قوى لبنانية: لا إمكانيّة للمساكنة بين الدولة ودويلة حزب الله

  • 8/12/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - دقت مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية اليوم السبت في بيان مشترك جرس الإنذار محذرة من أن أحداث الكحالة الأخيرة في جبل لبنان تشكل منعطفا سياسيا وأمنيا خطيرا لجهة انفلات سلاح حزب الله مرة أخرى، مجددة تمسكها بحصر السلاح بيد الدولة في مواجه ما أسمته "دويلة" حزب الله. وليست هذه المرة الأولى التي تحذر فيها قوى سياسية من انفلات السلاح وتداعياته على أمن البلاد ونددت مرارا بهيمنة القوة الشيعية المدعومة من إيران والتي تمتلك ترسانة أسلحة ضخمة بينها صواريخ دقيقة ومسيّرات حصلت عليها على الأرجح من إيران أو صنعت في سوريا ونقلت إلى لبنان. وقال بيان الذي صدر عن كل من الكتلة الوطنية وتقدّم  وخط أحمر ولقاء الشمال 3 وتيار التغيير في الجنوب وإئتلاف انتفض للسيادة للعدالة (طرابلس) وعكار تنتفض إن "حادثة الكحالة مع ما سبقها من أحداث أمنية متفرقة تشكل "تطورا سياسيا وأمنيا خطيرا يجعل من كل منطقة وقرية في لبنان، هدفا للاستباحة ودرعا بشريا يتلطى خلفه سلاح حزب الله وكل سلاح خارج سلطة الدولة والمتنقل بين البيوت والمدن والمرافئ". وتابعت تلك القوى في بيانها "على الرغم من تقاعس القضاء ومعه الأجهزة الأمنية والعسكرية عن القيام بواجباتهم، إلا أننا لا نزال نتمسّك بخيار الدولة ومؤسساتها في وجه نقيضها المتمثل بدويلة حزب لله وسلاحها". وطالبت "القضاء وكل الأجهزة الأمنية والعسكرية بتحمل مسؤولياتها عبر فتح تحقيق جدي في ملابسات الجريمة لكشف مصدر هذا السلاح ووجهته وأهداف استعماله وصولا إلى توقيف المعتدين والمتورّطين كافة وسوقهم إلى العدالة". وقالت إن "جلاء الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الاعتداءات المتكررة على الناس على امتداد مساحة الوطن يسبقان قيام أي حوار، على أن يبدأ بالاعتراف بأنّ لا إمكانيّة للمساكنة بين الدولة والدويلة". وقال البيان "إن منطق الفرض والقوة الذي يمارسه حزب الله بحق جميع اللبنانيين يشكل تهديدا لمشروع بناء الدولة ومنع قيامها، حيث إنه عبر حروبه المتنقلة في لبنان والخارج، يطيح بالأمن والسيادة والسلم الأهلي وهو يزيد من خطر الانزلاق إلى مزيد من الفتن وتعميق الانقسام الداخلي، الأمر الذي يُحيي هواجس الحرب الأهلية ويسمح بالاستثمار فيها". وحذر كذلك من أن "استمرار تعطيل انتخاب رئيس الجمهوريّة المتمادي وكذلك الأحداث الأمنية في الأسابيع الأخيرة، تؤكد أنّ مواجهة سعي حزب الله لتكريس الهيمنة هي قضيّة تعني المجتمع اللبناني ككل وليس فئة منه ولا يمكن أن تواجَه إلا بمقاربة تُغلِّب المصلحة الوطنيّة العليا مقابل دفاع الحزب عن مصالح محوره الإقليمي والتي تنطلق من أولويّة استعادة الدولة وتحقيق السيادة وضمان العدالة والحرّية لجميع اللبنانيّات واللبنانيين". وشيعت بلدة الكحالة وسط لبنان أمس الجمعة جثمان فادي بجاني الذي قتل باشتباكات مع عناصر من حزب الله الأربعاء وأسفرت كذلك عن مقتل عنصر من الحزب. ونظمت عائلة بجاني (مسيحية) تشييعا في الكحالة (وسط) حيث استقبل جثمانه حشد من أبناء البلدة والقرى المجاورة وجرى إطلاق مفرقعات وأعيرة نارية في الهواء. وشيّع حزب الله الخميس مقاتلا في صفوفه غداة مقتله في اشتباك أعقب انقلاب شاحنة للحزب محمّلة بذخائر لدى مرورها على طريق عام في بلدة قريبة من بيروت، ما أثار توترا مع سكان البلدة وتبادل إطلاق نار أودى أيضا بحياة أحد أبنائها. