مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي لا تمنع تدفق المهاجرين نحو إيطاليا | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 9/22/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تستشعر السلطات الإيطالية خطورة تدفق المهاجرين غير النظاميين القادمين من تونس نحو سواحلها، لذلك تسعى جاهدة إلى تفعيل مذكرة التفاهم بشأن الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وتونس، عبر تقديم الدعم المالي والاقتصادي، حتى لا تجد نفسها وحيدة في مواجهة الأزمة. تونس - شهدت تونس، في الفترة الأخيرة، تصاعدا لافتا في معدلات الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، لاسيما تجاه سواحل إيطاليا، على خلفية الأزمات الاقتصادية والسياسية في دول أفريقية عديدة، رغم مذكرة التفاهم المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي لمنع تدفق المهاجرين نحو إيطاليا. ويرى مراقبون أن الاتفاق التونسي – الأوروبي الساعي إلى المزيد من التعاون في مواجهة ظاهرة الهجرة، لم يساهم إلى حدّ الآن في تقليص أعداد المهاجرين نحو أوروبا. ويهدف اتفاق الشراكة الإستراتيجية المبرم بين الطرفين في يوليو الماضي، إلى الحد من وصول المهاجرين إلى السواحل الإيطالية، وتوفر مساعدة تصل إلى مئات الملايين من اليوروهات لدعم تونس التي تواجه صعوبات اقتصادية حادّة. وتتضمن الشراكة اتفاقيات بشأن تعطيل نموذج عمل مهربي البشر والمتاجرين بهم وتعزيز مراقبة الحدود وتحسين إجراءات التسجيل والعودة وجميع التدابير الأساسية لتعزيز جهود وقف الهجرة غير النظامية. وتنص مقترحات الاتحاد الأوروبي على مساعدة مالية للاقتصاد الكلي التونسي تصل إلى 900 مليون يورو فور إبرام الاتفاقات اللازمة، إضافة إلى تقديم مساعدات إضافية بقيمة 150 مليون يورو يتم ضخها بشكل آني في الميزانية العامة. طارق الكحلاوي: تونس لا تزال تنتظر الحصول على قسط من الأموال طارق الكحلاوي: تونس لا تزال تنتظر الحصول على قسط من الأموال وغالبا ما تسجّل تونس محاولات هجرة لأشخاص يتحدّرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء في اتجاه أوروبا. ويستخدم معظم هؤلاء الممر البحري من الشواطئ التونسية نحو القارة، مستغلين قرب المسافة التي لا تتجاوز في بعض النقاط 150 كيلومترا بين تونس وجزيرة لامبيدوسا الإيطالية. وتصاعد منسوب القلق الأوروبي والإيطالي خصوصا بشأن إيجاد حلول لاحتواء الأزمة المتفاقمة في الفترة الماضية، ما دفع السلطات الإيطالية إلى المطالبة بضرورة وضع حدّ لتدفق المهاجرين نحو أراضيها أكثر من أيّ وقت مضى. واعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن الاتفاق بشأن المهاجرين غير النظاميين الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتونس، في يوليو الماضي، “لا يزال هو الحل الأكثر منطقية” للأزمة المستمرة في بلادها. جاء ذلك على هامش مشاركتها في اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، بحضور 150 رئيس دولة وحكومة. وأضافت ميلوني أن “المفوضية الأوروبية تعتبر أن مذكرة التفاهم مع تونس يمكن أيضا أن تكون نموذجا بالإمكان استخدامه مع دول أخرى، فنحن نحتاج إلى إتمام هذا النموذج والحصول على الموارد الضرورية، وبعد ذلك يمكن أيضا استخدام المخطط ذاته مع الدول الأخرى في شمال أفريقيا”. من جهته، أعلن نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني، الأربعاء، أنه يعتزم السفر إلى تونس لتوقيع اتفاقية حول الهجرة، حسبما أفادت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء. وأوضح تاياني أن “إيطاليا ترغب في تشجيع