الكتاب .. ذاكرة لا تشيخ - قاسم الرويس

  • 3/9/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

من المقرر أن يفتتح هذا اليوم الأربعاء 9 مارس 2016م معرض الرياض الدولي للكتاب تحت شعار (الكتاب ذاكرة لا تشيخ) فكل مكتوب على الورق يعيش على مدى التاريخ موثقاً للمعرفة والثقافة بل حافظاً للعلوم والآداب ومعيناً للباحثين والطلاب لا ينتابه ما ينتاب ذاكرة الإنسان من نسيان وفقدان أو توهم واختلاط، وبقدر التوقعات المنذرة بنهاية عصر الكتاب الورقي والمبشرة بعصر الكتاب الإلكتروني والداعية إلى الهجرة السريعة إلى الفضاء الإنترنتي فإننا نلاحظ متعجبين المزيد من الإنتاج الورقي للكتاب فعلى سبيل المثال يشير خالد اليوسف في دراساته السنوية لحركة التأليف والنشر الأدبي في المملكة العربية السعودية لعام 1435ه/ 2014م حوالي 409 كتب، ولكنها بلغت في عام 1436ه/2015م حوالي 455 كتاباً أي بزيادة 11% تقريباً! ثم أن الأعجب من ذلك هو الإقبال المتزايد على تحويل المواد المنشورة في الفضاء الإلكتروني شيئاً فشيئاً إلى كتب ورقية مطبوعة سواء المنشورة في المواقع والمنتديات والمدونات أو في مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وأيضاً الواتساب وكنت خلال السنوات الثلاث الماضية أتساءل عن التنبؤات المتشائمة بقرب نهاية الورق بينما أشاهد عشرات الكتب تطير من الفضاء الافتراضي إلى عالم الأوراق الحقيقي ولا شك أن لذلك أسباباً أهمها سهولة انتهاك الحقوق الفكرية وافتقاد القيمة المادية إضافة إلى أن المادة الفضائية لا محسوسة ولا ملموسة فلا يشعر المؤلف بأي اتصال روحي مع إنتاجه أو تثمين لإبداعه في جوائز الكتاب أو منصات التوقيع . فإذا كنا نؤمن بأن الإبداع كائن حي فلا عجب أن يحرص صاحبه على تحويله من مخلوق فضائي طائر إلى مخلوق أرضي يمشي على قدميه ويصافح الناس بيديه فيعيش ويتعايش الناس معه دون حواجز افتراضية. وقد قرأت في إحدى المجلات الثقافية أن ذروة تداول الكتب الإلكترونية وانتشارها كان في عام 2012م ثم بدأت في التراجع حيث عاد كثير من الناس إلى الكتاب الورقي مرة أخرى! أما السائد في حركة النشر في العالم العربي اليوم فهو سيطرة النشر الورقي على الساحة مع ميل خجول للنشر الإلكتروني بل إن بعض الكتب تصدر نسخة ورقية أولاً ثم تحول إلى نسخة إلكترونية! أما تحويل الكتب الورقية إلى نسخ pdf فهي عملية مستمرة ومفيدة سهلت الاطلاع على المصادر والمراجع وتبادلها بين الطلاب والباحثين والمثقفين والمهتمين ومع أن الكتاب يظل منسوباً على الأقل إلى مؤلفه إلا أن هذه العملية لا تخلو حقيقة من القرصنة ومصادرة حقوق المؤلف أحياناً كثيرة ولكنها ضريبة دفعها أهون من إصدار الكتاب أو كتابة الأبحاث على صفحات العالم الافتراضي بعيداً عن الورق فلا تنسب إلى مؤلفها أصلاً بل تتخاطفها المواقع وربما سلبت من الانترنت ووضعت في كتاب دون الإشارة إلى مصدرها أو مؤلفها كما حدث مع مدونة الباحث والمخرج محمود صباغ التي وقع صدفة على عديد من موادها بنصه وفصه بين دفتي كتاب تجاهل الإشارة إليها أو إلى صاحبها!! ويبدو أننا سنأخذ وقتاً طويلاً حيث إن الكتاب الورقي سيظل ذاكرة لا تشيخ رغم أنف كل (الفلاشات والهاردسكات) التي كلما اعتمدنا على شيء منها خذلنا في الشدائد وكنا نظن الفيروسات الإلكترونية لا تقدر عليه ولا تخترقه بوجود برامج الحماية فإذا برامج الحماية لم تحم نفسها! وأخيراً فإن معرض الرياض للكتاب الذي ننتظره بشوق في كل عام سيظل أهم معارض الكتاب العربية التي يتمنى كل ناشر المشاركة فيه بسبب الإقبال المتزايد وهو ما يعكسه حجم مبيعاته، مع أهميته الوطنية في إنعاش الحراك الثقافي في بلادنا بأكسجين الفكر والمعرفة لمدة زمنية تدفعه إلى الحياة رويداً رويدا ونحن على ذلك من الشاهدين.

مشاركة :