قامات وأعلام  من أبناء مدينة سيّد الأنام صلى الله عليه وسلم

  • 8/22/2023
  • 11:36
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حلقة اليوم ..ابن المدينة البار اللّواء الدكتور فيصل جعفر بالي مدير الشؤون الدينية مستشار سمو وزير الدفاع والطيران الأسبق شخصيّة سعودية فريدة من نوعها ، رَجُلٌ من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاضل معروف لدى الكثيرين من أهلها الكرام ، كان مسقط رأسه فيها نشأ على ثَرَاها وتربّى على أرضها وعاش في أحيائها وحاراتها وأحواشها. معروف أيضًا بين أفراد قوّاتنا المسلّحة السعودية على مستوى مملكتنا الغالية من الضُبّاط القلائل إن لم يكن الأوْحَد فيهم مِنَ الذين نالوا شرف استلام خِطَابَ تقاعدهم مكتوب بصيغة صاغ سطوره وعباراته بيده الكريمة صاحب السمو الملكي الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتّش العام رحمه الله تقديرًا وعرفانًا ووفاءً لهذا القائد العسكري المُخلص الأبيّ النَزِيْه بعد أن أمضى في الخدمة خمسة وأربعين عامًا نال شرف مرافقة سموّه الكريم رتلًا من هذه الأعوام. هكذا تعوّدنا من قيادتنا في هذا الوطن الأَغَر التقدير والاحترام والوفاء لكل مُخلص ونزيه من أبنائه عند نهاية خدمتهم وتقاعدهم عَمِلَ هذا الرجُل العسكري على ثغرين وجبهتين ، إحداهما قتالية والأخرى دينية وشرعيّة ، حَمَلَ السّلاح بإحدى يديه وأمسكَ بالأخرى القلم دفاعًا وفداءً وخدمة ووفاءً لوطنه وقادته وأبنائه. إنّه ابن المدينة المنورة البار : اللّواء الدكتور فيصل بن جعفر بالي حفظه الله تَرَدَدتُّ في الكتابة عن هذه القامة القيّمة ذات القيمة العالية صاحبة التاريخ العطر خشية أن أُخفق في إعطاء هذا القائد حقّه في الإشادة والوصف والثناء. لكن في الحقيقة : الذي شدّني للكتابة وخفّف عني وطأة الخوف وأزاح عن كاهلي ثقل التردّد هو معرفتي الشخصية وقُربي من هذه الشخصية النبيلة التي يسمو على ثَغْرِهَا التواضع والنُبل وتتمتّع بسماحة نفس ودماثة خُلق تأسِرُك وتُجبرك على حُبّها والاقتراب منها والكتابة بأريحيّة عنها. ميلادُه ونشأتهُ : وُلِدَ اللّواء الدكتور فيصل حفظه الله عام ١٣٦٠هـ في محبوبته المدينة المنورة وبالتحديد في حارة الأغوات في موقع بيت أبي أيّوب الأنصاري الصحابي الجليل رضي الله عنه جوار المسجد النبوي الشريف وأمام القبر الشريف. التحق طفلا بإحدى الكَتَاتيب بالمدينة لتحفيظ القرآن الكريم ما لبث أن التحق بمدرسة العلوم الشرعية أكمل فيها حفظ القرآن وأكمل دراسته بالمدرسة الناصريّة الذي تخرّج منها عام ١٣٧٥هـ بعدها وفي نفس العام التحق بالمدرسة العسكرية بالمدينة المنورة حتى انتقل إلى كلية الملك عبدالعزيز الحربية بالعاصمة الرياض وتخرّج منها ملازمًا عام ١٣٨٢هـ. مسيرته العسكرية والعلميّة : اشتمل تأهيله العسكري على عدد من الدورات في مجال الدفاع الجوي وحصل على جميع الدورات بامتياز. تقلّد خلال مسيرته رُتبًا عسكرية ومناصب قيادية مُتعدّدة حتى وصل إلى رُتبة لواء ، وفي خضم هذا التسلسل العسكري المشرّف كان شغوفًا بالجانب الديني الشرعي الأمر الذي دفعه للالتحاق بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وهو على رأس عمله العسكري حصل منها على بكالوريوس الشريعة عام ١٣٩٩هـ ، واستكمل تعليمه العالي بحصوله