أكد رواد أعمال أن أزمة النفط ألقت بظلالها على كل القطاعات في المجتمع العماني كما تأثرت بها المصانع الكبرى، مشددين على ضرورة مواكبة تحديات المرحلة بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن أفكار إنتاجية مبتكرة ومدهشة واقتحام ثلاثة مجالات تتيح فرصاً هائلة تتمثل في القطاع اللوجستي والسياحي والتعدين والمحاجر، مطالبين الحكومة بدعمهم من خلال تسهيل الحصول على القروض وتسهيل الإجراءات والتراخيص، خاصة في ضوء توصيات الندوة الخاصة بتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي سبق انعقادها قبل أكثر من عامين في سيح الشامخات بتوجيهات من السلطان قابوس. طالب خبير اقتصادي عماني بارز باستراتيجية جديدة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تتضمن منحها الأولوية المطلقة في كافة المشتريات والخدمات الحكومية التي تسند مباشرة، أو من خلال الشركات الحكومية والتي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 50 ألف ريال. وتوقعت دراسة لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال والمتخصص في التوقعات الاقتصادية نشرت في الربع الأخير من العام الماضي، أن ينمو الاقتصاد العماني بنسبة 3.2% خلال العام الجاري، وأنها ستشهد طفرة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وحصول الشركات المحلية على فرصة للنفاذ إلى سوق جديدة تتمثل في السوق الإيراني، كما أن مشاريع البنى التحتية- مثل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية وتوسعة السكك الحديدية الوطنية - تكتسب أهمية بالغة ضمن سياسات التنويع. خارج الصندوق إبراهيم النبهاني - رائد أعمال ورئيس فرع غرفة التجارة بمحافظة الداخلية- يقول إن أزمة النفط تأثر بها العالم سواء الدول المصدرة أو المستوردة وإن كانت الدول المنتجة الأكثر تضرراً، خصوصاً دول الخليج التي يشكل النفط أكثر من 80% من دخلها القومي، وما زاد المشكلة تفاقماً أنها لم تهيئ نفسها للاعتماد على مصادر بديلة للنفط، يمكن أن تحل محله في لحظة، فما زالت أمامها سنوات لتحقيق تلك المعادلة الصعبة وما ينطبق على دول الخليج ينطبق على سلطنة عمان حتماً رغم أنها خارج منظمة أوبك. ويقول النبهاني أيضاً إن رواد الأعمال تأثروا بانخفاض سعر النفط مثل العديد من القطاعات الأخرى كالمياه والكهرباء والمصانع والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك والقطاع الحكومي والخاص، ويمكن القول إن الخروج من أزمة النفط يتطلب التركيز على ثلاث قطاعات هي القطاع اللوجستي والقطاع السياحي وقطاع التعدين والمحاجر. وبالنسبة للقطاع اللوجستي فهو يتضمن الموانئ والمناطق الصناعية حيث يجب التركيز على الصناعات العملاقة مثل الحديد والصلب والأسمنت والألمنيوم، والاتجاه لتصديرها إلى السوق العالمي ولدينا الموانئ المهيأة لذلك، كما يجب تشجيع الاستثمار الأجنبي ولدينا كل المؤهلات المساعدة، مثل الموقع الجغرافي والمواد الخام ومع إجراء بعض التعديلات على قوانين الاستثمار، وتقديم حوافز أكبر للمستثمرين يمكن أن تصبح السلطنة بوابة الاستثمار الأجنبي في المنطقة. أما بالنسبة للقطاع الثاني الذي ينبغي لرواد ورائدات الأعمال التركيز عليه للخروج من أزمة النفط فهو القطاع السياحي خصوصاً أن السلطنة لديها كل مقومات السياحة من آثار إلى بيئة جاذبة إلى مناخ متنوع، وكل ما ينقصنا هو البحث عن أفكار سياحية مدهشة وخدمة ممتازة وتسويق فعال مع ضرورة التركيز على فتح أسواق جديدة للسياحة العمانية خصوصاً شرق آسيا مثل الصين واليابان وروسيا، فمن غير المعقول أن تكون تلك البلاد جاذبة للسياحة العمانية ولا تكون بلادنا جاذبة لهم. وأخيراً هناك قطاع التعدين والمحاجر، حيث يجب على رواد الأعمال العمانيين التفكير خارج الصندوق والاتجاه إلى الاستثمار في قطاع المحاجر والتعدين يساعد على ذلك أن السلطنة لديها موارد طبيعية هائلة على رأسها الجرانيت والرخام حيث تعتبر ثالث