الهجرة النظامية، التي تعود بالنفع على جبهات مختلفة مثل التوظيف، فنحن مستعدون لزيادة عدد المواطنين التونسيين الذين يمكنهم القدوم للعمل في إيطاليا بمقدار أربعة آلاف”، مؤكدا أنه “لا بد من حل مشكلة رحيل المهاجرين من أفريقيا عند المنبع، فالمطالبة بجلب المتاجرين بالبشر إلى أوروبا ليس هو الطريق الصحيح”. وعلى الرغم من توقيع مذكرة التفاهم قبل أشهر، قال المتحدث باسم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في البحر الأبيض المتوسط فلافيو دي جياكومو، في تصريح صحفي قبل أيام، إن تونس أصبحت الآن نقطة انطلاق المهاجرين غير النظاميين الرئيسية إلى أوروبا. توافق غير مكتمل الشروط توافق غير مكتمل الشروط وأفاد عبدالرحمن الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن “مذكرة التفاهم المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي لا يمكن أن توقف تدفق الهجرة نحو إيطاليا، ولاحظنا زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين في الفترة الأخيرة”. وقال لـ”العرب”، “أسباب الهجرة الرئيسية تتعلق بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي، وتردي الأوضاع في تونس هو من دفع الشباب نحو الهجرة بالإضافة إلى كونها نقطة عبور وتشهد وصول أعداد كبيرة من مهاجرين قادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء”. وتابع الهذيلي “الشباب لا يهمهم إبرام الاتفاقيات بين السلطات، والمطلوب من الحكومة التونسية أن تنظر بجدية في منوال التنمية وتقوم بمراجعات جذرية برؤية واقعية، ثم تحدد حاجياتها في مرحلة أخرى وتطلب على ضوء ذلك ما تريده من أوروبا”. ووصل نحو عشرة آلاف مهاجر إلى جزيرة لامبيدوسا الأسبوع الماضي، مما وجه ضربة لمصداقية رئيسة الوزراء اليمينية جورجيا ميلوني، التي فازت بمنصبها العام الماضي متعهدة بالحد من الهجرة غير الشرعية. 10 ألاف مهاحر وصلوا إلى جزيرة لامبيدوسا الأسبوع الماضي مما وجه ضربة لمصداقية رئيسة الوزراء اليمينية جورجيا ميلوني وأعلنت السلطات التونسية الأربعاء إحباط 23 عملية هجرة غير نظامية، وإنقاذ 463 مهاجرا من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء وتونسيين خلال اليومين الماضيين، وفق بيان للإدارة العامة للحرس التونسي نشرته على حسابها الرسمي بفيسبوك. وأكّد المحلل السياسي طارق الكحلاوي أن “الطرف التونسي لا يزال ينتظر بعد الاتفاق الحصول على قسط من الأموال لمزيد تأمين الحدود وإنعاش الاقتصاد المحلي المأزوم، لكن هذا لم يحصل، وربما هناك أطراف أوروبية ترفض ذلك”. وصرّح لـ”العرب” بالقول “إيطاليا الآن أصبحت في الواجهة، وهي الآن تكثف من دعواتها حتّى تساند باقي الدول الأوروبية تونس، كما أن الطرف الإيطالي لن يسكت عن ذلك، وهناك حديث عن إمكانية مزيد تشديد الحراسة على الحدود”. وتسارعت وتيرة أزمة المهاجرين في تونس بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد في 21 فبراير ندد فيه بوصول “جحافل من المهاجرين” في إطار “مخطط إجرامي” يهدف إلى “تغيير التركيبة الديمغرافية” في تونس فيما تعرضت السلطات التونسية لحملة انتقادات واسعة واتهامات بالعنصرية. وتعتبر محافظة صفاقس جنوب تونس نقطة الانطلاق الأولى للمهاجرين سواء من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء أو من التونسيين، في عمليات هجرة غير قانونية في اتجاه السواحل الأوروبية. ومنذ بداية العام الجاري وصل إلى إيطاليا أكثر من 126 ألف مهاجر غير نظامي، وهو ما يصل تقريبا إلى ضعف العدد بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2022، وفقا لتقارير إعلامية غربية.

مشاركة :