شيخة الجابري تكتب: كيف ما شئتَ، لا تكُن

  • 7/25/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بمعنى آخر لا تكُن ما تُفكّر في أن تكونه، فليست كل الأحلام قابلة للتحقق، أو بعض الأمنيات حاضرة القطف، فالكثير مما نتمنّاه لا يحدث ليس لأنه سيئ أحياناً أو غير قابلٍ للتطبيق بل لأن الله في البدء لم يشأ ذلك، ولأننا في المقام الثاني لم نُحسن التفكير، أو نُمعن التدبير والتدبّر فيما بيننا أو فينا، لذا لم يحدث ما شئنا أو أردنا أو تمنّينا أن يحدث. مثلاً إن أردت أن تكون إنساناً فارغاً فلا تفعل، لأن الفارغ لا يستطيع تحقيق إنجاز أو تميز، لأنه يقطع الوقت لنفسه، ولا يتجاوب مع الآخرين، لا يحب التواصل، يكره القراءة، لا يُطوّر علاقاته، لا يُنشئُ عوالم جديدة تربطه أو تصلُه بمن حوله، هو ينحتُ الأيام ويلهث من أجل أن يكون ذا قيمة، غير أن قيمته ناقصة لا تُلبّي ما تحتاجه الأمنية من كفاءة، ومن حضورٍ، ومن خبرات وثقافة تقدّمه للآخر، لذا سيبقى فارغاً، وعليه ألّا يكون كذلك. إن شئت أن تكون مجرد دميةٍ تُحرّكها أصابع المادة، وتستشري في داخلها تفاهات عديدة بمختلف ألوانها وأشكالها، تغدو آلة في يد الرغبة في أن تُصبح حديث الناس، تلهث وراء الحضور الزائف لأنك أردتَ أن تكون عارضاً لنفسك دون ثوابت أخلاقية وقيمية ٍ لأن حلمك الذي شئته هذه حقيقته، مجرد شكلٍ مفرّغٍ من الداخل، أسير لوسائل حديثة عوّدتك ألّا تغفو قبل أن يعرف كل من يتابعك ما شكل سريرك، ولون مخدتك التي ستضع عليها رأسك، ولن تنام ما شئتَ أن تكونه يحاصرك بلمعانه الزائف، لذا لا تكن كما تشاء، بل حاول أن تُحدث الفرق الإيجابي الذي يضعك على خريطة الوقت الصحيح، والطريق الأسلم لك، ولكينونتك كإنسان يستحق الاحترام. وإذا ما شئت أن تسلك طريقاً تعرفُ أن نهايته نفق مظلم سيطبق عليك بعتمته فلا تفعل، عليك أن تنصرف عن العالم الذي يقودك إلى تلك المتاهة الذي ستبلغ بك مبلغاً لم تتوقعه، ذلك أن الأضواء من حولك سرقتك من عقلك، رفقاؤك السيئون من حولك الذين يزيّنون لك الواقع هم في الأصل مسلوبون، تخلّوا عن حقيقتهم، عن طبيعتهم التي صوّرهم الله عليها، سرقتهم الأضواء، والخداع من حولهم، وليالٍ يقضونها خلف شاشات عمياء، جعلتهم «في غيّهم يعمهون» لا تفعل ذلك، تلك أمنية ستقضي عليك، وستضيع في دروب وشعاب مهلكة، لا تخسر ذاتك، أسرتك، واحترام مجتمعك لك.

مشاركة :