة الاستهلاك المشوه لدي أطراف العالم . النهاية المفتوحة لروايات أشرف ابو اليزيد تعود الي عدة اعتبارات : تراكم البعد المعلوماتي بحكم ثقافة السارد وعمله الصحفي . امتلاكه لمشروع فكري خاص بصورة المثقف المصري في مجتمع الغربة وتناقضاته هناك . استقصاء نمط التحول الاستهلاكي الناتج عن الوفرة المالية العربية مابعد النفط . تحري التشوهات الني اثرت علي المشروع الحضاري المصري في صيغته الواقعية . الصراع كمحرك درامي عند أشرف أبواليزيد تأتي الرباعية الروائية لأشرف أبواليزيد كمتوالية صراعية مع اختلاف تفاصيلها ، فقد يكون الخلاف حول القدرة علي امتلاك التاريخ كما في حديقة خلفية وأن الاستهلاك قيمة في حد ذاته ،وأن بلاد الوفرة المالية قادرة علي صناعة تاريخ لها من خلال محو تاريخ الآخرين من الواقع الملموس وكذلك فكرة الصراع داخل دائرة الانهيار الأخلاقي كما في ٣١ بحيث يتم معالجة تلك الفقاعة التي التهمت مجتمعا بأكمله كان قابلا للانهيار لأنه لم يتخطى مرحلة القبيلة ليكون الدولة ،وأن فقر الفكر قد طغي علي الثراء المادي الذي لم ينسحب الي فيافي الروح ، أو الصراع من أجل افقاد المنطق الباقي في تلك المتوالية من السقوط بأن تتخذ سلطة الإسقاط الممنهج، لبقايا الضمير المتبقي في شخص الترجمان ذلك الرمز الحريص علي استدعاء العلم والثقافة كألية لاستدراك تلك الوهدة التي تعانيها دول الوفرة النقدية ،مع ان نهاية الرواية قد جاءت وائدة لفكرة من أنبل الفكر وهي الإنسانية القادرة علي تجاوز حدود الأوطان والاعراف الاجتماعية ،حيث جاءت نهاية رواية الترجمان نهاية توفيقية ومفتوحة بما يوحي بالتبشير لمفهوم الوطنية علي مستوي المشاعر ، ربما فعل ذلك لإرضاء شريحة من المتلقين او ربما للتمهيد لجزء ثان من الرواية ،مع تنامي بني الصراع وتوافقها علي فكرة الاستبعاد للأخر، ومن هنا صرخة في مواجهة المتوالية الخاصة بالسقوط لان التوافقية المفرطة ،لاتنتج حوارا مجتمعيا قادر علي خلق المناعة الذاتية داخله وبذلك يصبح قادرا علي تفادي ازماته الدورية ، وذلك يتبدي من خلال صيغة السرد ،حيث يبدأ الحديث سرديا بحديث الذات ثم ينتهي بشهادة السارد حول دور الترجمان في حياته وبذلك يستمر الترجمان كبطل رئيسي حتي في سرديات غيره عن ذاته ،ولعل الذكاء الدرامي للروائي انه أورد سقوطه العضوي ،قد برر تلك المتوازيات السردية المتواترة عبر فصول الرواية . ثم يختم بشماوس ليقرر لنا مفهوم السلطة أمام مفهوم المال وكأن ثقافة الصراع قد تأصلت حتي زاد الكيل فقرر اهل قرية شماوس ذلك الاسم الذي تم استمداده من فكرة الجمع ،ذلك المكان الذي قرر التغلب علي فكرة خوفه ،بعدما يأس من فكرة تفشي القوة الغاشمة في صلب التفكير الجماعي حتي وأن جاءت تلك الفكرة مرتبطة بعدة محاور هامة حول توظيف فكرة الدين من أجل فكرة الحرية وأن الحرية لها ثمنها حتي وأن كان ثمنها فتي وفتاة هما صلب حلم أسرة لاتملك سوي خوفها من العرف والتقاليد، ولعل فلسفة المكان كما وردت في شماوس ،حيث الفيلات الثلاث والتي تحمل ثلاثة نماذج هروبية علي أطراف مدينة بلا قلب هي القاهرة ،ولكن البناء الدرامي هنا من خلال تحليل الإطار المعرفي لشخصيات المواجهة حيث الحرفي الذي هرب من جحيم القاهرة الي شماوس ثم عماد واخته وكذلك مصطفي الصحفي وعم خضير وأمام المسجد ،جاءت تلك التوليفة لتعلن عن استنفار شعبي ضد فكرة الخوف المتأصل ناتج تاريخ من القهر ، هنا يتابع أشرف ابو اليزيد بمهارته الوصفية تطور نمط البطل ، فمن تعادل قوي الشر والخير في حديقة خلفية الي هروب منظم ومتوافق مع آلية التعايش مع مجتمع وظيفي فاسد في ٣١ ثم صمت يؤدي الي جميع الاحتمالات كما في الترجمان ،ثم ينهي ذاك الأمر بضرورة ان تنهض الفئات المتضررة بألية المسخ الممنهج تلك ،في مواجهة المخاطر الناخرة في عظامنا، هنا ذكاء لدي القاص في وحدة همومه كمثقف عضوي راهن علي وعي من يخاطب .
مشاركة :