لابد أنني كتبت هذا المقال بشكل ما في وقت سابق، هكذا هم الكتاب، يكررون أقوالهم مرات ومرات، الجيد في الأمر أن لا أحد يتذكر ما قاله الأديب في المرات السابقة، فيبقى كلامه جديدًا على الأسماع. هذه السنة قل الاهتمام كثيرا، أو قليلا أو ربما لم يقل اهتمام الناس لكن قل اهتمامي أنا بجائزة نوبل للأدب. لكن، كما هي العادة، خاب ظن الكثيرين، حين تم إعلان الجائزة، لأن الأديب لم يكن معروفا لدينا، وبينما أعلنت دار الكرمة أنها تعرف الأديب وقامت مسبقا بترجمة عملين من أعماله، وقدمت عنه تعريفا مشرفا، يبدي لنا عن استحقاقه الكامل لنيل الجائزة لكن بقي الكثير غير راضين وغير مهتمين بالتعرف على الأديب الذي لم يكونوا يعرفونه. يبدو أن الجوائز بدأت تفقد رونقها وأهميتها، شاهدنا ذلك في جوائز الأوسكار وهو ينسحب على كل الجوائز الأخرى في اعتقادي، لكن نيلها بالتأكيد لا يزال يحمل ذلك البرستيج العريق الذي يتباهى به الفائز وهو يضعه في سيرته الذاتية بافتخار مستحق. بالنسبة لي الجوائز ومن ضمنها نوبل هي طريقتي في التعرف على كتاب لم أكن أعرفهم، تعرفت على كتاب وقرأت لهم فقط من ترشيحات الجوائز، فإذا كنت أستمع إلى الأصدقاء وأقبل ترشيحاتهم لكتب قرأوها، فلماذا لا أقبل ترشيحات لجان مرموقة لجوائز مرموقة. ويحملني هذا إلى التساؤل عن كيفية استقبال القراء من مختلف أنحاء العالم حين نال نجيب محفوظ الجائزة، هل كان لديهم ذلك الامتعاض الذي يشعر به البعض عندنا حين يذكر لهم اسم لم يعرفوه. كنا ممتنين لأن العالم اعترف به وعرفه كما نعرفه، الكاتب العظيم. هل نوبل متحيزة للكتّاب الغربيين، هل هي متحيزة لأوروبا، هل نوبل تخضع لاعتبارات سياسية ما، لا أعرف، وأنا تعبت من تدخلات السياسة في كل الأمور الصغيرة والكبيرة، لذلك لم أعد أهتم، لأن نوبل حتى لو كانت تحت تأثير بعض الأمور التي لا شأن لها بالأدب، فهي في النهاية لن تختار أديبا سيئا، قد يكون أقل شهرة، أو أقل مستوى من كتاب نعرفهم ونحبهم، لكنهم بالتأكيد سيكونون كتاباً مهمين. لذلك مازلت أهتم بنوبل، وبكل جوائز الأدب الأخرى، لأنني أعرف الكتاب العباقرة الذين أحبهم وأتابع كل أدبهم، وأعتبرهم أهم من نوبل ولجنة نوبل، وأعتقد أنه ليس مهما لديهم أو لدي أن ينالوا الجائزة، أو أي جائزة، لأنهم وحدهم الجائزة. أتابع الجوائز، وأتعرف من خلالها على أسماء جديدة، وأعتبر نفسي محظوظة حين أقرأ لأديب جديد لم أكن أعرفه ووجدت أنه يمنح ذائقتي الكثير من المتعة والرضا الذين تبحث عنهما دائماً. شكرا نوبل، شكرا جوائز الأدب، شكرا أن العالم المتوحش الذي نعيش فيه لا يزال يهتم بالأدب ويمنحه الجوائز.
مشاركة :