شيخة الجابري تكتب: وطنٌ لا يُستنسخ

  • 8/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هناك أوطان يصعب استنساخها، وإن حاول بعض الذين يعجبون بنموها وتطورها، مواكبتها والاستفادة من تجاربها والتوأمة معها في تفاصيل تتعلق بمدن بعينها والسير نحو نقل التجارب الناجحة فيها، لتغدو تلك التي تحاول التجريب الوصول إلى ما وصل إليه الوطن الهدف من الاستنساخ. لكن من المهم العلم بأن ليس كل شيء متاح لأن يكون نسخة عن الآخر، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى تجربة دولة الإمارات في الاتحاد والتآلف والتآزر أولاً، وثانياً من حيث التطور والقفزات التي تحققها، ثم مجالات أخرى، كالنمو الاقتصادي والانفتاح السياسي وتمكين المرأة، والإرث الثقافي والحضاري الذي يتميز به وطني الحبيب. بعبارة موجزة وموغلة في الدقة والمعنى، الإمارات وطن لا يُستنسخ، وذلك لاعتبارات كثيرة، أولها الفكر العام والثقافة السائدة. تلك التي تؤمن بقيم كثيرة وعديدة كالتسامح والانفتاح على الآخر، والإيمان بالشراكات الإنسانية طريقاً لتحقيق الريادة والتميز في مجالات عدة، ولا يستغرب المرء أن تحقق هذه الدولة المؤمنة بالإنسانية وسيلة للتواصل أعلى المؤشرات العالمية في مسارات التنمية والتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، وعلوم الفضاء. كل ذلك إذا ما قرأناه وحللناه باهتمام سنجد أنه يصب في مصلحة المجتمع ومن يعيش على أرضه ويتعايش مع أكثر من 200 جنسية ليست عابرة للقارات وإنما جنسيات ارتضى أكثرها أن يعتبر الإمارات وطناً ثانياً له يبادله الحب بالحب. إن من يحاولون استنساخ تجربة الإمارات يجب أن يستنسخوا إنسانية الإمارات أولاً المتمثلة في قيادتها، حفظها الله ورعاها، وهذا ما لم يمكن أن يحدث لأسباب كثيرة لا تُحصى، هذه القيادة التي تبعث بعديد من الرسائل للعالم بأن الأوطان لا تُبنى بالعنف وإنما بالحب، وأن بذرة الخير التي يغرسها الإنسان اليوم، مسؤولاً كان أو فرداً عادياً في المجتمع، سوف تظلل ذات يوم عليه وعلى الآخر. هذه نظرة استشرافية استباقية للكيفية التي يمكن أن يكون عليها شكل العلاقات التي تتبناها الدول ومنها تستطيع العبور إلى المستقبل، وأول تلك الدول الإمارات. جميل أن نرى النموذج الإماراتي في العمران مستنسخاً في بعض البقاع، لكن الأجمل الإيمان بأن التجارب لا تُبنى على الإنشاءات والتطور العمراني، وإنما تؤسس على العلاقات الإنسانية النبيلة التي تحمل القيم، وترفع المبادئ والمُثل العليا، منظومة أخلاقية متكاملة أسس لها «زايد الخير»، وآمن بها أبناؤه والشعب، لذا علا صوت الحب من خلالهم. ولذا كان ولا يزال وسيبقى لبصمتهم الأثر الذي يخرج من عمق الروح ليضرب في عمق القلب، فينشر السعادة في كل مكان.

مشاركة :