على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام ١٤٠٦هـ قاده ذلك إلى مواصلة رحلته العلمية بحصوله على درجة الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض مع مرتبة الشرف الثانية عام ١٤١٨هـ . هكذا كانت رحلته العسكرية والعلمية المشرّفة التي أهّلته بأن يتبوّأ منصب المدير العام للشؤون الدينية بالقوات المسلحة السعودية ، وازداد هذا القائد المُثقّف العَالِم رفعة عندما نال شرف ثقة قائده الأعلى بتعيينه مستشارًا في مكتب سمو وزير الدفاع والطيران والمفتّش العام إضافة إلى عمله. أُسندت إلى سعادته رئاسة كثير من اللجان المتخصّصة والمهام الخاصة في الجانب الإغاثي وقد أبلى فيها بلاءً حسنًا كما حصل أثناء تدرّجه الوظيفي العسكري على عدة أوسمة ونوط تقديرًا واستحقاقًا ووَفَاءً للنجاحات التي حقّقها في مجال عمله. تقاعده الوظيفي : ظلّ حفظه الله يركض في مضمار عمله العسكري والشرعي حاملًا على أكتافه أمانة السلاح والكلمة ما يُقارب الخمسة والأربعين عامًا ، بعدها وضع السلاح وأعاد اللّثام للقلم عندما صدر قرار تقاعده عام ١٤٢٦هـ بعد سيرة عطرة ورحلة مُشرّفة طويلة تجاوزت السنّ القانوني قضاها في خندق القتال وفي مكتب سمو وزير الدفاع خدمة وفداء للوطن وقادته وأبنائه. جدير هنا قبل الختام أن أذكر جانبًا في غاية الأهمية :عندما أحظى بمجالسة هذا الرجل الفاضل المقدام والحديث معه وتأتي سيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز أراه ينشط ويسترسل بذكر محاسن سموّه الكريم ومواقفه النبيلة والإنسانية وعطاياه السخيّة الحاتميّة السريّة منها والعلنيّة تجاه أبناء وطنه وغيرهم من أبناء العرب والمسلمين ، فضلًا على تلك الأعمال الخيرية والإنسانية التي لاتُعد ولا تُحصى للأمير الراحل في كل بقعة من بقاع عالمنا الإسلامي. يقول اللّواء فيصل : منذ أن تشرّفت بمرافقة سمو الأمير سلطان ولازمتُه سنوات ما قَصَدتُّه يومًا في مساعدة أحد من أهل المدينة أو غيرها في علاج أو في ضائقة أخرى إلّا قضاها فورًا رحمه الله رحمة واسعة. عودته إلى مسقط رأسه : بعد حصوله على التقاعد ، ترجّل الفارس القائد من على صهوة جواده وعاد إلى محبوبته مسقط رأسه المدينة المنورة ، أناخ ناقتَه ووضع رِحَاله على ثراها ليقضي ما بقي من العُمر المديد بإذن الله تعالى في رحابها لِيَحظَى بشرف الجِوَار ويهنأ بسُكنى أكرم مكان وأطهر بلاد بعد أن أدّى الرسالة وسلّم الراية. من خلال ما نعرفه ونُشاهده في حياة ضيفنا الكريم فإنّ كل الشواهد تُشير أنّه رجُل وقائد لا يتثاءب ، ولا يستكين ، ولا يعرف المَلَل طريقًا إليه ، وَهَبَ العُمْرَ كُلّه في خدمة الآخرين ، فمنذ عودته للمدينة أنشأ مجلسًا خاصًا له في مزرعته بالعوالي أشبه ما يكون بالمجالس العلمية والثقافية يستقبل فيه أصدقاءه ومعارفه وطائفة من عامة الناس يقضي لهم فيه حوائجهم ويحلّ مشاكلهم ويُسدي إليهم نصائحه. حفظك الله أبا أسامة ونفع بك وجعل كل ما قدّمته وتُقدّمه لوطنك وقادتك وأبناء أمّتك في ميزان حسناتك يوم القيامة . واعذرني ياسيّدي إذا قصّرت في إعطائك حقك من الوصف والإشادة والثناء فهذا لَعَمْري جُهد المُقل . وإلى اللقاء في حلقة جديدة بإذن الله تعالى مع قامة رفيعة وشخصية جديدة من أبناء مدينة رسول الله صلى الله عليه و آلة وسلم. والله المستعان ،، للتواصل مع الكاتب  ٠٥٠٥٣٠١٧١٢

مشاركة :