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن تحقيقا "بإشراف القضاء المختص" فُتح في "الإشكال" الذي وقع في بلدة الكحالة، وطوقته قوة من الجيش أقدمت على نقل حمولة "ذخائر" من الشاحنة "إلى أحد المراكز العسكرية". وشارك المئات من مؤيدي الحزب في مراسم تشييع أحمد علي قصاص التي أقيمت عصر الخميس في الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وردّد المشيّعون هتافات عدة ورفعوا رايات الحزب الصفراء. وبدأ الإشكال مساء الأربعاء بعد انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، على كوع على طريق الشام الذي يمرّ ببلدة الكحالة ويُعدّ المدخل الرئيسي إلى العاصمة من منطقة البقاع (شرق) الحدودية مع سوريا. وقال مختار الكحالة عبود أبي خليل ليل الأربعاء إن أشخاصا "يرتدون ملابس مدنية" ضربوا على الفور طوقا أمنيا حول الشاحنة. ولدى محاولة السكان الاقتراب منها، أطلقوا النار فقُتل أحد أبناء البلدة ويدعى فادي بجاني. لكن حزب الله اتهم "مسلّحين... بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها"، مشيرا إلى أنهم بدؤوا "برمي الحجارة أولا  ثم بإطلاق النار ما أسفر عن إصابة أحد الإخوة المولجين بحماية الشاحنة"، قبل وفاته متأثرا بجروحه. وتداول مناصرون للحزب صورة لقصاص بزي عسكري، قالوا إنها خلال قتاله في سوريا حيث يدعم الحزب القوات الحكومية منذ 2013 بشكل علني. وشهدت الكحالة توترا على مدى ساعات بعدما تجمّع عدد من أهالي البلدة والقرى المجاورة قرب مكان انقلاب الشاحنة وقطعوا الطريق ومنعوا الجيش من إخراج الحمولة والشاحنة احتجاجا على عبور السلاح في منطقتهم ومقتل مواطن من البلدة. وحمل بعضهم لافتة منددة بـ"الاحتلال الإيراني" للبنان، وأطلقوا هتافات مناهضة لحزب الله. وتمكّن الجيش اللبناني فجرا الأربعاء من رفع الشاحنة وفتح الطريق. وأورد في بيانه أنه يواصل "متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة". وأثارت الحادثة توترا في لبنان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدي حزب الله وخصومه الذين ينتقدون امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة يقول إنها لمواجهة إسرائيل، وتأخذ عليه أطراف في الداخل أنه يستخدمها للتحكّم بالحياة السياسية في لبنان. وهي المرة الثانية التي تحصل فيها مواجهة مماثلة بين عناصر حزب الله وسكان محليين، إذ تسبب مرور شاحنة محملة براجمات صواريخ، بعد وقت قصير من إطلاق صواريخ على إسرائيل في أغسطس/اب 2021، في قرية شويا ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، بتوتر بين الحزب وسكان رفضوا إطلاق الصواريخ من مناطق سكنية. وحزب الله، الفصيل الشيعي المدعوم من طهران، هو الطرف العسكري الوحيد الذي احتفظ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) بسلاحه. ويستقدم شحنات أسلحة من إيران عبر سوريا.

مشاركة :