النزاع حول خور عبدالله بين العراق والكويت دعائي وقابل للحل

  • 9/10/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - أدى قرار المحكمة الاتحادية العراقية في 4 سبتمبر الجاري ببطلان اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين العراق والكويت التي تم توقيعها في العام 2013، إلى إثارة المزيد من الجدل الذي يتجاوز حدود الاتفاقية، ما يجعله، بحسب الخبراء والمسؤولين المعنيين بترسيم الحدود البحرية، جدلا دعائيا ومزيفا لأنه يتجاوز الحقائق التي لا سبيل إلى عودة النقاش بشأنها. وأولى هذه الحقائق هي أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 الذي صدر في 27 مايو 1993، أقر بأن يكون خط الوسط بين الساحلين العراقي والكويتي هو الحدود بين البلدين، وذلك بموجب نتائج عمل لجنة تخطيط الحدود التابعة للأمم المتحدة، والتي اعتبر مجلس الأمن قراراتها نهائية وطالب العراق باحترامها. وفي حين يشكو بعض المسؤولين العراقيين حاليا من أن الكويت أقامت منشآت على طرفها الساحلي، مما أدى إلى تغيير "خط الوسط"، فإن الخبراء يقولون إن هذه الشكوى زائفة، لأن الخط المرسوم في العام 1993 لا يتغير، ولأن كل المنشآت الجديدة، سواء التي أقامها العراق أو التي أقامتها الكويت، ليست صالحة لتعديل الخط. وفي حال اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فمن المرجح أن تحكم بثبات خط العام 1993، كائنة ما كانت التغييرات التي نشأت على الجانبين. ويقول وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي حول التغييرات التي طرأت على الخط إنه “تم تصميم القناة الملاحية والأنابيب النفطية ومسارات الكابلات البحرية من قبل شركة ‘تكنيتال’ الإيطالية بموجب قرار مجلس الأمن، ولكن للأسف الشديد اضطرت الشركة الإيطالية لاحقاً إلى تغيير الحدود البحرية وتضييق الواجهة البحرية للعراق بسبب الجزر التي لم يعترف بها العراقيون سواء نشأت بسبب عوامل طبيعية أو مفتعلة من قبل الكويت فضلاً عن الاتفاقيات السياسية (غير الملزمة) وقرار مجلس النواب لعام 2013 (الذي ألغته المحكمة الاتحادية)، وعلى إثر ذلك تم تغيير مسارات الكابلات البحرية وقامت شركات الكابلات البحرية بمطالبة الوزارة بفروقات مالية تم الاتفاق على إلغائها لاحقاً، فضلاً عن ترتب كلف عالية على تغيير مسار القناة الملاحية". محمد توفيق علاوي: القناة الملاحية والأنابيب النفطية ومسارات الكابلات البحرية صممتها "تكنيتال" الإيطالية محمد توفيق علاوي: القناة الملاحية والأنابيب النفطية ومسارات الكابلات البحرية صممتها "تكنيتال" الإيطالية واستندت المحكمة الاتحادية في قرارها إلغاء الاتفاقية إلى اعتبار التصويت غير دستوري، لأنه لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب كما تنص المادة 61 من الدستور. ويقول خبير الحدود والمياه الدولية العراقي جمال الحلبوسي إن الطول التقريبي للشريط الحدودي غير المرسّم قد يصل إلى 12 ميلًا بحريًا إقليميًا (22.25 كيلومترًا)، يضاف إليها 12 ميلًا بحريًا كونها منطقة متاخمة، إضافة إلى 62 ميلًا أخرى منطقة بحرية اقتصادية. ويضيف أن مطالب الكويت بالنسبة إلى القرارات الدولية انتهت في 27 مارس 2013 بعد إنجاز المرحلة الثالثة من صيانة الحدود البرية بين الكويت والعراق، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي. إلا أن الكويت أنشأت بعض المحطات مثل فشت العيج والكايد التي تعدّها "طبيعية"، وهو ما يرفضه العراق، لأن أي مهندس حدودي لا يمكنه القبول بهذه المحطات على أنها "علامات طبيعية". وكان العراق وجه في أغسطس 2019 شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة اعترض فيها على إنشاء الكويت منصة بحرية في فشت العيج، وهي مساحة من الأرض تقع بعد النقطة 162. ويقول المراقبون إنه لا شك في أن فشت العيج واقعة ضمن السيادة الكويتية، إلا أنها ليست مؤهلة لتغيير خط العام 1993، على اعتبار أنها منشأة لا وجود لها عندما صدر قرار مجلس الأمن في ذلك العام. ويرى خبراء قانونيون أن الأمر لا يستحق الكثير من الجدل، لأن الامتداد الطبيعي لخط الوسط يكفل تسوية الخلاف لما بعد العلامة 162، وإذا أُقر مبدأ أن التغييرات التي نشأت بعد العام 1993 غير ذات صلة بالخط، فإن ترسيم الحدود على أساس امتداد خط العام 1993 سوف يكون ممكنا بصرف النظر عن كل ما تمت إقامته بعده. ويرى الخبير القانوني العراقي علي التميمي أن ترسيم الحدود مع الكويت حُسم في مجلس الأمن الدولي بقرارات بدأت بالقرار 661 لعام 1991 وجميع القرارات اللاحقة، وأنه حتى وإن ظلت الكويت تطالب بالعديد من النقاط الحدودية (الجديدة)، فإن ذلك يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، ويمكن للبلدين تسوية المسألة من خلال الاتفاق الثنائي، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. ويعود جوهر المشكلة بالنسبة إلى العراق إلى أن جزءا كبيرا من ساحله على خور عبدالله لا يصلح لملاحة السفن الضخمة. كما أن هذه المشكلة تمتد إلى ما بعد العلامة 162، مما يعني أن العراق سوف يضطر في النهاية إلى مد منشآته إلى ما بعد تلك العلامة، لكي يصبح ممكنا للميناء أن يستقبل تلك السفن. وهو ما يزيد من تكاليف بناء هذه المنشآت، إلا أنه يوفر سبيلا للتفاوض على خط الحدود من دون توترات مفتعلة، لا من جانب العراق، ولا من جانب الكويت.

مشاركة :