دولة في إنتاجهما، وهذا يتطلب قانوناً جديداً للتعدين والمحاجر مع إشراك الحكومة للقطاع الخاص في إعداده بحيث يلبي مطالبهم ويتحاشى المشكلات التي تعطل استثماراتهم، كما يجب أن نستفيد من أزمة النفط ونعتبر كل ضارة نافعة، ونستغل الأزمة الحالية لمراجعة كل القوانين التي تعطل الاقتصاد العماني عن الانطلاق مثل قوانين الاستثمار الأجنبي والقوى العاملة وغرفة التجارة. التقاط الأنفاس خديجة الطوقي - رائدة أعمال ومديرة القصر الخليجي للتحف والأكسسوارات - تقول إن تأثر رواد الأعمال أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من انخفاض سعر النفط كان متوقعاً باعتبار أن الشركات والمصانع الكبرى تضررت فمن الطبيعي أن تتأثر المشروعات الأصغر حجماً إلا أنها تعتبر أزمة النفط فرصة لالتقاط الأنفاس ومراجعة الخطط وابتكار أفكار جديدة تتماشى مع طبيعة المرحلة سواء طالت الأزمة أو قصرت، وبالنسبة إلي كرائدة أعمال فقد كان نشاطي ينحصر في بيع التحف والأنتيكات والأكسسوارات الحريمي وتجهيز العرائس، وعندما بدأت أزمة النفط منذ عامين قررت الاتجاه إلى مجال جديد يواكب المرحلة ويلبي متطلبات السوق فابتكرت عطر النهضة باستخدام الخامات المحلية في إنتاجه مع إضافة لمسة غربية حتى يصبح خليطاً من سحر الشرق وإثارة الغرب، والعطر خاص للرجال والنساء، وقد قمت مؤخراً بتدشين المشروع حيث اخترت الاسم بمناسبة مرور 45 عاماً على النهضة العمانية الحديثة، وهو العطر الذي يتضمن عدة أنواع كل منها يمثل مرحلة معينة، فعطر عام 1970 يمثل البدايات وله رائحة معينة مستوحات من العقيق العماني..وهكذا، مشيرة إلى أن انخفاض النفط يستوجب البحث عن مشاريع جديدة، وصناعات غير تقليدية تعتمد على المعلومات، فمثلاً السياحة تتطلب التركيز على سياحة المؤتمرات والسياحة البيئية، وحتى يواكب رواد الأعمال تحديات المرحلة، يجب على الحكومة تقديم التسهيلات لهم، سواء في الإجراءات والتراخيص أو في الحصول على القروض وعلى جزء من المناقصات، ولا ننسى أن تلك إحدى توصيات ندوة سيح الشامخات في عام 2013، التي أقرت ضرورة إسناد 10% من المشروعات لرواد الأعمال الشباب. غياب الاستراتيجية ويؤكد محمد بن عبد الله بن حمد الحارثي- رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية أن مشكلات قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في عمان تكمن في بيئة العمل. ووفق تركيبة منشآت القطاع الخاص في السلطنة يتضح أن نحو 88% من المنشآت التجارية التي تمارس نشاطها حالياً يمكن اعتبارها من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة - مؤسسات الدرجة الثانية والثالثة والرابعة - وأن نحو 95% من العاملين فيها من الوافدين بينما لا يتجاوز عدد العمانيين العاملين فيها نسبة 5% من إجمالي العمانيين في القطاع الخاص في الوقت الذي توفر تلك المنشآت 53% من إجمالي فرص العمل للعمالة الوافدة في القطاع الخاص، ومن هذا المنطلق يجب أن يتمثل الدور المحوري لاستراتيجية تنمية المشاريع الصغيرة في وضع السياسات التي تربط سياساتها بآليات تشغيل الباحثين عن عمل من العمانيين، بحيث تكون العمالة الوافدة فيها في أضيق الحدود، وأن الأمر يتطلب إصدار قانون لدعم المنتجات والخدمات العمانية الذي يعرف المنشآت العمانية على أساس إدارتها ونسب العمانيين العاملين بها بدلاً من نسبة ملكيتهم من رأس مالها، وإدراج تلك المنشآت ضمن منظومة سياسة المشتريات الحكومية مع وضع الضوابط والأولويات المنظمة لقيام الوحدات والشركات والمشاريع المملوكة للدولة لشراء منتجاتها وخدماتها على أن تشمل وضع آليات لاستخدام المشتريات الحكومية والمؤسسات العامة كأداة لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، بحيث تمنح أولوية مطلقة في كافة المشتريات والخدمات الحكومية التي تسند مباشرة أو من الشركات الحكومية التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ 50 ألف ريال عماني.
مشاركة :