يجد الكاتب أحيانًا صعوبة وَثِقَلا عند كتابته عن شخصية استثنائية قيادية مميزة تنفرد بخصائص عالية وتتمتّع بسمات رفيعة ووجه الصعوبة هنا يكمن في البحث عن الكلمات والعبارات التي تتناسق وتتوافق وحجم ومكانة وقيمة هذه القامة. وشخصية هذه الحلقة تُمثّل هذه النوعية بكل حيثياتها ومدلولاتها جمعتني به الصُّدفة ولأول مرّة في مناسبة خاصة سعيدة ، رأيت من بعيد ذلك الرجل المتواضع الأنيق الهادئ الرزين وحوله زُمْرَة من القوم يتبادلون الحديث معه ، أمعنتُ النظر صوبه لعلّي أعرفه ، بعدها تأكدتّ أنّه معالي وزير الحج والعمرة الأسبق ابن المدينة البار : معالي الدكتور بندر بن محمد حجّار. وامتدّ الحظّ السعيد أن أتشرّف بالجلوس على مائدة الطعام التي جلس عليها معاليه حفّزني وشجّعني تواضعه الجَمْ وابتسامته الرقيقة فبادرتُه بالحديث والسؤال عنه ، واستفسرتُ منه عن جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز حفظه الله التي يترأس دفّتها ، أثنى عليها وذكر وصفًا موجزًا عنها بنين وبنات ، وقال معاليه : بالمناسبة زار الجامعة بالأمس القريب وفد طلابي من جامعة هارفارد الأمريكية ، وهذا بالتأكيد مُؤشر على سُمعة الجامعة عالميًا وشرّفني معاليه بدعوة كريمة لزيارة الجامعة ، وشملت الدعوة أيضًا أخي العزيز وصديقي الوفي الذي كنت أجلس بجانبه وشاركنا الحديث المهندس طارق درويش ديولي نائب أمين المدينة الأسبق. في نهاية الحديث استأذنت معاليه أن أكتب عنه ، فطأطأ معاليه رأسه وابتسم وقال نتواصل معًا بإذن الله تعالى اعتبرت إشارة معاليه وابتسامته جواز موافقته وارجو أن يَصْدُق ظنّي معذرةً إذا كنت قد بدأت بهذه المُقدّمة قبل أن أسترسل في الحديث عن سيرة معاليه لأنّي رغبت أن أُبرز الجانب الأخلاقي الراقي وصورة التواضع الرفيع الذي كان يتمتّع بهما معاليه مع الناس. وتأكدتّ من خلال الأريحيّة والنفس الأبيّة التي استشعرتها من تلك الشخصيّة :أنّ رفعة ومكانة وَعَظَمَة وَهَيْبة الرجال العُظماء تكمن في حُسن أخلاقهم وجميل تعاملهم وتواضعهم مع الناس ، لا خلف أموالهم ومناصبهم. ( إنّكم لَنْ تسعُوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوَجْه وحُسن الخُلق ) صدقت ياسيدي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدكتور بندر بن محمد حجار أحد أبناء المدينة المنورة وُلد فيها عام ١٣٧٣هـ ، ونشأ وترعرع في رحابها المُباركة ، تربّى جوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأثّر بأخلاق الجوار المبارك ، درس التعليم العام في مدارسها ، حصل على شهادة الثانوية العامة من ثانوية طيبة والتحق بجامعة الملك سعود بالعاصمة الرياض وحصل منها على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية ، وواصل دراساته العُليا في أمريكا وتمكّن من الحصول على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة انديانا ، بعدها تحصّل على الدكتوراه في الاقتصاد أيضًا من جامعة لفيرا في بريطانيا. له اهتمامات علمية واسعة أذكر منها : تنمية وتمويل المشروعات الصغيرة بالمملكة العربية السعودية ( دراسات منشورة ) ، قضايا الاقتصاد الكلي ، التمويل المصرفي الإسلامي ، وغيره. مشواره العملي حافل بالمواقع والمناصب الحكومية التي من خلالها خدم دينه ومليكة ووطنه المملكة العربية السعودية من أبرز ما شَغِلَ معاليه من مناصب :رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ، عضو في مجلس الشورى ، بعدها عُيّن نائبًا لرئيس مجلس الشورى ، حتى صدر الأمر الملكي الكريم بتاريخ ٢٠١١م بتعيينه وزيرًا للحج والذي أسهب في خدمتها وتطوير مرافقها. بعدها تمّ تعيين معاليه رئيسًا للبنك الإسلامي للتنمية بعد انتهاء عمله في البنك الإسلامي عاد معاليه إلى مسقط رأسه المدينة المنورة لم تُثنيه عودتُه من الركض ومواصلة مسيرة العطاء والعمل فتمّ تعيينه رئيسًا لجامعة سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز حفظه الله بالمدينة. ومعالي الدكتور بندر حياته ومشواره العلمي والعملي حافلاً برتلٍ كبير من الدراسات العلمية والأبحاث والأنشطة والإنجازات العملية التي من الصعب حصرها في هذه العُجالة لكن أقولها بصدق : في اعتقادي ما يعلو على ذلك كُلّه تلك الأخلاق الرفيعة الراقية والهدوء وسماحة النفس ورزانة العقل والتفاني والإخلاص الذي يتمتّع به الدكتور بندر ممّا نال به ثقة ولاة أمرنا وفّقهم الله وأكسبه أيضًا حُبّ الناس. حفظ الله مملكتنا ومليكنا وولي عهدنا وشعبنا الكريم ، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والازدهار. للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢
مشاركة :