الكويت- عاد طلاب الكويت إلى جامعاتهم ليكون يومهم (السبت) هو الأول الذي يجري فيه تطبيق قانون الفصل بين الجنسين. ومع توقع العديد من المشكلات الإدارية المتعلقة بتوفير فصول مستقلة لكل جنس على حدة، مما يشكل ضغطا على الكادر التدريسي، فإن المخاوف لا تقتصر على الجامعات وحدها، ولكنها تمتد إلى الصدامات داخل مجلس الأمة بين “النواب الإسلاميين” الذين تمكنوا من فرض أجندتهم على وازرة التعليم، وكذلك بين الطلاب أنفسهم بعد أن حققت “القائمة الإئتلافية” التي يقودها الإسلاميون فوزا ساحقا في الانتخابات التي جرت السبت، مما يؤهلها للسيطرة على اتحاد الطلبة. ويقول مراقبون إن تأثيرات تطبيق قانون منع الاختلاط والقوانين الأخرى التي يفرضها الإسلاميون يمكن أن تشكل تهديدا مباشرا لاستقرار العلاقة بين حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح وبين النواب الليبراليين الذين يتهمونها بالتواطؤ مع التيارات الإسلامية في البلاد. خالد أحمد الطراح: جامعة الكويت أصبحت المأوى الحنون للإسلاميين خالد أحمد الطراح: جامعة الكويت أصبحت المأوى الحنون للإسلاميين وحذر رئيس تحرير صحيفة “السياسة” الكويتية أحمد الجارالله، من اتساع نفوذ “الدولة الدينية العميقة” في الكويت، التي “تنشب مخالبها في مفاصل الدولة، وتسعى إلى فرض رؤاها وتصوراتها على الجميع”. ونسب الجارالله إلى “أوساط سياسية” القول إن “الدولة الدينية العميقة” التي تسيطر على المواقع والمراكز القيادية في الكثير من الوزارات ليست بعيدة عن ملف التعيينات بالمناصب العليا والوسطى الذي يشهد تخبطا غير مسبوق، كانت نتيجته الانزلاق مجددا إلى مربع الأزمات بعدما عجز المعينون عن التعاطي الجاد مع المشكلات ورضخوا لإملاءات التيار الديني. ويقول الإعلامي الكويتي خالد أحمد الطراح إن جامعة الكويت التي لم تسلم من قبضة وتوجيه جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ككل، “أصبحت المأوى الحكومي الحنون لتلك الجماعات على شتى المستويات وكذلك الحال في هيئة التعليم التطبيقي”. وقال إن رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف لم يحسن اختيار عادل المانع عندما نصبه وزيرا للتربية والتعليم العالي من التيار الديني “لممارسة الغزل السياسي مع ما يسمى بلجنة ‘تعزيز القيم’ في مجلس الأمة على حساب التعليم الجامعي المشترك”. وأشار الطراح إلى جمعية المعلمين، التي وقعت تحت قبضة الإخوان والتيار الإسلامي، بأنه كان لها “دور في تعثر وتجميد العديد من القرارات التربوية كمنهج الكفايات ورخصة المعلم، فمثل هذه السياسات التي اتسمت بالمهنية التربوية والتعليمية مات ما مات في المهد وتشوه بالتالي إصلاح التعليم وتطويره”. وسبق لعدد من النواب أن حذروا المانع من الرضوخ للضغط، وهددوه بتعريض منصبه إلى المساءلات إذا ما تراجع عن فرض قانون منع الاختلاط بين الجنسين. وكان من بين النواب الذين خاطبوه مباشرة بتنفيذ القانون: فلاح الهاجري ومبارك الطشة، ومحمد هايف وخالد الطمار وحمد العبيد. وذلك بينما عرضت النائبة جنان بوشهري تعديلا تشريعيا يلغي قانون منع التعليم المشترك، ويترك الأمور التنظيمية داخل القاعات للإدارات الجامعية وهيئة التطبيقي، علاوة على طرح شعب دراسية متنوعة ما بين مشتركة ومنفصلة وفق المتطلبات التعليمية والأكاديمية وبما لا يضر مصلحة الطلبة، على أن تترك حرية الاختيار في التسجيل لهم. اقرأ أيضا: • خارطة تشريعية كويتية تحمل بذور الصدام بين السلطتين وتقول بعض الأوساط السياسية إن اندلاع النزاع بين مجموعة نواب “وثيقة القيم” الإسلاميين، وبين النواب الآخرين سوف يلقي بظلال كثيفة من الشك حول قدرة الحكومة على تنفيذ برامجها التنموية، بما في ذلك المشاريع التي تمت إحالة تنفيذها إلى الصين. وفي حين أعربت هذه الأوساط عن تفاؤلها بتوقيع الاتفاقات المتعلقة بهذه المشاريع “لإحداث نقلة نوعية في مشاريع التنمية بالبلاد”، إلا أنها أعربت عن “أملها بألا يكون مصير تلك الاتفاقات كمصير سابقاتها، حيث تقبع في الأدراج، ولا تجد طريقها إلى التنفيذ على الأرض، بسبب وجود دولة دينية عميقة”. وكانت القائمة الائتلافية التي تضم أعضاء من الأحزاب الإسلامية، مثل حزب التجمع الوطني الإسلامي وحزب العدالة والتنمية، قد حصدت 11 مقعدا من أصل 15 مقعدا في اتحاد الطلبة، فيما حصلت القائمة المنافسة، وهي قائمة “الطلبة الأحرار”، على 4 مقاعد فقط. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تفوز فيها قائمة إسلامية بانتخابات اتحاد طلبة الكويت منذ العام 2012، مما يشير إلى أن قطاع التعليم، وزارة، واتحادا طلابيا، وجمعية معلمين، وإدارات جامعية، قد أصبح تحت قبضة الإسلاميين. يذكر أن “وثيقة القيم” هي وثيقة أعدتها مجموعة من النواب الإسلاميين في مجلس الأمة الكويتي، وطرحت في سبتمبر 2022، قبل الانتخابات البرلمانية، وتهدف إلى وضع إطار عمل تدريجي لإعادة أسلمة الكويت. وقد تم انتخاب 12 نائبا من الموقّعين على الوثيقة في الانتخابات الأخيرة، مما أدى إلى تزايد المخاوف من أن مشروع “الأسلمة” بات قادرا على التمدد من دون عوائق بينما تجري الرياح في الاتجاه المعاكس في دول الخليج الأخرى، بما فيها السعودية.
مشاركة :